كنت قد كتبت في هذه الصحيفة منذ بضع سنين متمنياً وجود بورصة عربية يتم تداول أسهم شركات العالم العربي القوية والمتوافقة مع المعايير الدولية من حيث الإفصاح وغيره بها، لنخلق فرصاً استثمارية للمواطن العربي من حيث تعدد الاختيارات بالإضافة إلى التوزيع الجغرافي حتى وإن كنا نعيش في إقليم واحد ما يجعل مخاطر التوزيع الجغرافي محدودة ولكنها مفيدة ولعل درس غزو الكويت يكون حاضراً، إذ إن الكويتيين الذين كانوا يملكون أسهماً في الشركات السعودية قد وجدوا ما يسد حاجتهم إبان الغزو حينما لجأوا للسعودية حيث سمحت السعودية لمواطني دول مجلس التعاون بالاكتتاب في أسهم شركة «سابك» إبان طرحها قبل نحو 44 عاماً.
كما أن بعض مواطني دول مجلس التعاون قد اكتتبوا بأسهم شركات سعودية سواء كانت خالصة الملكية للسعودية أو مشتركة مثل شركة إسمنت السعودي البحريني، التي أصبح اسمها فيما بعد شركة إسمنت السعودية والتي يتم تداول أسهمها في السوق السعودية الآن، بالإضافة إلى ظروف مختلفة قادت لمثل هذا الفعل حتى بدأت التشريعات تتسق مع تطور الأسواق لتسمح السعودية بتملك الأجانب لـ49 في المائة لأسهم شركاتها باستثناء أسهم البنوك وأسهم شركات التأمين التي حددت نسب الملكية بها بـ25 في المائة فقط، وفي البحرين فتحت الجهات المشرفة على السوق نسب تملك أسهم الشركات بـ100 في المائة لتعد النسبة الأجرأ في أسوق الخليج.
يبدو لي أن أمنيتي قد تصبح أمراً واقعاً بعد أن سمحت الجهات المشرفة على السوق في السعودية والإمارات بطرح متزامن لأسهم شركة «أمريكانا» في السوقين السعودية والإماراتية للشركة ذات الجنسية الكويتية في الأصل بغض النظر عن تغير نسب الملكيات وجنسياتهم فيما بعد، ليتمكن مواطنو الدولتين ومن يسمح لهم بالتداول في السوقين من الأجانب بالشراء بيسر وسهولة.
مثل هذا العمل يحتاج لجهد كبير ليصبح أمراً واقعاً وقد قامت «تداول السعودية» بقيادة مديرها التنفيذي محمد بن سليمان الرميح ومدير عام إدارة الإدراج نايف بن صالح العذل بجهد مضاعف خلال الأسبوع الماضي لتحقيق هذا الإدراج المتزامن الذي نأمل في أن يكون نواة لخلق بورصة إقليمية ممثلة بسوق الأسهم السعودية بصفتها الأكبر في الإقليم من حيث القيمة السوقية، كما أن معاييرها من حيث الإفصاح الذي يخلق كفاءة للسوق قد أصبحت عالمية، وقد ارتفعت مرتبة السوق السعودية من حيث الحوكمة لتحتل المرتبة الثالثة عالمياً بعد نيويورك واليابان.
هذا الطرح المتزامن لأسهم شركة «أمريكانا» يجعلنا نرفع سقف الطموح لندرج في السوق السعودية أسهم شركات أفريقية وآسيوية، وربما أسهم شركات من قارات أخرى، متى توافقت مع معايير السوق السعودية، ونحن حينما نتحدث عن بورصة إقليمية لا نتحدث عن سوق مستقلة، بل نتحدث عن إدراج في أكثر من سوق تكون السوق السعودية إحداها. ودمتم.
نقلا عن الشرق الأوسط