عادت أسعار النفط إلى الارتفاع بشكل ملحوظ خلال الأسبوع الماضي، بحيث وصل سعر نفط الأوبك يوم الخميس إلى مستوى 46.50 دولار للبرميل بزيادة بنحو ستة دولارات للبرميل عن الأسبوع السابق. وقد جاءت هذه الزيادة بعد تصريحات لوزير الطاقة والصناعة القطري ورئيس الأوبك مفادها أنه يتوقع استمرار الاستقرار في سوق النفط نتيجة لزيادة الطلب العالمي.
وتزامنت هذه التصريحات مع تصريحات أخرى لوزير الطاقة والصناعة السعودي أكد فيها أن المملكة تعمل على إعادة التوازن بين العرض والطلب لدعم أسعار النفط، مشيرا إلى ارتفاع الطلب على النفط السعودي الخام في معظم أنحاء العالم. وقد اعتمد الوزير القطري في توقعاته على ما صدر من بيانات في تقرير منظمة الأوبك لشهر أغسطس. ويتبين من تلك البيانات ما يلي:
1-أن المعروض العالمي من النفط من خارج دول الأوبك قد انخفض في شهر يوليو 2016 بنسبة 1.39% عما كان عليه في شهر يونيو، ليصل إلى مستوى 56.13 مليون برميل. وقد كان الانخفاض أكثر وضوحاً في الولايات المتحدة، التي انخفض إنتاجها بنسبة 2.93% إلى مستوى 13.58 مليون برميل يوميا.
2-إن إنتاج دول الأوبك من النفط قد طرأ عليه ارتفاع محدود ما بين شهري يونيو ويوليو لا يزيد عن 50 ألف برميل يومياً، إلى مستوى 33.1 مليون ب.. وقد جاءت معظم الزيادة من العراق التي ارتفع إنتاجها بنحو 75 ألف برميل يومياً إلى مستوى 4.32 مليون ب/ي، بينما كانت الزيادة في إنتاج إيران محدودة بنحو 12.5 ألف ب/ي فقط، وكانت هناك تراجعات في إنتاج كل من نيجيريا وليبيا وفنزويلا ودول أخرى.
3- إن الطلب العالمي على النفط في الربع الحالي الذي ينتهي في سبتمبر القادم قد ارتفع إلى مستوى 95.22 مليون ب/ي مقارنة بـ 93.44 مليون ب/ي في الربع الثاني، وأنه مرشح للبقاء قريباً من هذا المستوى في الربع الرابع من العام بحيث يكون متوسط الطلب على النفط في العام 2016 نحو 94.26 مليون ب/ي، بزيادة مقدارها 1.22 مليون برميل عن مستوى الطلب في عام 2015 البالغ 93.04 مليون ب/ي. وتذهب التوقعات إلى أن الطلب العالمي سيستمر في النمو في العام 2017 بحيث يصل إلى مستوى 95.4 مليون ب/ي في المتوسط.
4- إن مستويات المخزونات التجارية في العالم من كل من النفط والمشتقات البترولية قد واصلت تراجعها في شهر يونيو إلى 3045 مليون برميل مقارنة بـ 3074 مليون برميل في مايو، وهو ما يعادل استهلاك 64.9 مليون ب/ي بدلاً من 65.9 مليون ب/ي في مايو. لكن رغم هذا التراجع التدريجي، إلا أن مستويات المخزونات كانت لا تزال أعلى مما كانت عليه في يونيو 2015 عندما بلغت 2907 مليون برميل، تغطي الاستهلاك بمعدل 63.3 مليون ب/ي.
5- خلاصة ما ورد في الفقرات أعلاه، يشير إلى أن ما سعت الأوبك إلى تحقيقه في اجتماعها مع منتجين آخرين في الدوحة في أبريل الماضي قد تحقق على أرض الواقع، رغم عدم خروج الاجتماع باتفاق حول تجميد مستويات الإنتاج العالمي من النفط.. وذلك مرده إلى أن جميع المنتجين يدركون أن من مصلحتهم عدم الضغط على الأسعار العالمية، بإنتاج زيادات كبيرة في وقت قصير، وأن استقرار الأسعار ما بين 40-50 دولاراً للبرميل كفيل بإخراج المزيد من منتجي النفط الصخري، في الوقت الذي تؤدي فيه الأسعار المنخفضة نسبياً عند المستويات المشار إليها إلى إعطاء النمو الاقتصادي العالمي فرصة أكبر للتحسن، فيؤدي ذلك إلى مزيد من الارتفاع في الطلب على النفط في المستقبل القريب. وقد لوحظ أن إنتاج أوبك من النفط قد تجاوز مستوى 33 مليون ب/ي في شهري يونيو ويوليو، وأن أي زيادات مستقبلية في الطلب على النفط، في الوقت الذي يتراجع فيه إنتاج المنتجين الآخرين من شأنه أن يزيد من حصة الأوبك من النفط ربما إلى 34 مليون ب/ي أو أكثر وهو ما سيؤدي إلى استمرار الاستقرار في أسعار النفط، أو حتى ارتفاعها إلى ما فوق الخمسين دولارا للبرميل في مرحلة تالية.
نقلا عن الشرق القطرية