متاهة الشأن الاقتصادي

30/10/2011 1
حسين ال غزوي

تحول الاقتصادي العالمي إلى ما يشبه المتاهة، تداخلت المصالح الدولية، وتعددت السياسات النقدية، ارتفاعات وانخفاضات غير مبررة، الذهب، النفط، الدولار، الاسواق المالية، ثم التضخم من جهة، والبطالة من جهة أخرى، تثقل كاهل الدول المتقدمة والنامية، فما بالك بالدول المتخلفة.

تثور المجتمعات على حكامها فتبدأ اقتصادياتها تضغف وتهدم بنيتها التحتية، تخرب المطارات، والطرقات والجسور، فتتدخل الدول الكبرى لإنقاد تلك الدول بالمساعدات المالية والانسانية ومن جهة أخرى تتخذ من مصالحها النفطية الهدف الاسمى للخلاص من انهياراتها الاقتصادية.

لقد تم ابتكار العديد من الأدوات المالية ذات الاستراتيجيات المربحة والتي تخفي من تحتها كل طرق الغش والاحتيال والتي تم نشرها عن طريق الحكومات العالمية وتم استغلال العديد من الدول من اجل أنقاد اقتصادياتها، ولكن ما أن تم كشف ذلك، حتى نهارت البنوك وافلست الشركات وسرح الموظفون ودخل العالم في ركود اقتصادي، وتفشت الجريمة وزداد الفساد الاجتماعي، وتم استخدام جميع الوسائل لإنقاد ذلك الاقتصاد العالمي الهش، حقاً نحن في زمن العولمة الاقتصادية ما نراه دليل قوي على ذلك، حين ينهار اقتصاد بلد مثل اليونان فإنك ستتأثر، لا لأنك تصدر أو تستورد، لكن لأن اليونان مرتبطة بأكبر اقتصاد في العالم وهي الوليات المتحدة الامريكية فتتأثر بها شئت أم أبيت، هذا هو الواقع فلا نخدع أنفسنا حين نقول إننا لا علاقة لنا بالاقتصاد العالمي!

حينما تنتشر الجريمة الاقتصادية بأشكال متنوعة وهي من أخطر الجرائم التي تضر المصالح العامة، ارتفاع الاسعار، الاحتكار وغيرها، ويتم استخدامها من قبل البعض سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة.

حتى الطبيعة تثور وتغضب، تغرق مدن، يشرد الملايين وتنتشر الامراض والأوبئة، تسعى الدول لمساعدة بعضها البعض، بعدها تنفق الملايين بطرقاً ملتوية تكون في ظاهرها مساعدة وفي باطنها سرقة.

حال أسواقنا المالية

غدت اسواقنا، أشبه بما يدور في رواية، أحداثها من الواقع، وليست من الواقع بشيء، كل ما يدور في أسواقنا هو أقرب من الخيال إلى الواقع.

القيمة العادلة، مكررات الربحية، عائد السهم، مصطلحات يفهمها المستثمر ويتجاهلها المضارب، تقنع فئة قليلة ويتم نفيها من فئات أخرى، يتفشى الجهل الاستثماري في أسواقنا وتغدو المضاربة صفتاً أساسية في توجيه أسواقنا، فتصبح خطراً على المستثمر حينما يرى أن استثماراته قد تنهار بين عشية وضحاها، لا لأن الشركة خاسرة بل لان الشركة مسيطرة من قبل المضاربين.

هكذا أصبحت أسواقنا، وأصبح المضارب هو المستثمر، والمستثمر هو المضارب، يربح المضارب ويخسر المستثمر، حقا أن أسواقنا تدعوا للتأمل والتفكر قبل الخوض في مستمقع الأسواق.

عجيبا ما يحدث حولنا وما يصيب أسواقنا، حينما يتم إعلان نتائج الشركات وهي تحقق مليارات من الارباح بعد إغلاق أسواقنا، ينتظر المستثمرين ما قد تحقق تلك الاسهم من أرتفاعات فترى عكس ذلك، ما هذه الاسواق المالية، لن نرى مثلها في أي مكان في العالم فهي تسير عكس ما هو مفترض ومطلوب.

ما هذا الذي يحدث ؟ ومن يا ترى يتحكم في أسواقنا ؟ انا وانت لا نعلم من يقف وراء أسواقنا، لقد غدت أسواقنا صورة من صور التخلف الاستثماري.

لن يستطيع سوقنا جدب الاستثمار المحلي فما بالك بالاجنبي، لقد غدت المضاربة هي ما يميز أسواقنا.

لن يكون هناك مجازفة بالدخول في تلك الاسواق، هذه أفكار كل مستثمر وكل خاسر. لقد تم التغرير بالسدج بأن أسواقنا ستحقق أرباح عالية للشركات، توزيعات مجزية، مكررات ربحية منخفضة، ونمو متواصل، حينما كان المؤشر في انطلاقته الصاروخية خرج بعض من يطلق عليهم المحللون على وسائل الاعلان وهم يغردون بأن أسوقنا في تصاعد مستمر، لكن ما أن أنهار السوق حتى تغيرت تلك النبرة وغدت تقول أن تلك الاسعار مبالغ بها، أين ذهبت الاموال؟ هل تبخرت ؟ هل خرجت بدون عودة؟ هل هي محلية أم اجنبية ؟

لا تعجب حين ترى شركات خاسرة قد أرتفعت وتخطت أسعار أفضل الشركات في السوق من ربحية وغيرها، حينما ترى شركة تأمين خاسرة تحلق فوق المائة وسابك تحتها، فتأكد أن أسواقنا مضاربية وليست استثمارية، ولكن لماذا لا تخرج هيئة سوق المال لسن قوانين تحمي المستثمرين أم أن قوانينها تحمي المضاربين !

لمن الغريب أن يثق المستثمر في هذا السوق، حقاً لقد اصبح السوق أداة مقامرة وتسلية لمن يملك المال.