في الأوقات الإستثنائية تلجأ الدول والحكومات إلى إجراءات استثنائية ، وفي ظل الأزمة المالية العالمية التي لم يسلم من شرها أحد ،اتخذت كل دولة الإجراءات التنظيمية والقانونية والمالية التي تناسبها، وتعزز من قدرتها على مواجهة تداعيات الأزمة وآثارها فالولايات المتحدة تدخلت أكثر مما يجب في آلية السوق الرأسمالي ضاربة عرض الحائط بالعديد من المبادئ التي كانت مقدسة قبل عقد من الزمن ، وأنفق الأوربيون كالأمريكيين مليارات الدولارات كبرامج تحفيز هدفها تجنيب الإقتصاد العالمي ركودا عظيما قد يأكل الأخضر واليابس .
كغيرها من حكومات العالم لجأت دبي أمس بتاريخ 17/12/2008 إلى إجراء قانوني وتنظيمي ومالي - صدر عن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بصفته حاكم دبي - على شكل قانون يحمل رقم 35 لسنة 2009 ليس هدفه شد الحزام.. وإن كان شد الحزام ليس عيبا.. بمقدار ما كان الهدف منه إعادة تنظيم ومعالجة إدارة الأموال العامة العائدة لحكومة دبي وفق رؤية جديدة .
لقد شكل القانون دون أدنى شك إضافة جديدة ومهمة للبنية الفوقية لإمارة دبي ، وأي قراءة سريعة لأحكام هذا القانون تؤدي بالضرورة لاكتشاف مزاياه وإيجابياته التي بدونها ما كان لدبي مواجهة التحديات الراهنة بنفس القوة التي توفرت لها بموجب هذا القانون فعلى سبيل المثال لا الحصر ، سيرسخ القانون الجديد مفاهيم الإدارة المالية العصرية للإمارة .. وسيعزز مبدأ الشفافية في العلاقة بين الحكومة ودوائرها وهيئاتها وشركاتها المختلفة ، وسيضبط ويرشِِّد الإنفاق العام ،وسيحد من صرف النقد الموجه لرفاهية غير مبررة، وسيزيد من الرقابة والسيطرة على الإيرادات ، وسيقلل من هدر المال العام بل وسيساعد على مكافحة الفساد المالي والإداري بقطع الطريق على كل من تسول له نفسه التطاول على المال العام كما حدث في حالات قليلة مؤخرا .
لا شك أن دبي ومنذ أكثر من عقد من الزمن تتحرك في دائرة الأضواء العالمية ، وكل ما فعتله سابقا وكل ما ستفعله لاحقا سيكون محل جدل كبير في وسائل الإعلام العالمية ، وبالرغم من أن القانون رقم 35 لسنة 2009 جاء في الوقت المناسب وللمصلحة العامة إلا أن هجوما غير مبرر عليه من قبل الإعلام الغربي قد لا يفاجأنا أو يفاجئ أحدا لأن هذا الإعلام برهن للجميع خلال الفترة الأخيرة على أنه يغض الطرف عن كل ما هو إيجابي في دبي ويسعى دائما للإستنتاج والإستنباط ويبني على ما استنتجه أو استنبطه آراء وتحليلات سلبية موجهة ضد دبي ثم يضخمها ويقدمها للعالم على أنها حقائق لا تقبل النقض .
إن المسيرة التنموية لدبي مستمرة ، شاء المنافسون والحاسدون والشامتون أو رفضوا ، والكبوة لن تمنع الفارس وحصانه من متابعة الرحلة ، فرحلة البناء بلا حدود ، والقانون رقم 35 لسنة 2009 سيكون عند نفاذه علامة فارقة في البنية الفوقية للإمارة وإذا كانت البنية التحتية لدبي من الأفضل على مستوى العالم بشهادة الكثيرين فإن البنية الفوقية هي الأخرى بفلسفتها ونظمها وقوانينها ومبادئها وعقائدها الإقتصادية متجهة لأن تكون من الأفضل على مستوى العالم .