عادت أسعار الأسهم في الأسبوع الماضي إلى الانخفاض، وتمكن المؤشر العام من الاستقرار بالكاد فوق مستوى 13 ألف نقطة، بعد أن انخفض دونها بنحو 400 نقطة في الأيام الأولى وسط عمليات جني أرباح أو للخروج بخسائر أقل.
ولأن التراجع لم يقتصر على بورصة قطر، وإنما كان سمة عامة لمعظم الأسواق في المنطقة وفي الولايات المتحدة، فإن ذلك التراجع قد بدا طبيعيا بعد سلسلة من الارتفاعات.
وما نقوله دائماً أن التراجعات تبدو ضرورية وصحية في مواسم معينة كهذا الموسم الذي تلا توزيع أرباح عام 2013، والإفصاح عن نتائج الربع الأول من العام 2014.
على أن للانخفاض الحالي في الأسعار والمؤشرات وجه آخر، ودوافع أخرى تجدر الإشارة اليها، فقد تم الترويج بشدة في الشهر الأخير إلى أن الترفيع المنتظر لأسهم بعض الشركات القطرية من جانب مؤسسة مورجان ستانلي، سوف يعمل على جذب المزيد من الاستثمارات للبورصة القطرية.
وقد جاء اليوم الموعود وتم إعتماد أسماء عشرة شركات نصفها من قطاع البنوك، والنصف الآخر من شركات أخرى كبيرة.
لكن الاستثمارات الأجنبية لم تتدفق على النحو المنتظر، وكان ذلك طبيعياً ومتوقعاً حيث أُعلن من قبل أن الترفيع لأسهم هذه الشركات سيتم في الثاني من يونية القادم.
وكانت النتيجة حدوث جولة من عمليات البيع بانتظار المرحلة القادمة التي ستبدأ في الثاني من يونيو. وربما كان ما حدث من انخفاض في مستويات الأسعار، أمراً مطلوباً لجهة تصحيح مكررات الربح للأسهم بعد أن تجاوزت في كثير من الشركات المستويات المقبولة والآمنة.
ومع انخفاض الأسعار والمؤشرات، فإن إجمالي التداولات اليومية قد عادت إلى التأرجح دون مستوى المليار ريال، بعد أن كان قد ارتفع قريباً من المليارين في ذروة الارتفاعات.
وقد يكون الإنكماش الحالي أمراً طبيعيا ومتوقعا في فترات النزول، بالنظر إلى أن كلا الفريقين البائعين والمشترين يحجمون عن الدخول للسوق، فالبائعون يأملون في عودة الأسهم سريعاً للارتفاع، بينما المشترون يمسكون عن الشراء خوفاً من تراجع أكبر في الأسعار.
لكن ما نخشى منه، هو أن يغفل الجميع عن الأسباب الحقيقية لإنتعاش البورصة هذا العام، وهو اكتتاب مسيعيد وإدراج اسهمها في البورصة. وقد عالجت هذا الموضوع في أكثر من مقال سابق، ولا أمَلُ من العودة إليه وتكرار بعض ما ورد فيه.
فقد اقترحت غير مرة ضرورة أن يكون هناك ثلاثة اكتتابات سنوية على الأقل لشركات جديدة، بما يساعد على تعزيز حجم البورصة أًفقيا بدلا من اقتصار نموها في معظمه على التوسع الرأسي.
وقد أشرت في مقال آخر إلى أن الإدراج لأسهم شركة مسيعيد قد استفادت منه كل الأطراف المشاركة، بما في ذلك المكتتبون، وقطر للبترول، والبورصة، وشركة مسيعيد، والاقتصاد القطري بوجه عام.
وأشرت في مقال ثالث إلى أن الإدراج قد أعاد الجمهور القطري-كأفراد- إلى مدرجات البورصة، فساهمت تداولاتهم في رفع إجمالي التداول قريباً من الملياري ريال في بعض أيام شهر إبريل الماضي. وكان ذلك رد عملي على كل الذين راهنوا ولا يزالون على تدفق الاستثمارات الأجنبية كشرط لنجاح السوق القطري وانتعاشه.
إنني لا أقلل من أهمية تدفق الاستثمارات الأجنبية على بورصة قطر، باعتبار أن أية زيادة في السيولة المتاحة كفيلة بزيادة الطلب على الأسهم، ومن ثم ارتفاع أسعارها.
ولكن هذا التدفق الموعود والتأثير المحتمل، دونه بعض العقبات المهمة؛ منها محدودية الكميات المتاحة من أسهم بعض الشركات باعتبار أن المسموح للأجانب بتداوله لا يزيد في أغلب الشركات عن 25%، وأن جزءاً لا بأس به من هذه الحصة مستغل بالفعل في الوقت الراهن.
ومن جهة أخرى، أشير إلى أن المحافظ الأجنبية التي ستأتي عن طريق مورجان ستانلي أو ستاندرد أند بور هي مؤسسات محترفة يهمها تحقيق أرباح من دخولها إلى السوق القطري.
ولذلك فبقدر ما يؤدي دخولها إلى ارتفاع الأسعار، بقدر ما يؤدي خروجها السريع أحيانا إلى إرباك السوق وتراجع الأسعار.
ولأن قطر دولة غنية، ولديها رؤوس أموال مستثمرة في كل بقاع الدنيا، لذا فربما يكون من الأفضل أن ينصب اهتمامها على السيولة المحلية لدى المواطن ومغازلتها من خلال المزيد من الاكتتابات بما يزيد من عمق السوق، وبما يوسع من قاعدته إفقياً.
ولقد اقترب نصف العام الحالي من الانتهاء، وليس لدينا حتى الآن إلا اكتتاب واحد تم إنجازه في الربع الأول من العام،،،، فهل تسارع الجهات المعنية في الدولة بترتيب المزيد من الاكتتابات والإدراجات.
المعروف أن هناك إدارات مختصة لموضوع الإدراج سواء في هيئة قطر للأسواق المالية أو في بورصة قطر، ومن الطبيعي أن تمارس هذه الإدارات عملها المنوط بها خدمة للاقتصاد القطري وأن تعمل بالتالي على إزالة كل العقبات والمعوقات التي تأخر زيادة عدد الشركات عن مستوى 43 شركة.
وهناك شركات قائمة بالفعل ومعروفة تنتظر السماح لها بالإدراج، ومن بينها بنك قطر الأول، وبنك بروة، فهل نسمع أخباراً جديدة عن إدراجهما في المستقبل القريب.