قبل أيام قليلة تعرض حملة سهم شركة الإتحاد العقارية لصدمة قوية عندما خفض أحد محللي كريديت سويس السعر المستهدف لسهم الشركة من 80 فلس إلى 3 فلس مع إصراره على منح الشركة تصنيف under perform وقد تعرض السهم بعد هذا التقييم -الغريب- لضغوط بيع كبيرة دفعته يوم أمس الثلاثاء إلى الحد الأدنى واستمرت الضغوط عليه اليوم الأربعاء الموافق 27 /1/2010 لمستويات أدنى من 50 فلس مما خلق مزيدا من الإرتباك والهلع بين أوساط المساهمين الحائرين فهم إن استسلموا لهذا التقييم وباعوا بخمسين فلس فهم يبيعون بخسارة فادحة ، وإن هم تمسكوا بالسهم عند مستوى خمسين فلس فهم يخاطرون بمزيد من الخسارة.
وبالرغم من اتفاق الكثير من المحللين مع ما ذهب إليه محلل كريديت سويس من أن الشركة تواجه مديونية عالية ونقصا حادا في السيولة وأن نتائجها في الربع الرابع قد تكون سلبية إلا أن الكثير من هؤلاء المحللين يخالف ما ذهب إليه هذا المحلل عندما قال : من وجهة نظر تقييمة ، نبرر قائلين أنه حتى لو تمكنت الشركة من تخطي أزمة السيولة التي تعانيها حاليا من خلال جمع الدفعات المستحقة في موعد تسليمها وبيع أصول عقارية فضلا عن دخل الإيجار الحالي ، ستكون الأوراق المالية منعدمة القيمة من بعد الإيفاء بالديون كافة " ويرى أغلب المحللين المعترضين على هذا التقييم أن ما ذهب إليه محلل كريديت سويس كان إنشائيا ومصلحيا ومبهما وبلا قيمة تحليلية بل مجرد رأي ووجهة نظر لا أكثر ولا أقل .
إن المتابع لما يجري في شركة الإتحاد العقارية خلال الفترة الماضية بدءا من استقالة الرئيس التنفيذي للشركة ثم إعادة توزيع المناصب داخل مجلس إدارة الشركة ثم الإعلان عن مفاوضات بين الشركة والحكومة للحصول على مساعدات وأخيرا إعلان الشركة نيتها بيع أصول لتوفير السيولة كل هذه الأحداث المتلاحقة تشير إلى "تعثر" المسيرة الناجحة الطويلة للشركة لكن هذا لا يعني أن الشركة مفلسة " بالمعنى القانوني للكلمة " وإذا كانت مفلسة فلماذا لم يقل محلل كريديت سويس هذا الأمر صراحة؟! .. ولماذا ذهب إلى تقييم السهم عند 3 فلس؟! .. هل هي نظرة المؤامرة مرة آخرى ؟ ..
أنا لست من أنصار هذه النظرية .. لكن في الوقت نفسه لا أستطيع نفي وجود ها خاصة عند "تداخل المصالح أو تضاربها" وإلا كيف لنا أن نفسر هذا التناقض الصارخ بين تقييمين أصدرهما كرديت سويس خلال شهرين فقط التقييم الأول هو 80 فلس والتقييم الثاني هو 3 فلس .. هل يستطيع محلل كريديت سويس أن يشرح لنا التغيرات الجوهرية التي طرأت على واقع الشركة وموجوداتها وأصولها ومركزها المالي وبنود ميزانيتها خلال الشهرين الماضيين؟ .. لا أحد يعرف إن كان هذا المحلل سيرد على سؤالنا .. لكن المطلوب من الشركة أن ترد على هذا التقييم وبمنتهى الشفافية والوضوح وأن تضع النقاط على الحروف وإلا فإن سكوتها سيفسر على أن التقييم صحيح وأن الشركة أكثر من مفلسة .. والرد العام الذي جاء على لسان رئيس مجلس إدارة الشركة صباح اليوم لم يشبع خوف مساهمي الشركة وهلعهم بدليل استمرار ضغوط البيع على السهم في جلسة اليوم .
لا شك أن حملة سهم شركة الإتحاد العقارية في ورطة هذه الأيام - تائهون بين ضربات مطرقة التقييمات وسندان ردود الشركة - ، والأنكى من ذلك انهم لا يملكون رؤية واضحة عن واقع الشركة بل وهم فريسة الحيرة القادمة باتجاههم من ثلاث جهات هي كريديت سويس وهرمس وشركة الإتحاد العقارية نفسها .. فآخر تقييم معلن من شركة هرميس حدد القيمة العادلة للسهم بـ 60 فلس، كما أن رئيس مجلس إدارة الشركة وفي حديث تلفزيوني عبر "برنامج المؤشر" الذي عرض على تلفزيون سما دبي يوم السبت الموافق 16/1/2010 نفى أن تكون الشركة مفلسة وقال: أن الشركة في وضع مالي جيد وأنها تجري مفاوضات لبيع أصول غير مدينة وأن نتائج هذه المفاوضات ستظهر قريبا " ..
وسط هذه المعمعة لا بد من طرح سؤال مهم لا يمكن إغفاله .. هل المطلوب من حملة الأسهم تصديق هرميس .. أم تصديق كريديت سويس .. أم تصديق رئيس مجلس إدارة شركة الإتحاد العقارية .. المنطق يقول أن ثقتهم يجب أن تكون بالشركة أكثر من ثقتهم بأي طرف آخر .. ولكن هل توفر لهم الشركة كل البيانات والمعلومات في الوقت المناسب وبصدق وشفافية عالية ؟.. إن مصداقية شركة الإتحاد العقارية على المحك ، وإثبات هذه المصداقية وإثبات حسن النية تجاه حملة الأسهم ما زال ممكنا ومتاحا فالموسم .. موسم إفصاح إذن لماذا لا تستغل الشركة ذلك وتعلن فورا عن نتائجها المالية الفصلية والسنوية وتقطع الألسن وتعيد الإعتبار للسهم .. لماذا الإنتظار ؟ .. إذا كانت الأرقام النهائية المدققة غير جاهزة فلتكن أرقاما أولية .. أو لتكن بيانا صحفيا يظهر الأرقام الحقيقية التقريبية بشفافية .. حتى الآن لا أحد يستطيع لوم إدارة الشركة ولكن بعد مرور فترة من الوقت قد يلقي حملة الأسهم باللوم كله على إدارة الشركة إن هي لم تفصح في الوقت المناسب .. فهل الشركة جاهزة لتحمل العواقب المهنية والأخلاقية والقانونية لغضب المساهمين ؟ .. دعونا نرى ما ستقوله الأيام القادمة.