في تناولي لهذا الموضوع ضمن هذه الزاوية منذ عدة سنوات أشرت إلى أن الوحدات العقارية المستأجرة من قبل الأجهزة الحكومية لأغراض إدارية أو خدمية أو سكنية أو خلافها.. وحين تقارن من حيث العدد أو وضوح واستقرار العلاقة التعاقدية مع المؤجرين لتلك الوحدات، وذلك من إجمالي عدد الوحدات العقارية المستأجرة في المملكة نجد أن نسبتها في الواقع ضئيلة، حيث إن المنشآت الحكومية التي تكون في الغالب مملوكة، لا تتجاوز بحد أقصى 10 % من إجمالي المنشآت العقارية بوجه عام، فما بالك بنسبة المستأجر منها..!
إلا أنه بالرغم من ذلك كله فإنه يوجد نظام يطلق عليه (نظام استئجار الدولة للعقار وإخلائه) ملحق به في ذات الوقت لائحة تنفيذية، تحكم كل منهما أوجه تلك العلاقة التعاقدية، وتساءلت حينها، لماذا لا يكون بين الأطراف الآخرين، خلاف الذين يتعاقدون مع المؤسسات الحكومية لتأجير عقاراتهم، نظام يحكم هذه العلاقة بينهم في هذا المجال، ليسد الثغرة التشريعية في هذا الجانب التي يعاني منها المواطن مؤجراً مستثمرا، أو مستأجراً، وتعاني منها المؤسسات القضائية، والسلطات التنفيذية والاقتصاد الوطني بوجه عام، فمن المعروف أن أحد الأسباب الجوهرية للإحجام عن الاستثمار لغرض الإيجار في القطاع العقاري، وبنسبة أكثر وضوحاً في مجال الإسكان، من وجهة نظر المطورين العقاريين هو صعوبة تحصيل الإيجارات في هذا النوع من الاستثمار العقاري.
إطلاق وزارة الإسكان خدمات الشبكة الوطنية لخدمات الإيجار، التي تهدف منها إلى تنظيم وتطوير إيجار المساكن في المملكة، على نحو يضمن حقوق المستأجر والمالك، من خلال توفير منصة إلكترونية تضم مجموعة من الخدمات الإلكترونية، من بينها توثيق العقود، والسداد الإلكتروني، وسجل السداد ، في مسعى لزيادة الثقة بين أطراف العلاقة التعاقدية في تأجير المساكن، تحفز بموجبها القطاع الخاص للاستثمار في قطاع الوحدات السكنية المعدة لغرض الإيجار، وتؤدي في نهاية الأمر إلى إيجاد توازن بين العرض والطلب في قطاع الإسكان، هي خطوة في هذا الاتجاه لملء هذا الفراغ التنظيمي في القطاع العقاري المعد للإيجار، إلا أنه يظل مقصورا على نشاط التأجير للأغراض السكنية، ولا يمتد لنشاط التأجير للأغراض الأخرى التجارية والمكتبية والصناعية والزراعية وخلافها، لذا فالحاجة لا زالت قائمة لوجود إطار تنظيمي يحدد أوجه العلاقة بين أطراف التعاقد في نشاط تأجير الوحدات العقارية كافة أيا كان الغرض من استخدامها، تشمل كلا من المؤجر والمستأجر ووسيط التأجير، بما يضمن عدالة ذلك التعاقد، وكيفية توثيقه ليكون سنداً في معالجة أي نزاعات يحتمل أن تنشأ، وتتولى الفصل فيها المؤسسات القضائية، والسلطات التنفيذية، لاسيما بعد إصدار المجلس الأعلى للقضاء الأسبوع الماضي قراراً بإنشاء محاكم عقارية تختص بالقضايا ذات العلاقة بمنازعات العقار.
نقلا عن الرياض