الخطاب الملكي.. استمرار التنمية

20/10/2022 0
طلعت بن زكي حافظ

تَضمن خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -يحفظه الله- بمناسبة افتتاح أعمال السنة الثالثة للدورة الثامنة لمجلس الشورى، رسائل تنموية محلية مهمة للغاية وفي نفس الوقت مطمئنة عن النهج السعودي في التعامل مع القضايا الداخلية المرتبطة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية في المملكة.

فعلى الصعيد الاقتصادي، أوضح الملك سلمان أن المملكة تشهد حراكا تنمويا شاملاً ومستداماً تحت مظلة المرحلة الثانية من رؤية المملكة الطموحة 2030، والتي تستهدف تطوير قطاعات اقتصادية وتنموية واعدة وجديدة، هذا بالإضافة إلى دعم المحتوى المحلي، وتسهيل بيئة الأعمال، وتمكين المواطن، وإشراك القطاع الخاص بشكل أكبر وزيادة فاعلية التنفيذ لتحقيق المزيد من النجاح والتقدم، وبما يلبي تطلعات وطموحات وطننا الغالي.

ودعماً لتلك التوجهات التنموية العظيمة والضخمة، أشار الملك أنه قد تم إطلاق جملة من الاستراتيجيات الوطنية والبرامج؛ بهدف تعزيز تنمية البنية التحتية في القطاعات الحيوية، والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين، كما وقد تم تأسيس صندوق البنية التحتية الذي سيسهم بشكل كبير في دعم مشاريع البنية التحتية في القطاعات الحيوية كالنقل والمياه والطاقة والصحة والتعليم والاتصالات والبنية الرقمية، بقيمة إجمالية تصل إلى 200 مليار ريال على مدى السنوات العشر المقبلة.

وسيكون لاستراتيجية صندوق التنمية الوطني دوراً مهماً في تحفيز مساهمة القطاع الخاص بما يزيد على ثلاثة أضعاف من التأثير التنموي والإسهام في نمو الناتج المحلي، كونه سيضخ أكثر من 570 مليار ريال لمضاعفة حصة الإنتاج المحلي الإجمالي غير النفطي بثلاثة أضعاف ليصل إلى 605 مليارات ريال، كما وقد نجحت المملكة العربية السعودية في توفير فرص العمل بالمملكة وذلك ضمن استراتيجية الصندوق بحلول عام 2030.

حظي ملف تنمية القدرات البشرية الوطنية، باهتمام كبير جداً من الدولة وفقاً لما أشار الملك، وذلك بهدف تعزيز تنافسية وريادة المملكة عالميًا، والذي قد انعكس على ما حققه أبناؤنا الطلبة الموهوبون والموهوبات في مسابقة (آيسف 2022) من جوائز، والتقدم في 16 مؤشرًا من مؤشرات التنافسية العالمية في مجال التعليم.

وفي مجالات تنموية متعددة الأغراض والأهداف، فقد أوضح الملك سلمان أن الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، وإطلاق بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتعزيز النمو وسد الفجوة التمويلية، والاستراتيجية الوطنية للمياه التي تضمنت تخصيص (105) مليارات ريال لمشروعات مائية لمنظومة البيئة والمياه والزراعة، والاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات، سَتُعزز جميعها من مكانة المملكة لنفتخر بها جميعا قيادةً وشعباً، كما أن الصادرات السعودية قد سجّلت مراكز سبّاقة، وحققت تقدما عالميا في عدد من المجالات، من أبرزها الصادرات غير النفطية، والتي حققت أعلى نسبة نمو بين جميع اقتصادات العالم.

ورغم ما تحقق من إنجازات تنموية عظيمة في مجال الإسكان والصحة والعمل، إلا أن الملك أكد حرصه دعم الخطط والبرامج التي تسهم بإيجاد الحلول للتحديات أمامها، والتي من بينها؛ رفع نسبة التملّك السكني للأسر السعودية إلى 70 % بحلول 2030 بمشيئة الله، وحصول المواطنين والمواطنات على خدمة ورعاية صحية مميزتين، عبر منظومة متكاملة تعين على تحسين مستوى صحة وجودة حياة الأفراد والمجتمع، وكذلك زيادة مشاركة الكوادر الوطنية في سوق العمل السعودي وفتح مزيد من فرص العمل أمام أبناء وبنات وطننا العزيز.

وفي مجال الطاقة، فقد أكد الملك على حرص المملكة الحثيث نحو ضمان مناعة ركائز عالم الطاقة الثلاث مجتمعة وهي، (أمن إمدادات الطاقة الضرورية، والتنمية الاقتصادية المستمرة من خلال توفير مصادر طاقة موثوقة، ومواجهة التغير المناخي)، وتأكيداً لذلك، فإن بلادنا تعمل جاهدة ضمن استراتيجيتها للطاقة، على دعم استقرار وتوازن أسواق النفط العالمية، بوصف البترول عنصراً مهماً في دعم نمو الاقتصاد العالمي، حيث يتجلى ذلك في دورها المحوري في تأسيس واستمرار اتفاق مجموعة (أوبك بلس) نتيجة مبادراتها لتسريع استقرار الأسواق واستدامة إمداداتها، وكذلك حرص المملكة على تنمية واستثمار جميع موارد الطاقة التي تتمتع بها، كما أن المملكة ماضية بخطى متسارعة نحو مواجهة التحديات البيئية وفي مقدمتها التغير المناخي، مستهدفة الحياد الصفري للانبعاثات، التي ستسهم في تقليل الانبعاثات الكربونية بمقدار (278) مليون طن بشكل سنوي، بحلول عام 2030، هذا بالإضافة إلى ترسيخ دور المملكة الريادي عالميا في مجال الاستدامة، حيث قد أطلقت المملكة مبادرتي (السعودية الخضراء)، و(الشرق الأوسط الأخضر)، داعمة بذلك الجهود الوطنية والإقليمية بهذا الشأن.

أخيراً وليس آخراً، أشار الملك إلى استمرار الاقتصاد السعودي بتحقيق معدلات نمو مرتفعة، بالرغم من الارتفاعات الكبيرة لمستويات التضخم عالميا؛ حيث استطاعت المملكة بفضل الله ثم سياستها النقدية والمالية والاقتصادية، للحد من آثار التضخم وتسجيل معدلات تعد من الأقل عالميا، كما وقد واصل معدل البطالة بالانخفاض في الربع الثاني، مقارنة مع الربع الأول 2022، ليصل إلى (9.7 % )، تماشياً مع خطط الوصول إلى المعدل المستهدف (7 %) في 2030 بمشيئة الله.

أخلص القول؛ إن الحديث الضافي للملك سلمان لمجلس الشورى، رسم خارطة طريق تنموية للاسترشاد بها في أعمال السنة الثالثة من الدورة الثامنة للمجلس، بحيث تكون بالنسبة لهم محفزاً ومشجعاً على بذل المزيد من الجهد والعمل الجاد لتحقيق المزيد من الارتقاء بالتنمية في المملكة بأفرعها المختلفة، اقتصادياً، واجتماعياً، وبشرياً لما هو في صالح الوطن والمواطن على حدٍ سواء.

 

 

نقلا عن الرياض