يعتبر سعر صرف أي عملة مؤشراً قوياً على مدى استقرار الوضع الاقتصادي في الدولة صاحبة العملة، وبقدر ما يرتفع معدل التضخم، تتآكل القوة الشرائية للعملة وينهار سعر صرفها. ويرتفع معدل التضخم بقوة في فترات التوترات السياسية والقلاقل والحروب إضافة إلى فترات الفساد والضعف الإداري، فتنخفض الإيرادات وتزداد الإحتياجات وتتلاشى الاحتياطيات.
وفي مقال اليوم نعرض لتدهور أسعار الصرف في منطقة الشرق الأوسط، ونربط ذلك بما يجري في المنطقة من صراعات سياسية وعسكرية. وأبدأ بإسرائيل التي اصدرت بعد سنوات من تأسيسها، الليرة الإسرائيلية لتحل محل الجنيه الفلسطيني الذي كان مرتبطاً بالجنيه الإسترليني.
وبالنظر إلى سلسلة الحروب التي خاضتها إسرائيل مع العرب في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات وحتى منتصف الثمانينيات، فإن سعر صرف عملتها قد تدهور بحيث وصل سعر الدولار إلى 40 ليرة إسرائيلية عام 1977، فتم استبدال الليرة بالشيكل بواقع 10 ليرات لكل شيكل... أي 4 شيكل لكل دولار، ولكن التدهور استمر بعد ذلك وبسرعة بحيث بات الدولار يساوي 1500 شيكل في عام 1985، فتم تغيير العملة إلى شيكل جديد بسعر 4 شيكل لكل دولار، واستقر بعدها مع بعض التذبذبات كلما حاولت اسرائيل اجتياح قطاع غزة.
ومع هدوء جبهات الصراع العربي الإسرائيلي، انتقلت المواجهات بين الإطراف الإقليمية في المنطقة-وهي وصية ديفيد بن جوريون لإسرائيل بأن يتولى العرب والمسلمين تدمير أنفسهم بأنفسهم- أي فخار يكسر بعضه-، فاندلعت الحرب الإيرانية العراقية، والحرب الأهلية اللبنانية وحرب انفصال جنوب السودان عن شماله، ثم غزو العراق للكويت، وانقلاب العسكر في الجزائر، والإنقلابات في تركيا، واحتلال العراق، ثم الحروب التي أعقبت ثورات الربيع العربي في سوريا واليمن وليبيا ومصر. فكيف تأثرت عملات هذه الدول بهذه الحروب والتوترات السياسية؟
إن نظرة على أسعار صرف عملات دول الشرق الأوسط مقابل الدولار يكشف كيف انهارت هذه العملات إلى مستويات متدنية؛ فالدولار يعادل اليوم قرابة 4000 ريال إيراني،، ووصل سعر الدولار في تركيا في أواخر التسعينيات إلى نحو 1.5 مليون ليرة قبل أن تستقر الأمور في عهد أردوغان عند 3 ليرات للدولار فقط.
وانهار سعر صرف الدينار العراقي إلى 197 دينار لكل دولار، رغم أن العراق من كبار منتجي النفط في الأوبك.
وانهار الريال اليمني إلى 250 ليرة لكل دولار، كما انهارت الليرة السورية إلى 215 ليرة لكل دولار، وانهار سعر صرف الجنيه السوداني بعد إنفصال الجنوب ووصل مؤخراً إلى 13.5 جنيه لكل دولار في السوق الموازية، وتراجع سعر صرف الدينار الجزائري أيضاً.
وفي المقابل ظلت أسعار صرف عملات دول الخليج مستقرة بسبب ما تتمتع به من استقرار سياسي واحتياطيات مالية كبيرة. وباستثناء الهزة التي تعرض لها الدينار الأردني بعد فك الارتباط مع الضفة عام 1986، فإن سعر الدينار قد تمتع باستقرار عند 1.41 دولار لكل دينار بفضل الاستقرار السياسي وما يحصل عليه الأردن من مساعدات مالية دولية وعربية.
وفي مصر، ورغم الحروب التي خاضتها مصر مع إسرائيل في زمن عبد الناصر، ورغم قيادة الرجل لحركة التحرير العربي في اليمن والجزائر، فإن سعر صرف الجنيه المصري ظل متماسكاً حتى وفاته عام 1970، عند مستوى 73 قرشاً للدولار، رغم الحصار الاقتصادي الغربي، وذلك بفضل تأميم مصر لقناة السويس، وجهود التنمية في مجالي الصناعة، وبناء السد العالي والإصلاح الزراعي.
ومع سياسة الانفتاح التي انتهجها السادات والتي فتحت الباب واسعاً أمام زيادة العجز التجاري، والديون، فإن سعر صرف الجنيه قد تراجع بشكل ملحوظ، ثم استقر في بداية عهد مبارك مع عودة الدعم العربي، قبل أن يتراجع في أواخر سنوات حكمه بسبب الفساد.
وعندما جاء السيسي كان الدولار قد وصل إلى نحو 6.5 جنيه لكل دولار. وكأن الرجل جاء بمهمة تدمير الاقتصاد المصري من خلال سياسات فاشلة في كل المجالات.
فرغم الدعم الكبير الذي حصل عليه من دول خليجية، إلا أن ذلك لم يفلح في وقف التدهور... فوصل سعر الجنيه إلى نحو 13 جنيه لكل دولار، أي إلى نصف ما كان عليه في صيف عام 2013. وقد بات المحللون والخبراء يتوقعون أن يواصل سعر الجنيه تدهوره في السنوات القليلة القادمة، ربما إلى قرابة 20 جنيه لكل دولار.
نقلا عن الشرق القطرية
تم استبدال الليرة القديمة بليرة جديدة في تركيا بعد حذف ستة اصفار.
كلامك صحيح ولكن بعد حذف الأصفار استقر سعر صرف الليرة الجديدة ولم يتدهور بعكس المراحل السابقة
ياليت لو زودتنا بالأرقام التاريخية لكي يتضح الإنهيار من عدمه وتباينه بين الدول
المقال يتضمن بيانات وافية عمل وصلت إليه أسعار العملات المشار إليها ولا داعي للتوسع بعض العملات إنهارت تماماً وأصبحت تستبدل بالرزم مقابل الدولار كالإيراني والعراقي والتركي واللبناني
الأسوء هو عدم الإستفادة من هبوط قيمة الدولار خلال العقود السابقة وإستمرار خلق النقود بالعملة المحلية لسد العجز .. يظهر مؤشر Dollar index إنخفاضاً كبيراً بقيمة الدولار بين عام 1985 و 1995 من 128 نقطة أساس إلى 84 نقطة أساس بما يعادل 35% وأيضا إنخفاض بين عام 2000 و حتى 2011 من 112 نقطة أساس إلى 81 بما يعادل 25% ومع ذلك إستمر الجنيه المصري مثلاً بالإنخفاض المتواصل دون تحسن بسعر الصرف وإرتفع التضخم من عام 1985 إلى 2010 بأكثر من 10 أضعاف .
مقال يخلوا من المصداقية، كمثال في عام 1960 الجنيه كان 2.5 دولار، وانت تقول انه ظل متماسكا حتى وفاة عبدالناصر عند 73 قرشا
عندي سؤال للكاتب، اي حركة تحرر قادها عبدالناصر في اليمن، اتى بعسكر ضيعوا اليمن الى يومنا هذا، هل تدس السم في العسل
الأخ ثامر أيا كان ما حدث في اليمن في سبتمبر 1962 فإن ثورة قامت على حكم الإمام في بلد كان متخلفا بكل المعايير وهب ناصر لنجدة ثورة ... وتورط الرجل في حرب كان من بين الداعمين لها إسرائيل... وكان الجنوب محتللاً فقامت حرب تحرير بدعم من الشمال أرغمة المحتل على الجلاء عام 1967. ما يهمني في المقال هو تأثير الحروب على أسعار صرف العملات فقلت إنه رغم ما تكبده الجيش المصري من خسائر في اليمن في وقت لم يكن له فيه مساندة من احد إلا أن الجنيه ظل متماسكاً حتى وفاة ناصر عام 1970 .. طبعاً تأأثر سعر الجنيه بالحصار الاقتصادي الأمريكي والغربي على مصر وبنتائج نكسة يونيو 1967 .. ومع ذلك ظل السعر الرسمي 2.5 دولار للجنية و 39 قرش للدولار وإن كان السعر التشجيعي للسياحة هو الذي انخفض إلى 73 قرش للدولار.... وبالمقارنة باالإنهيارات التي شهدتها العملات الأخرى يعتبر هذا القدر من الإنخفاض محدوداً... واعتذر لتأخري في الرد