النفط .. العودة للعرض

16/10/2025 0
فواز حمد الفواز

سوق النفط مثل غيره في الأخير يحكمه العرض والطلب ببعض الخصوصيات السياسية، ولكنها عابرة في المدى البعيد. العرض والطلب ليس متماثل التركيز في كل فترة، لذلك من الصعب توقع التوازنات بينهما، وبالتالي الصعوبة في توقع أسعار النفط. قبل 4 إلى 3 عقود تقريبا كان التركيز على العرض من منظار النضوب الطبيعي للنفط بسبب قلة الحقول الواعدة، تغيرت المعطيات التقنية والاقتصادية واستطاع العالم التغلب على شبح النضوب، وبالتالي أصبح التركيز على الطلب. في العقدين الماضيين سيطر على المشهد في العرض إنتاج النفط الصخري وعلى الطلب الدول النامية وخاصة الصين. ربما في تغير مؤثر نحو العودة لتحديات العرض نشرت وكالة الطاقة الدولية تقريرا غير متوقع قياسا على مواقفها السابقة حول النفط عن آفاق العرض.

التقرير دراسة موسعة شملت 15 ألف حقل في كل الدول المنتجة. وصلت إلى أن نسبة النضوب الطبيعية سنويا 5.6% للنفط و 6.8% للغاز الطبيعي عالميا. هناك اختلافات مؤثرة بين المناطق في العالم وطبيعة الحقول في الحجم وإذا هي على الأرض أو بحرية وعميقة وغير عميقة وتقليدي وغير تقليدي فمثلا: الخليج وروسيا الأقل نسبة عند 2.7% مقارنة بحقول صغيره عند 11%، هذه نسب في المتوسط فقط، لأن كثيرا من الحقول غير التقليدية في أمريكا تصل إلى 35%(هناك أيضا تفصيل فني في التعريف لأن الفرق بين البئر والحقل في غير التقليدي نوعي).

النضوب الطبيعي دون استثمارات أعلى عند 8% للنفط ( يعادل 5.5 مليون برميل- يعادل إنتاج النرويج وفينزويلا) 9% أي 270 مليار مكعب من الغاز. نسبة النضوب ارتفعت عالميا، بسبب زيادة حصة الإنتاج من غير التقليدي والبحار العميقة. فبدون استثمارات سيصل إنتاج النفط والغاز إلى 42 مليون برميل و1600 تباعا في 2035. لا بد للاستثمارات أن ترتفع بقوة للمحافظة على إنتاج 2025 نفسه، فمثلا استثمار 500 مليار دولار سنويا حتى 2050، النضوب الطبيعي سيرفع حصة دول الخليج وروسيا من 43% إلى 65% في 2050. حين تصل إلى هذه الأرقام تبدأ مسألة أمن الطاقة تصبح أكثر إلحاحا، فمثلا يتوقع التقرير أن تنخفض تجارة الغاز المسال بنسبة 80% في 2035.

هناك 5  نتائج استخلصتها من قراءتي للتقرير. الأولى: أن التغاضي عن العرض في ظل انتقال الطاقة خطير على أمن الطاقة وتطور الاستثمارات ومرونة نظام الطاقة وتكلفتها مجتمعيا. الثانية: أن الاعتبارات السياسية والاقتصادية قد تعوق أو تحفز الاستثمارات بطرق غير متوقعة، الثالثة: أن مركزية السعودية مستمرة وسترتفع أكثر مع الوقت، فمثلا يشير التقرير إلى أن السعودية وقطر فقط سترفع إنتاج الغاز إلى 2035، بينما النفط السعودية سترفع إنتاجه بمسافة ومن ثم الإمارات، بينما الكويت وكندا بنسبة للعام نفسه، عدا هذه الدول غالبا سيسجل النفط والغاز انخفاضا متنوع الدرجة في الإنتاج.

الرابعة: أن التقنية والاقتصاد في قطاع النفط على علاقة متداخلة عميقة تتغير في التوقيت والدرجة، لكنها ثابتة في الأهمية والاستمرار. الخامسة: أن التركيز على الطلب دون العرض أو العكس خطأ منهجي لم تغفل عنه قيادة السعودية في قطاع الطاقة، إذ نجد ذلك مبكرا ومرارا في طرح وزير الطاقة. التفاؤل والتشاؤم حالة عابرة ربما مع تقلب الأسعار ولكن الحقائق أقوى، لذك مستقبل السعودية سيستمر واعدا.

 

نقلا عن الاقتصادية