عقود من الاضطرابات طغت على المشهد العام للشرق الأوسط كان احتلال فلسطين واقامة كيان غاصب على أرضها هو سبب رئيسي بكل هذه الحالة من عدم الاستقرار، ولكن العالم اليوم تغير كثيراً والنظام الدولي الجديد أصبح واقعاً بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وبروز قوى اقتصادية جديدة، أصبحت أقطاباً رئيسية مثل الصين، اضافة للتكتلات بين الدول بمختلف القارات التي أصبحت عنوانا رئيسيا في القرن الحالي فالايديولوجيات سقطت والشعارات أصبحت تباع بأبخس الأثمان، ولا من مشترٍ لها، فعصر التكنولوجيا والانفتاح العالمي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وضع شعوب المنطقة أمام مرحلة جديدة يتطلعون لنهضة تنموية واقتصادية وتحويل أفكارهم لمشاريع لها قيمة، وتدر دخلا كبيرا عليهم؛ فالشرق الاوسط جل سكانه من جيل الشباب وهي ميزة مهمة في زمن ترتفع فيه نسبة كبار السن في الدول المتقدمة الغربية تحديداً وبما أن الشرق الاوسط منطقة حيوية تمثل أهمية بالغة جداً في جغرافيا العالم واقتصاده؛ حيث تتوسط العالم وتربط عدة قارات ببعضها آسيا وافريقبا وأوروبا، وتعد دوله المصدر الأول للطاقة بالعالم، من نفط وغاز، إضافة لثروات معدنية هائلة وسوق استهلاكي ضخم جدا ومجموع عدد سكانه يناهز 800 مليون، فإن دوره يعد محورياً وهاماً في دعم نمو الاقتصاد العالمي ولا يمكن أن يستمر الوضع فيه بشكل مليء بالاضطرابات والصراعات التي أرهقته.
لكن ما يشهده الشرق الأوسط منذ عدة أعوام قريبة يمثل تحولاً مهماً في النهج الذي سيسوده للعقود القادمة، فمن مرحلة الاضطرابات والصراعات سينتقل إلى مرحلة شعارها وعنوانها وهويتها « استقرار وتنمية»، فمنذ أن قامت الدول المعتدلة والتي تتمتع باستقرار منذ تأسيسها بكافة المجالات، وتحديداً دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية بإطلاق رؤى تنموية كبرى تصل منافعها لكل المنطقة وتمثل توجهاً ونهجاً ملهماً لجميع دول وشعوب الشرق الاوسط أصبح الانتقال للمرحلة الجديدة حتمياً فتسارع نمو اقتصاد السعودية وتخطي حجمه حاجز تريليون دولار، والتطور الرقمي والتقني المذهل إضافة لتنشيط كافة القطاعات الاقتصادية لتصبح المملكة هي مقصد المستثمرين وتستحوذ على أكبر المشاريع والفعاليات العالمية، إضافة للثقل السياسي والاقتصادي الذي تتمتع به دولياً ونهجها الذي يدعم الاستقرار والتنمية ويعد بتحولات تجعل من هذه المنطقة الحيوية اوروبا الجديدة فقد اصبح مسار التنمية واقعياً ويتجه لدعم الوصول الى منطقة مستقرة شعارها نهضة بكافة المجالات وتعاون وشراكات اقتصادية وتجارية بقيادة حكيمة من السعودية، وما تشهده العديد من الدول التي عاشت مرحلة طويلة من عدم الاستقرار وحروب أهلية وفوضى من انتقال لاستعادة سيادة الدولة وتوجهها للبناء والاعمار وتغيير جذري بسياساتها مع الخارج الا بداية نحو ما تشهده المنطقة من تغيبر كبير إيجابي.
انتهت مشاريع التدمير وبيع الشعارات الخادعة والاكاذيب التي خدرت شعوب دول عانت كثيراً بالعقود الماضية من نزاعات داخلية ومشاريع خارجية لا منفعة منها ولا تبني اي مصالح تنعكس عليهم، بل صرفت مئات المليارات على افكار متخلفة وبناء مليشيات انهارت في اسابيع ولم تصمد عندما جاءت لحظة المواجهة الحقيقية التي كشفت أنهم وجدوا لتدمير دولهم وخدمة اجندة دول اقليمية ليس اكثر، ولم تستطع تلك الدول ان تحميهم بل ذرفت الدموع ومازالت تدفعهم لمزيد من التهور حتى تبعد الخطر عنها لكن كل ذلك سقط ولا مجال لتغيير الواقع الجديد، اما أن يتحولوا لدول ايجابية منهجها يتماشى مع التحول الجديد بالشرق الأوسط الذي سيكون مزدهراً وإلا سيبقون خارج الزمن ومصيرهم في مهب الريح.
نقلا عن الجزيرة