لم يمضي علينا تاريخ 26 فبراير حتى قرع أجراس ذكراه لعام 2006م، حينما انهار سوق الأسهم السعودي، من سقف العشرين آلف نقطة إلى أربعة ألاف نقطة بدون توقف، لقد بقي سر الانهيار أحدى أهم أسرار سوق الأسهم السعودي الذي لم يحل ولم يستطع المحللون أو الخبراء من تحليل أسباب الانهيار.
ولكن ذهب الكثير من المحللين إلى أن السبب الرئيسي هو ما يسمى في التحليل الفني بالقطيع، وهو أحد المسميات التي تنطبق على حال قطيع الأغنام الذين يسيرون مع الجميع ولا يعلمون إلى أين!
مما يذكر في الأوساط الاقتصادية بأن هناك أسباب ظاهرة وخفية !
لنركز على الأسباب الظاهرة وهو ما قد توصل إليه المحللون الماليين، أول تلك الأسباب هو تقديم القروض إلى المواطنين وتشجيعهم على الاستثمار في سوق الأسهم السعودي، ما أقرب الأمس باليوم، اليوم ترى إعلانات البنوك في الصحف و الطرق و التلفاز والانترنت، إنها منافسة حادة من البنوك على تقديم القروض بنسب فوائد متدنية جدا، ما هو السبب في ذلك!
في مناهج البحث العلمي يقوم الباحث بربط مجموعة من المتغيرات بمتغير واحد، لنوضح الفكرة بطريقة سهلة، لنقول أن المتغير التابع هو سوق المال والمتغيرات المستقلة هي (محافظ البنوك، سيولة أجنبية ، دخول محافظ استثمارية ، زيادة نسبة القروض، دخول سيولة من العقار، دخول القطيع ) حينما نربط هذه المتغيرات مع المتغير سوق الأسهم السعودي، سوف يتضح لك مدى علاقة هذه المتغيرات مع ما يحدث في سوق الأسهم السعودي.
أن الهدف من ذكر ذلك هو توضيح أن هناك الكثير من العوامل التي ساعدت في صعود سوق الأسهم في الوقت الحالي ولكن لا يمكننا التكهن بذلك بدون دراسة علمية للتوصل إلى الأسباب الحقيقة وراء دخول هذه السيولة العالية في السوق.
لنعود إلى واقعنا الحالي أن سوق الأسهم يمر اليوم بمرحلة جدا خطرة لمن لم يتعامل مع هذه السوق الغير كفء لكل ما لهذه الكلمة من معنى! لقد أبرز هذا السوق أنيابه لالتهام صغار المستثمرين والمضاربين، فالحذر ثم الحذر من هذا السوق وخاصة حينما تصعد بعض الأسهم بهذه الدرجة من الجنون وهي في حقيقتها شركات خاسرة.
ماذا فعلت الهيئات التنظيمية ( هيئة السوق المالية، مؤسسة النقد السعودي، وزارة التجارة ) ؟ هذا الثالوث لم يقدم لنا حتى الآن أي نتائج ترضي المستثمرين.
فالأولى (هيئة السوق المالية ) لم تستطع حتى الآن من كشف ما حدث في 2006م ولم تفصح عن أسباب انهيار سوق الأسهم السعودي ؟ ولا كيف حرق 2 تريليون ريال من مدخرات المواطنين، مما قد سبب حالات نفسية واجتماعية واقتصادية سيئة جدا في تلك المرحلة.
الثاني (مؤسسة النقد السعودي ) قدم لنا الموافقة على تأسيس مجموعة كبيرة من شركات التأمين ذات رؤوس الأموال الصغيرة والتي لا يمر على عملها أكثر من سنة حتى تنهار وتطلب الموافقة على زيادة رأس مالها. كم شركة تأمين تم زيادة رأس مالها حتى الآن؟ هذا بالإضافة إلى ما قد يتداول بأنه سوف يتم دمج مجموعة من شركات التأمين مع بعضها البعض!
أما الناحية الرقابية فحدث فلا حرج، فالموافقة على منتج واحد يتطلب ما يقارب السنة أو سنتين للموافقة عليها. لماذا لم تقوم هذه الشركات بتقديم منتجاتها المالية حين الطرح العام !
أما الثالث ( وزارة التجارة ) فكان من نصيب الشركات العائلية التي يتم الموافقة على تحويلها إلى شركات مساهمة عامة، وهذه الشركات في الأعم الأغلب هي شركات صغيرة وعائلية، حيث يقوم أصحابها بالتخلص من شركاتهم بطرق ملتوية على المساهمين وبأرباح خيالية! السؤال : ما هي القيمة الاقتصادية المضافة في الاقتصاد الكلي لهذه الشركات ؟
يعرف النشاط الاقتصادي في الدول المتقدمة بتقديم منتجات ملموسة وليس السعي لوضع شركات تقدم خدمات لا تغني ولا تسمن من جوع !
من يقول ذلك،،،، هناك قيمة وهي قيمة اقتصادية لهذه الشركات وهي المضاربة في أسهمها في سوق الأسهم السعودية وتحقيق أرباح لفئات معينة!
أخواني يجب علينا الحذر من الانجراف في هذا السوق وعدم التسرع في الدخول أو الخروج، وينبغي علينا أن لا نلدغ من الجحر مرتين، مرة عام 2006م ومرة أخرى 2012م والله اعلم.
كلام سليم الحذر واجب ولكن إنهيار ما فيه إنهيار على طول... المسألة ستأخذ كم سنة. أتفق 100% مع العجز والتخاذل المشين من قبل مؤسسة النقد وهيئة سوق المال ووزارة التجارة إلى حد أقل. تجار اجتمعوا على هيئة سوق مال غير مؤهلة لمواجهتهم وغير مدركة لحجم المسئولية الملقاة على عاتقها، تدار بعقول مؤسسات حكومية وتنقصها الخبرة في إدارة أسواق المال بشكل مخيف.