تتفاعل بهذا الوقت قضية صرف إعانة للعاطلين عن العمل بمقدار ألف ريال للفرد شهرياً وهي التوصية التي تُدرس بمجلس الشورى وبالتأكيد هي لن تكون خارج حدود التجارب الدولية بأن تكون محددة المدة ولفئات تدرس بعناية وما إلى ذلك من إجراءات تسهم بتقنينها ضمن حدود من ينطبق عليهم مفهوم عاطل عن العمل.
لكن بالنظر إلى حجم البطالة الحالية ومقارنتها بعدد الفرص الوظيفية المتاحة للوافدين التي تقدر بحوالي ثمانية ملايين وظيفة مشغولة بهم نجد أنهم لا يشكلون أكثر من 5 بالمئة حيث يبلغ عددهم ما يزيد عن 400 ألف وإذا حددنا أكثر فئة الشباب كون أكثر الوافدين من الرجال فإن نسبتهم قد لا تصل إلى 2 بالمئة حيث لا يزيد عدد طالبي الوظائف السعوديين عن 200 ألف شاب إلا أن الحديث أيضاً يشمل الفرص التي تفتح الآن مع زيادة الإنفاق الحكومي وارتفاع معدل الطلب على العمالة من الخارج فنحن نتحدث عن عدد كبير من الوظائف يضاف سنوياً لسوق العمل يسمح باستيعاب هذه الأعداد الموجودة والتي تضاف سنوياً لسوق العمل بشكل يسير.
وجهود وزارة العمل وإن كانت كبيرة وتشمل التدريب والتأهيل والمساهمة برواتب المستجدين بالسوق أيضا عبر صندوق الموارد البشرية إلا أن فكرة الإعانة لا ترقى للحل فالنهاية الطبيعية هي تأمين فرصة للشباب من الجنسين ومع وجود الفرص لذلك فإن الذي يجب أن يتم مساندة وزارة العمل به هو دراسة وصدور قرارات ذات بعد أكبر بتعزيز حصول المواطن على عمل بشتى المناحي سواء من مراحل التعليم الأولى من خلال رفع مستوى ثقافة العمل في المجتمع عند الطلاب منذ مراحل مبكرة من الدراسة إلى المراحل الجامعية فهذا الجانب له دور أكبر في تأهيل الشباب نفسياً للعمل وبالتالي تفاعلهم مع الفرص وبحثهم عنها بوجود تأهيل نفسي ومهني يكون أكثر فائدة لتسريع السعودة ونسبها في قطاع الأعمال عموماً.
كما أن المساهمة بقرارات ترفع من نسبة السعودة بالقطاعات الأكثر تأثيراً بالناتج الوطني كالمقاولات مثلاً الذي تفوق نسبته خمسة بالمئة فيه بينما حددت نسبة السعوديين كحد أدنى عند خمسة بالمئة أيضاً فكم يساهم المواطن في قطاع يعتبر الأكبر في الاقتصاد وسوق العمل فيفترض أن لا تقل النسبة عن عشرين بالمئة بأي نشاط اقتصادي وترتفع في قطاعات إلى الحد الأعلى وفقاً لنسبة المؤهلين لشغل وظائفه فلو كان لدينا أعداد من الشباب تحمل مؤهلاً معيناً يغطي حاجة أي قطاع فيجب أن يكون محققاً لنسبة 100 بالمئة.
بل ويجب أن يكون تركيز التأهيل على احتياجات كل قطاع بحيث لو كانت محدودة فيجب أن تكون الزيادة بهذه المهنة أو التخصص هي صاحبة الأولوية بالتنسيق مع الجهات التعليمية والتدريبية.
ومن هنا يجب أن تكون المرونة بتحديد النسب مقننة وتستجيب فقط لجانب رفع كفاءة وقدرة المواطن على امتهان وممارسة أعمال ذات فائدة ومردود أكبر عليه وعلى الاقتصاد؛ فالنسب العامة لن تكرس مفهوماً واقعياً لتوطين المهن فلا يكفي أن تحقق شركة أو مؤسسة نسبة سعودة مطلوبة في عدد معين وبأي مهنة بل يجب أن يكون التركيز على تحديد نسب داخل تخصصات هذه الشركات بأن لا يقل عدد المهنيين عن رقم معين يسهم برفع كفاءة ومستوى معيشة المواطن العامل بدلاً من تعميم النسب ولو أخذنا ذلك على تخصصات عليا فإننا سنرفع من مستوى قدرات الشباب على إدارة المشاريع والشركات كون المؤهلين منهم بتخصصات عليا يمارسون عن قرب هذا الدور فكثير من الشركات تصل لنسب السعودة بوظائف بسيطة بالوقت الذي لا يوجد من الإدارات العليا أي مواطن ويتركز اهتمام من يحملون شهادة بالهندسة والإدارة وغيرها بالذهاب للقطاع العام بخلاف التخصصات المهنية المعقدة والتي تمثل عصب الحياة بمشاريعنا واقتصادنا.
إن صرف الإعانات مقبول في اقتصايات تعاني ركوداً ونسبة الشاغلين للمهن عموماً تكون من أبناء تلك البلدان بينما لدينا حالة مختلفة لا تنسجم مع هذا الطرح بالوقت الذي يجب التفكير كيف يمكن توجيه الشاب لعمل يؤمِّن له تحقيق مستوى معيشي مناسب لتأمين احتياجاته الطبيعية ويرفع من مستوى دخله ويسهم بتكريس الخبرة المناسبة لكي يخرج من رحم هذه الشركات شركات ومؤسسات أخرى يقودها شباب اكتسبوا الخبرة الكافية لذلك ولنا في ما قدمته أرامكو وسابك من خبراء أصبحوا رؤساء لشركات أخرى أنشئت حديثاً أكبر مثال على ذلك.