اللورد البريطاني روبرت سيدالسكي من مواليد 1939م، اشتهر بتخصصه في التاريخ الاقتصادي، وتتبع التغيّرات التاريخية التي تطرأ على السلوك البشري، وكيفية تصرف الإنسان مع الكسب، أو حب المال. وعرف بكتابه الشهير الذي سطّره حول السيرة الذاتية للمفكر الاقتصادي جون مينارد كينز.
يميل سيدالسكي في كتاباته التاريخية إلى الموضوعية لذلك من يريد تاريخا حقيقيا في مجال التاريخ والكتابة الاقتصادية فعليه أن يقرأ ما سطر في هذا الكاتب وخاصة تتبعه لتنامي ظاهرة نزعة حب المال.
لقد تتبع اللورد سيدالسكي هذه الظاهرة في علوها وانخفاضها، وتساءل لماذا أضحى الصراع على المصلحة والمال والمادة يسيطر على أفكار الناس ويشغل قلوبهم، واستنتج بأن ما يجري نوع من الشهوة الجامحة والتي ستتحول لحالة مرضية تدفع بصاحبها لارتكاب كل الموبقات من أجل إشباعها، وهنا تدخل الفرد في دائرة "الفساد والرشوة وما إلى ذلك".
إن بروز هذه الظاهرة بالنسبة لكاتب مثل اللورد روبرت تطرح أسئلة وجودية وفكرية لتأثيرها في المجتمع، وهزيمة المسحة التفاؤلية التي سيطرت على كتابات فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وبشَّر بها مينارد كينز من حيث تطوّر الأمم وتغيّر نظرة الإنسان للمال كلّما ترقى في سلم التحضر.
توقع كينز أنه في المستقبل المنظور سيكون في مقدور كل إنسان أن يسكن في منزل يحترم إنسانيته، وأن يعيش حياة كريمة يستحقها، ولكن طغيان حب المال جعل الإنسان يتردى في جب الفقر والجوع والتشرد والاستغلال البشع من مؤسسات مالية كبرى وهو ما هزم النظرة التفاؤلية للمفكر الاقتصادي جون مينراد كينز، لا عجب أن جاءت انتقادات اللورد روبرت سيدلسكي وحق له أن ينتقد بروز ظاهرة التدافع النهم نحو حيازة المال، لأنه خلق واقعًا شديد الوطأة على حياة الإنسان.
لكن الإنسان ابن بيئته، والحياة أضحت مادية حيثما التفتنا وخاصة في دول الغرب، حيث السكن اللائق بالإنسان صار لا يتم في أغلب الأحيان إلاّ بالرهن العقاري.
وهو نوع من الدين الذي يتراكم من دين مصرفي إلى دين شركة عقارية إلى دين من المالك أو المالكين ليكون الضحية الفرد العادي.
وحيث إن للظاهرة حضورًا في كل مجتمع فإن علينا ألاّ ندفن رؤوسنا في الرمال؛ لأنها لها آثارها الاقتصادية والمجتمعية، ومن الصور (الباسمة) لآثار الجشع ما "وثقته" قصيدة شعبية متداولة في مواقع التواصل الاجتماعي اسمها "قصيدة بدوي في بنت عمه":
سبحان من يرزق بتوع الملايين
الرازق اللي ما يخيب الرجا به
لي عم عنده معرضٍ للصوالين
أموت واعرف بس من وين جابه
وإذا سألته قال بعت الدكاكين
ما يدري إني ما هضمت الإجابة
الشاهد إني رحت له قبل يومين
في قصره العامر ودقيت بابه
قال أرحب أرحب عدد ورد البساتين
يا مرحبا باللي لفا يا هلا به
قلت البقا عدّ النفل والرياحين
يا شيخ شمل أهل الكرم والذرابة
مقال جميل وخفيف .. لكن بيت القصيد من القصيدة غير موجود .. يبدو القصيدة مبتورة
حذفها الرقيب :) سنقوقلها وربما نجد باقي القصيدة