قدرت مصلحة الإحصاءات العامة نسبة العاطلين عن العمل من السعوديين (11.7%)، وقدرت عدد العاملين نسبة إلى السكان (35.7%) من إجمالي السكان، وهو ما يعادل (10.9) مليون وقدرت عدد الوافدين (10.1) مليون، ولم توضح عدد العاملين من الوافدين، وكان لابد من ذلك لمعاينة حقيقية واقع سوق العمل، فهناك حاجة لإظهار بيانات تتعلق بنسبة المساهمة الاجتماعية في العمل، وذلك بوضع نسبة بين العاملين من المواطنين والقادرين على العمل ذوي العمر المتدرج بين (15-60) سنة, كذلك هناك حاجة لوضع معايير دقيقة للقياس، فكون أنواع من الوظائف غير مخصصة للمواطنين ومحكمة للوافدين يجعلها خارج القياس فلا تنطبق عليها معايير سوق العمل. مقالي هذه اليوم ليس عن هذا الموضوع إن كان هذا مدخل لأثبات الخلل في سوق العمل مما يجعل أي إحصاءات ذات علاقة به لا تعطي دلالات يعتد بها.
موضوعي اليوم هو استكمال لنقاشي في مقالي الأسبوع الماضي حول أسباب وعلاجات البطالة من وجهة نظري، حيث زعمت أن هناك سبباً هيكلياً يتعلق بضعف قدرة الاقتصاد على خلق وظائف نوعية جديدة، وكون غالبية الوظائف الجديدة هي في قطاع المقاولات والتجزئة، وهي وظائف لا تناسب تأهيل وطموح غالبية طالبي الوظائف السعوديين، كما أن تنافسية الاقتصاد السعودي السعرية تحد من قدرة القطاعات في توفير الوظائف المدخلية والتي لا تحتاج سابق خبرة عملية، لذا لابد أن يكون هناك إصلاح هيكلي للاقتصاد يتمثل في التالي:
1- تنشيط الصناعات النوعية الحديثة، كالألكترونياً والكهربائيات، ودعمها بالمشتريات الحكومية، وتنشيط الخدمات الاستشارية الوطنية والاحترافية في مختلف المجالات، وقصر كثير من الأعمال في هذا الجانب على المؤسسات الوطنية أو تلك التي توظف سعوديين بما يزيد عن (50%) من موظفيها.
2- دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بقصر المشتريات والمقاولات الحكومية التي يزيد مبلغها عن (5) ملايين ريال عليها.
3- تنشيط كثير من الأنظمة التي تسهم في تنظيم العمل الاقتصادي وتحد من التستر مثل نظام (الدفاتر التجارية) ونظام (الحماية من الأحتكار) وترخيص التفيش التجاري وتفتيش العمل لمحترفين مؤهلين.
4- إصلاح نظام المشتريات الحكومية ليعتمد التنافسية التقنية والفنية، بدلاً من التنافسية السعرية. وجعل التصنيف الاتماني للمؤسسات والشركات شرطاً تأهيلياً.
5- تشجيع تطبيقات الحاسب الآلي في إدارة الأعمال، من خلال اشتراط ذلك لكل موردي القطاعات الحكومية والشركات المساهمة العامة.
6- إصلاح نظام التصنيف في المقاولات واعتماد معايير تقوم على مدى استخدام التقنية، وتطبيقات الحاسب في الأعمال والخبرة العملية للكفاءات الموظفة ومدى جودة القدرة على إدارة المشاريع والتخلي عن اعتماد الموجودات الرأسمالية من المعدات والتجهيزات.
7- تشجيع قيام نشاط تأجير المعدات الإنشائية من خلال اشتراط وجود عقد تأجير معدات في كل عقد مقاولات.
8- تشجيع الالتزام بسداد المعاملات المالية، وذلك من خلال توسيع نشاط (شركة سمة) أو ترخيص شركات مماثلة تقوم بتصنيف درجة اتمان المؤسسات ومصداقيتها في تسديد التزامتها، وجعل التصنيف الاتماني إلزامياً لجميع المؤسسات، كما هو الحال بالنسبة للاشتراك بالغرف التجارية.
هذه الإجراءات إن تمت بهذه الصورة أو بصورة أفضل منها ستجعل الاقتصاد السعودي قادراً على خلق وظائف نوعية وذات مردود مالي مجز، وسوف تجعل تعيق عملية التستر أو قيام مؤسسات ضعيفة البيئة التشغيلية، مما يرفع من كفاءاة الخدمات ويتطور العمل التجاري والخدمي، ويمكن من استخدام التقنية، والذي بدوره سيحد من استقدام العمالة قليلة التكلفة ضعيفة التأهيل، عندها سنجد كثيراً من الوظائف قد توفرت للمواطن المؤهل.
في المقال القادم -إن شاء الله- سأتحدث عن المعوقات الاجتماعية ودورها في خلق البطالة المستترة والبطالة الطوعية.
نقلا عن الجزيرة