الأمن عبر الصناعة

09/04/2018 0
سعيد بن زقر

يقول البروفسور فاضل قابوب بأن أكبر عاملين يستنزفان احتياطات الدول ويؤثران سلباً في اقتصادها، وميزان مدفوعاتها هما استيراد الطاقة بالإضافة لاستيراد الغذاء. ويتكىء بروفسور فاضل في استنتاجاته، على دراسات شملت اقتصاد دول كالمغرب ومصر وتونس وغيرها. وتبين وجود علاقة بين الخلل في ميزان المدفوعات واستنزاف هذين العاملين للاحتياطات.

في زيارة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز- حفظه الله - للولايات المتحدة استشراف لهذه المعاني. وخاصة في زياراته المختلفة وفي الاتفاقات الاقتصادية والتكنولوجية مع معاهد التقنية. فالمملكة حباها الله بخيرات كثيرة وخاصة في مجال الطاقة الهايدروكربونية والطاقات المتجددة كالطاقة الشمسية. ولهذا سعت زيارة سموه بتوفيق من الله للمضي قدماً في فتح الاستثمار في مجالات الطاقة المتجددة وذلك لاستخدامها في التصنيع والتصدير لدول الإقليم. هذا ما سيجعل المملكة، أكبر مصدِّر للطاقة في العالم بما لها من ميزات نسبية لا تتوفر لأي دولة بالعالم. وحيث إن اقتصاد اليوم اقتصاد صناعي بامتياز فإن التركيز على التصنيع أمر حاسم للتقدم الاقتصادي ولتحقيق وثَبَات صناعية على نحو ما نأمل برؤية 2030.

وفي مجال الغذاء والتصنيع الغذائي، فإن هذا عامل مهم وحيوي لأن 80% مما يستهلكه المواطن، مستورد من خارج المملكة. ولهذا ظل ميزان المدفوعات يعاني عجزاً مزمنًا من حيث استنزاف احتياطات الدولة. مما استلزم تحسين الإنتاج والتصنيع الغذائي المحلي. وهو بُعد أدركه جهابذة الاقتصاد العالمي فضلاً عن علماء وطنيين منذ عقود. ولهذا فإن تلافي ذلك إنما يتم بالاستفادة من تجارب تاريخ الصناعة العالمي. فمن يتأمل فيها يجد أن دولاً مثل أمريكا وإنجلترا وغيرهما بدأت النهوض عند اللحظة التي وضعت فيها سقوفًا حمائية على هيئة رسوم على الواردات. ووصلت في بعض الأحيان إلى ما نسبته 45% على قطاعات صنَّفتها هذه الدول على أنها استراتيجية. ثم أتبعت ذلك بتطبيق استراتيجيات صناعية قومية. واستهلتها بأولويات مثل بناء الإنسان وتطوير المكان. وهكذا عبر تراكم التجارب والزمن قويت شوكتها الصناعية والتنافسية. ثم توجهت إلى الأسواق العالمية بحثاً عن مستهلكين جُدد. وعبر توقيع سلسلة اتفاقات توصلت إلى إبرام اتفاقية منظمة التجارة العالمية (وتو WTO). وكانت جميع الاتفاقات تتم تحت شعار تحرير الأسواق وإن ظل يضمر منافسة غير متكافئة. وحيث دخلت المملكة لهذه المنظمة متأخرة فإنها لم تسِرْ في ذات المسار الذي مكَّن الشركات العابرة للحدود والقارات من المنافسة في أي سوق كان.

ولكي يتحقق الأمن المستدام بالمملكة من خلال الصناعة والتصنيع علينا في القطاعات المختلفة، التعلم من تجارب الآخرين الذين سبقونا في هذا المضمار. مع استصحاب تلك التجارب في النهوض بالصناعات الغذائية والتحويلية وفي الطاقة. هذا ما سيخفض من نسبة الاستهلاك والاستيراد من الخارج ويحقق معادلة كسبية تنعكس إيجاباً على ميزان مدفوعات المستورد وربحاً للمورد.

 
 
نقلا عن المدينة