التقاطع بين إدارة الأداء والإستراتيجية وإدارة المخاطر

09/06/2022 0
هادي عبد الواحد آل سيف

ذكرناً في المقالات السابقة، حول أهمية الجمع بين تطلعات/طموح المنظمة، وإمكانياتها وقدراتها والبنية الأساسية اللازمة لتقديم تلك القدرات كما أوضحتها الإستراتيجية، مع فهم المخاطر الكامنة في الإستراتيجية ونضيف عليها لتوفير مُدخلات تُساعد في تحديد المقاييس الرئيسية والمستهدفات. هنا، عند هذه النقطة تبدأ إدارة المخاطر بالتقاطع مع إدارة الأداء، فمن خلال تطوير نظرة أكثر شمولية للمخاطر ودمج المخاطر في إدارة الأداء، تكون المؤسسات أكثر قدرة على الإبحار في تحديات البيئة غير المستقرة والمتقلبة اليوم والتعافي بسرعة من المفاجآت الناشئة عن عدم اليقين.

نحدد "إدارة الأداء" على أنها العملية التي يتم من خلالها تحديد أهداف الأداء للمنظمة وعملياتها وموظفيها؛ يتم قياس ورصد التقدم نحو تحقيق الأهداف الموضوعة؛ وتتدخل الإدارة بشكل دوري في ضوء المعلومات المتاحة لتحسين الأداء مقابل الأهداف المحددة. حسناً، كيف يمكن التأكد من رصد الأداء؟ يتم ذلك من خلال "مقياس" ما، أي وضع مقاييس لذلك، يتم وضع مؤشرات أداء، فمؤشرات الأداء هي مقاييس للأداء تم تطويرها لمراقبة التقدم نحو تحقيق الإستراتيجية وخلق قيمة أصحاب المصلحة. يجب أن تمكّن المقاييس المختارة المنظمة من تتبع التقدم نحو تحقيق الأهداف الاستراتيجية، ومراقبة المخاطر والتخفيف منها، والامتثال للسياسات الداخلية والقوانين واللوائح الخارجية.

هذا وينبغي أن تتقارب مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) ومؤشرات المخاطر الرئيسية (KRIs) لإنشاء سلة/حزمة واحدة من المقاييس. إنها الوسيلة الأساسية لإيصال نتائج الأعمال عبر المنظمة. مؤشرات المخاطر الرئيسية (KRIs) تقود الإدارة لمعرفة والتعرف على المخاطر وسيناريوهات المخاطر الحرجة، مما يؤدي إلى مزيج متوازن من المؤشرات الاستشرافية التي تكمل المقاييس الاعتيادية مثل (الجودة، رضا العملاء، الأداء المالي ..ألخ). وهنا من المهم التركيز على الترابط بين المؤشرات، فمثلاً، مؤشر تأخر أو تراكم الصيانة في مصنع تكرير كيميائي، قد يكون مؤشر على مخاطر متعلقة بالبيئة والصحة والسلامة. هذا المثال البسيط هي واحدة من عمليات تحديد الدوافع الرئيسية للنجاح في تنفيذ الإستراتيجية ومن ثم اختيار المقاييس التي تعكس تلك الدوافع. يمكننا الآن أن نفهم كيف يمكن للمخاطر واستجابات المنظمة لها أن تؤثر على تنفيذ الاستراتيجية.

لدمج إدارة المخاطر في إدارة الأداء، ينبغي على المنظمة:

- تحديد أوليات المخاطر بناء على التأثير، واحتمالية الحدوث.

- إنشاء مسار زمني للمخاطر وجذور المسببات لها.

- عمل وتوضيح إلى الترابط بين المخاطر بين الوحدات وعبر المنظمة.

- ضبط التأثير المركب للمخاطر التي تبدو أنها مخاطر مستقلة.

دمج المخاطر مع إدارة الأداء يعني تعزيز المراقبة وإعداد التقارير. حيث تساعد التقارير الفعالة المنظمات على الشعور بالمخاطر والاستجابة لها بشكل أسرع وتقليل آثارها السلبية.

مراقبة الأداء

تعتبر خطط الأعمال بمثابة خارطة الطريق من أجل تحقيق توقعات الأداء على النحو المتوخي في الإستراتيجية، وتحريك ودفع التكتيكات ذات العلاقة بذلك، بما فيها الاستجابة للمخاطر بالشكل المطلوب لتنفيذ خارطة الطريق. وبما أن الخطط الموضوعة ليست مثالية دائماً وتنفيذ هذه الخطط غالباً، ما يصطدم بحواجز أو يخرج عن المسار الصحيح، لذا تلعب المراقبة الفعالة effective monitoring والتقييم الفعال دوراً حاسماً في ذلك. وبالطبع مع إشراك المدراء/المسؤولين بالموارد اللازمة لنشر الإستراتيجية على أعلى مستوى من القابلية للتحقق والمساءلة. 

يمكن تعريف مراقبة الأداء وتقييمه على أنه الإبلاغ المستمر والتغذية الراجعة وردود الفعل لنتائج الأداء مقابل الأهداف. إن رصد الأداء باستخدام مؤشرات الأداء الرئيسية KPIs ومؤشرات المخاطر الرئيسية KRIs تساعد المنظمة في القدرة على قياس معدل التقدم الذي تحرزه تجاه أهدافها الاستراتيجية والتخفيف من المخاطر الحرجة critical risks التي قد تعيق تحقيق الأهداف الإستراتيجية.

عندما تكون الخطط (بما في ذلك الاستجابة للمخاطر) غير فعالة، سواء في كيفية التعبير عنها أو في كيفية تنفيذها، فإن الأداء عادة ما يكون أقل من الأداء المستهدف. عند هذه النقطة، هناك حاجة إلى إعادة تنظيم وتصحيح العملية لضمان اتخاذ إجراءات تصحيحية استباقية، ما في ذلك تعديلات/تسويات الميزانية budgetary adjustments، وإعادة توجيه الموارد، ومعالجة الضوابط، وتحسين العمليات، ووقف بعض الأنشطة، وإدارة التغيير، وإدارة الأزمات وغيرها من التكتيكات المطلوبة.

الحوكمة والتوازن

إستراتيجيات خلق القيمة الهجومية aggressive والضوابط/التدابير التي تحميها تتطلب التوازن لإحداث الفرق على المدى الطويل. هو نفس الجدل والنقاش الكلاسيكي بين الفرص والمخاطر وكيفية إدارة ذلك. عملية الحوكمة تتناول أجزاء متحركة ومتعددة وتجمعها معاً لإدارة هذا التوازن المهم. فهي توفر الإشراف والرقابة على: صياغة الإستراتيجية، حالة المنظمة في تنفيذ execute الإستراتيجية، موازنة أهداف وتطلعات وطموح المنظمة مع نزعتها/رغبتها في المخاطر، توفير آلية لرصد التقدم نحو تحقيق الإستراتيجية من خلال توفير المبادئ التوجيهية والسياسات والحدود والمعايير المناسبة لتشغيل نموذج الأعمال أثناء إدارة المخاطر الكامنة. لابد من التأكيد على أن إدارة المخاطر لا ينبغي أن تكون مُلحقة بإدارة الأداء، لذا من المهم دمج إدارة المخاطر مع وضع الإستراتيجيات وإدارة ومراقبة الأداء للمنظمة، مما قد يساعد المنظمات على تحقيق التوازن المناسب بين إنشاء/خلق وحماية قيمة المنظمة. 

 

خاص_الفابيتا