تعود الأزمة المالية العالمية بآثارها على الأسواق المالية المحلية والدولية ، لتؤكد النظرية الاقتصادية التي تقول أن الدورات الاقتصادية محددة الأعمار ، وما يزال العالم في بداية الدورة الاقتصادية الأولى ، والتي توصف بالركود ، وليس الكساد ، وتمتد لأكثر من عشر سنوات ، ولعل أقرب التصريحات إلى الواقعية ، هو ما تحدثت به المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل في نوفمبر الماضي بـ " توقع أن تعيش أوربا في أزمتها الاقتصادية لعشر سنوات مقبلة ، واصفة طريق التغلب عليها بـ (العسير ) .
وفي الأسبوع الماضي عاشت الأسواق المالية العالمية والمحلية عاصفة من التراجع ، بعد فوز المرشح الفرنسي اليساري فرانسوا هولاند في الانتخابات الفرنسية ، مهدداً خطة ( مير -كوزي) الأوروبية بالانهيار ، بعد تصريحه برفض سياسة التقشف في فرنسا .
وما تزال أنظار الاقتصاديين والسياسيين أيضا نحو المنتظر الجديد في اليونان ، الذي ينتظر تشكيل حكومة جديدة بعد الهزيمة الانتخابية للأحزاب المؤيدة لخطة التقشف ، الموقع عليها دولياً بين صندوق النقد الدولي والأحزاب الحاكمة حتى الآن .
وفي الساحة المالية فقدت الأسواق العالمية ما بين 4 إلى 5 في المائة في تداولات الأسبوع الماضي .
ففي السوق الأمريكي هوى مؤشر داو جونز من قمة 13038 نقطة إلى مستويات 12800 نقطة في تداولات الأسبوع الماضي ، فاقداً ما يقارب من 2 في المائة من قيمته الأسبوعية .
وفي أوربا واصل مؤشر فوتسي الانجليزي تراجعه للأسبوع الثاني على التوالي من 5777 نقطة إلى 5766 نقطة في الأسبوع ما قبل الماضي ثم إلى مستويات 5500 نقطة في الأسبوع الماضي ، فاقداً اكثر من 4 في المائة من قيمته الأسبوعية . قبل أن يرتد في نهاية جلسة الأمس إلى مستوى 5575 نقطة .
أما مؤشر داكس الالماني فقد تراجع من مستوى 6561 نقطة ،إغلاق الأسبوع ما قبل الماضي ، وقريبا من مستوى 6500 نقطة في تداولات الأسبوع الماضي ، فاقداً بذلك ما يقرب من واحد في المائة من قيمته الأسبوعية . وفي نهاية جلسة الأمس عوض خسارته بإغلاق عند مستوى 6580 نقطة .
وعلى النهج نفسه سار مؤشر كاك الفرنسي الذي تراجع بنسبة 4 في المائة في تداولات الأسبوع الماضي بإغلاقه قريباً من مستوى 3100 نقطة مقارنة بإغلاقه الأسبوع ما قبل الماضي عند مستوى 3232 نقطة .
وفي آسيا خسرت أيضا سوق هونج كونج المالية عندما حقق مؤشر هانج سنج أكبر خسارة في الأسواق المالية بلغت 5.3 في المائة من قيمته الأسبوعية بإغلاقه عند مستوى 19964 نقطة .
بينما أغلق مؤشر نيكاي الياباني عند مستوى 8988 نقطة متراجعا كذلك ولكن بنسبة 4.2 في المائة من قيمته ، مسجلا تراجعا في القيمة السوقية الأسبوعية له .
وفي السوق المالية المحلية فقد مؤشر السوق المالية السعودية TASI ما يقارب 4.3 في المائة من قيمته الأسبوعية بإغلاقه عند مستوى 7221 نقطة ، فاقداً ما يقارب من 324 نقطة .
وقد شهدت قطاعات السوق السعودية تراجعاً واضحاً ما عدا قطاع الإعلام والنشر الذي أغلق على ارتفاع بنسبة 5.4 في المائة .
أما بقية القطاعات فقد شهدت تراجعاً بلغت نسبته 8.3 في المائة في قطاع التأمين ،و 6.9 في المائة في قطاع التطوير العقاري ، و 6.5 في المائة في قطاع النقل .
أما القطاعات القيادية فكان قطاع البتروكيميات أكبرها تراجعاً بنسبة 4.6 في المائة ، وقطاع الاسمنت بـ 4.2 في المائة ، وقطاع المصارف بـ 3.8 في المائة ، وقطاع الاتصالات بـ 3.3 في المائة .
كما شهدت قيمة التداولات تراجعاً واضحاً بلغت نسبته 11 في المائة حيث بلغت في تداولات الأسبوع الماضي 40.7 مليار ريال وبقيمة تداولات يومية بلغت 8.14 مليار ريال يومياً .
وفي شأن سيولة القطاعات ارتفع نصيب قطاع المصارف الأسبوعي من قيمة التداولات إلى 8.16 في المائة ، ونصيب قطاع البتروكيميات إلى 17.75 في المائة ، والاسمنت إلى 2,57 في المائة .
فيما تراجع نصيب قطاع الاتصالات إلى 11.57 في المائة ، وقطاع التأمين إلى 8.73 في المائة ، وقطاع الزراعة إلى 6 في المائة .
أما قطاع التطوير العقاري فكان له النصيب الأكبر من سيولة الأسبوع الماضي بنسبة 23.5 في المائة بعد أن كان نصيبه 17,68 في المائة في تداولات الأسبوع الذي قبله .
ومن المتوقع فنياً أن يستمر مؤشر السوق المالية السعودية TASI في مساره الهابط نحو دعم 6885 نقطة ، متوسط الـ 200 يوم ، وذلك بعد فشل 7445 نقطة متوسط الـ 50 يوم في دعمه في تداولات الأسبوع الماضي ، إذ لا تزال جميع المؤشرات الفنية في قراءتها سلبية .
ويزيد من احتمال تراجع مؤشر السوق تراجع قطاع البتروكيميات الذي تراجعت قيمته السوقية الأسبوعية بـ 4.55 في المائة في تداولات الأسبوع الماضي ، إثر تراجع أسعار النفط من 104 دولار إلى ما دون 96 دولارا في تداولات الأسبوع الماضي .
وعلى المستوى العالمي ، ما تزال الجهود حثيثة لإخراج أوروبا من أزمتها ، وينتظر الأوروبيون والاقتصاديون ما سوف تسفر عليها اللقاءات القادمة بين المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند ، وما يتفقان عليه بشأن الخطة الأوروبية المعروفة بخطة (مير - كوزي) .
وإذا نجحت تلك الجهود سيكون من السهل على الدول الأوربية اقناع الحكومة اليونانية المنتظرة بأهمية السير على ما تم الاتفاق عليه بشأن سياسة التقشف الداخلية للحكومة اليونانية .أما في حال حدوث العكس فقد تواجه أوروبا والعالم ما هو أسوأ ، والله أعلم ،،