اقتصاديات موسم الرياض

16/10/2025 0
طلعت بن زكي حافظ

شهد موسم الرياض هذا العام، وتحديدًا يوم الجمعة الماضي، انطلاقة استثنائية وغير مسبوقة، جاءت مختلفة كليًا عن بدايات المواسم السابقة، حيث قد افتُتحت انطلاقة الموسم، بمسيرة ضخمة تميّزت بحضور بالونات Macy’s العملاقة، التي وصلت لأول مرة من نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية إلى العاصمة السعودية الرياض، ضمن موكب ملوّن حافل بالمشاهد اللافتة، تخللت المسيرة أيضًا عروض أدائية واستعراضية مبهرة، إلى جانب مجموعة من العربات التي حملت تصاميم وشخصيات كرتونية ورمزية متنوعة، ما أضفى على أجواء الافتتاح طابعًا احتفاليًا عالميًا، لم يقتصر موسم الرياض هذا العام على انطلاقة استثنائية ونوعية فقط، بل كانت تلك الانطلاقة مؤشرًا واضحًا وبدايةً لموسم مختلف كليًا عمّا سبقه منذ انطلاق الموسم في نسخته الأولى عام 2019.

خلال المؤتمر الصحفي الحكومي في نسخته السادسة والعشرين، والذي استضاف معالي المستشار تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه، أكد معالي المستشار أن نسخة هذا العام من «موسم الرياض» ستشهد مشاركة أكثر من (2100) شركة من مختلف القطاعات، منها ما نسبته (95 %) من الشركات المحلية، عبر إبرام (4200) عقد مع القطاع الخاص.

وأشار معاليه إلى أن موسم هذا العام سيُعزز من مكانة المملكة الريادية في صناعة الترفيه، من خلال استضافة فعاليات عالمية كبرى، تُرسخ من مكانة الرياض كعاصمة للترفيه في المنطقة. كما أكد أن هذه النسخة ستكون محط أنظار صنّاع الترفيه حول العالم، بما تتضمنه من فعاليات ومؤتمرات رائدة، يأتي في مقدمتها مؤتمر «جوي فوروم (Joy Forum)، الذي سيستضيف نخبة من أبرز الشخصيات العالمية في مجالات الترفيه، من بينهم صانع المحتوى الأمريكي الشهير «مستر بيست»، والبطل الرياضي «جون جونز»، وأسطورة كرة السلة «شاكيل أونيل»، إلى جانب عدد من كبار صنّاع المحتوى والترفيه حول العالم.

وأوضح أن منطقة «بوليفارد وورلد» ستواكب موسم 2025 بمحتوى مطور ومتنوع، يتضمن أكثر من (1600) متجر ومحل، و(350) مطعمًا ومقهى، و(40) لعبة وتجربة ترفيهية، إضافة إلى (24) منطقة فرعية، من ضمنها ثلاث مناطق جديدة بالكامل تمثل دول الكويت، وكوريا الجنوبية، وإندونيسيا.

من المتوقع أن تؤتي الفعاليات والأنشطة المتنوعة التي يشهدها موسم الرياض هذا العام ثمارها المرجوة، في ظل الإقبال الجماهيري المتزايد، لا سيما بعد النجاح اللافت الذي حققته النسخة الماضية باستقطاب أكثر من 20 مليون زائر. وهو رقم قياسي يعكس حجم التفاعل الشعبي مع فعاليات الموسم، مدفوعًا بتنوع المحتوى وشموليته لمجالات متعددة، من بينها: الترفيه، والرياضة، والثقافة، والفنون، بما يلبي مختلف الأذواق والفئات العمرية، ويُسهم في تعزيز جودة الحياة في المملكة.

كما وتحمل فعاليات وأنشطة موسم الرياض أبعادًا اقتصادية مهمة، من خلال ما تولّده من عوائد مباشرة وغير مباشرة للاقتصاد الوطني، ومن خلال مساهمتها في رفع الناتج المحلي، فضلًا عن دورها في خلق آلاف الفرص الوظيفية للمواطنين والمواطنات على امتداد فترة الموسم، سيما وأن الموسم يهدف إلى تمكين الكفاءات الوطنية وتطوير صناعة الترفيه في المملكة.

ومن بين الآثار الاقتصادية المتوقعة لهذا الموسم، توفير أكثر من 25 ألف وظيفة مباشرة، وأكثر من 100 ألف وظيفة غير مباشرة، إضافة إلى الإسهام في زيادة أعداد السائحين القادمين من الخارج إلى المملكة من مختلف أنحاء العالم، عبر التأشيرة السياحية التي أُطلقت في عام 2019، مما سيساعد على فتح آفاق واسعة أمام قطاعات الترفيه والضيافة والسياحة، والمساهمة في تنويع مصادر الدخل وتعزيز قوة ومتانة الاقتصاد المحلي.

وعلى صعيد دعم وتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة، يُتوقع أن يسهم موسم الرياض بفعالية في تعزيز هذا القطاع الحيوي، من خلال الاعتماد الكبير على خدمات ومنتجات هذه المنشآت، الأمر الذي من شأنه رفع مساهمتها في الناتج المحلي إلى 35 %، تماشيًا مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، كما ويُسهم هذا التوجّه في تعزيز سلاسل الإمداد والتوريد المحلية، وزيادة المحتوى المحلي، وهو ما سينعكس إيجابيًا على نمو القطاع واستدامته الاقتصادية والمالية على المدى الطويل.

أختم بالقول: إن موسم الرياض لم يعد مجرد موسم ترفيهي عابر، بل أصبح مشروعًا وطنيًا طموحًا يسعى إلى بناء صناعة جديدة في المملكة، وهي «صناعة الترفيه»، التي لم تكن موجودة بهذا المستوى من التنظيم والمأسسة من قبل، هذه الصناعة ستسهم بشكل كبير وفاعل في دعم الاقتصاد الوطني، وزيادة الناتج المحلي، وتنويع القاعدة الاقتصادية، إلى جانب دورها في تحسين جودة الحياة داخل المملكة، ويُعد رفع ترتيب المملكة في مؤشر السعادة العالمي أحد الأهداف المباشرة لهذه الجهود؛ إذ تقدّمت السعودية في العام الجاري إلى المرتبة 32 عالميًا، والثالثة عربيًا، في خطوة تعكس التأثير الإيجابي لمبادرات مثل موسم الرياض.

ويُعتبر الموسم اليوم إحدى أبرز الأدوات الداعمة لهذا التقدّم، في ظل ما يشهده كل عام من تطوّر مذهل في نوعية وتنوع الفعاليات، وتطوير شامل للبنية التحتية والفوقية، وتعزيز البيئة الداعمة للقطاع الترفيهي، كما وأن ارتفاع القيمة التقديرية للعلامة التجارية الخاصة بالموسم لتصل إلى نحو 3.2 مليارات دولار أمريكي (ما يعادل 12 مليار ريال سعودي)، له دلالة واضحة على نمو سمعته عالميًا، وترسيخه كأحد أبرز المواسم والعلامات الترفيهية في الشرق الأوسط والعالم.

 

نقلا عن الرياض