البنية التحتية ومستقبل الصناعة

14/05/2018 0
سعيد بن زقر

منذ بعض الوقت تقدم الناقلات العملاقة خدمة نقل الحاويات حول العالم. وما يميز هذه السفن حجمها الذي شكل تحدياً للموانئ التي لا تتسع لها مما استُبعدت معه بعض الموانئ الخليجية. وموانئ أخرى بالبحر الأحمر كانت مرشحة للتنافس مثل عدن وجيبوتي. لكن التنافس في استضافة هذه الناقلات العملاقة يضيف قيمة كبرى. وهكذا تتعدد أسباب الاستبعاد منها الجغرافي والتقني وتحديات المناولة وصعوبات تقديم الخدمة لسفن كبيرة تحتاج لبنية تحتية تفوف ما بالموانيء القائمة التي أنشئت لخدمة سفن بأحجام أقل. وبينما تجري محاولات لتعميق المراسي وتجهيز أحواض الصيانة وتعزيز البنيات الأساسية في بعض موانئ المنطقة إلا أنها تحتاج لوقت طويل لكي تنجز. وتبقى الحقيقة أن المنافسة بين الموانىء على أشدها للفوز بتقديم خدمات المناولة والتفريغ لهذه الناقلات التي اعتبرت البحر الأحمر من أهم ممراتها المائية وموانئه من أهم محطات خطوطها العالمية.

ويبدو ميناء الملك عبد الله من الموانئ ذات الميزة التنافسية ومرشحة لاستقبال هذه السفن. بل أن يصبح الميناء الأساسي على البحر الأحمر. ولكنه يحتاج لبنية تحتية من طرق ومعدات وجهود لتطويرها مع التركيز على الطرق السريعة إلى داخل المملكة. إذ إن الطريق الذي يتجه جنوباً إلى جدة والذي يتجه إلى المدينة المنورة مزدحم. فطريق جدة تسلكه الشاحنات التي تخرج من ميناء الملك عبد الله إلى مدينة جدة، لتعبر إلى مدينة الرياض. ونظراً لازدحام الحركة فيه فإن المرور يقوم بضبط الحركة بمنع سير الشاحنات في ساعات بعينها بافتراض أنه خط بين مدينتين اثنتين، وإذا ازدحم سيؤثر على حركة المرور العامة. ولكن هذا الإجراء المروري رغم أهميته في تخفيف وطأة الضغط المروري يرفع من تكلفة النقل وبالتالي يضغط على جيب المستهلك وربح المستورد. وسبب ذلك واضح عدم وجود طريق مباشر يجنب الشاحنات المرور بجدة والانتظار الذي يفرضه المرور لعبور طريق جدة. وهذا تحدٍ ولكنه ليس بالكبير، إذ ينبغي تجاوزه بتطوير البنية التحتية للطرق وبتحسينها وبشق طريق فرعي لجدة. أما الشاحنات التي تخرج من الميناء وتتجه إلى المدينة المنورة وما جاورها فإنها ستجبر على مسار الطريق السريع إلى القصيم وهنا أيضًا ترتفع التكلفة.

ورغم أن وزارة النقل تعلم هذه التفاصيل وتدرك أهمية ميناء الملك عبد الله ودوره في التطور الصناعي والتجاري بالمنطقة فضلاً عن خدمة الحاويات العملاقة إلا أنه يبدو، كما لو أنه ليس ضمن أولوياتها على نحو ما تولي من اهتمام لميناء ينبع رغم إلمامها بأن الميناء ضمن الأهداف الإستراتيجية لخطة التحول. ولعلها تصنف ميناء الملك عبد الله بأنه قطاع خاص أو تفترض أن ميناء جدة التاريخي سيلعب دوراً بديلاً، ويحل تحدي التكلفة واستقبال الناقلات العملاقة.

لا يقلل كاتب السطور من هذه الافتراضات أو مبرراتها ولكنه يرى أن ميناء الملك عبد الله واعد وأقدر على المنافسة والمسافنة والتفوق على غيره متى وجد العناية والرعاية اللازمة من القطاعين العام والخاص ففي ذلك نهوض بأدائه وبنيته التحتية.

نقلا عن المدينة