الآلية الفاعلة لتحصيل الديون,

23/01/2012 3
سعود الأحمد

تحدثت في مقال الأسبوع الماضي في هذه الزاوية عن سلبيات مجانية التقاضي، وكيف أن حكومات الدول الخليجية تريد منها التخفيف عن المجتمع لكنها تستغل أسوأ استغلال! وقد وردتني تعقيبات وتعليقات من رجال أعمال ومهنيين، وعن طريق مكتب الجريدة في جدة. وتابعت تعليقات القراء على بعض المواقع الإلكترونية التي تنشر مقالي نقلا عن هذه الصحيفة. وقد استوقفني سؤال: «ما الحل البديل لتحصيل الديون؟!»... وفي تقديري، المسألة غاية في السهولة.

فنحن لسنا بدعا من بقية دول العالم، وبالأخص الدول المتقدمة ممن سبقونا في مجال المال والأعمال، فهؤلاء بطبيعة الأحوال لديهم تجاربهم ومعالجاتهم لهذه المعاملات، فالذي يحصل في الدول المتقدمة: إذا كان لك دين في ذمة شخص (فردا كان أو مؤسسة)، فإنك تقدم أوراقك للبنوك إما للخصم وإما التحصيل. هذا إذا كان الدين مثبتا في ورقة تجارية (شيك أو كمبيالة أو سند لأمر). فإن أردت خصم الورقة فإن البنك يسلمك حقك في الحال، بعد خصم تكاليف التحصيل وتكاليف فترة التأجيل. أما إن أردت التحصيل فقط فإن البنك ينتظر حتى تاريخ استحقاق الورقة، ويقوم بدوره بمتابعة إجراءات التحصيل. والبديل الآخر إذا لم ترغب في خصم الورقة لدى البنك أو كان الدين ليس مثبتا في ورقة تجارية، كأن تكون بعت سيارة أو أي سلعة، وسدد لك المشتري جزءا من المبلغ وبقي في ذمته جزء وتأخر في سداده أو ماطل أو أنكر الحق الذي في ذمته، فما عليك إلا أن تقدم أوراقك إلى شركة تحصيل ديون أو مكتب محاماة. وهو بدوره يشتكي المدين المماطل ويستوفي منه الحق دون أعباء على صاحب الحق، لأن تكلفة التحصيل يتحملها المدين وليس الدائن (وهنا مربط الفرس).

والفكرة هنا أن هذه التكاليف التي عادة ما تكون مرتفعة تصل في معظم الأحيان إلى 10% من قيمة الدين، وبالتالي فإن المدين يحاول السداد بمجرد أن يطلبه منه الدائن، لأنه يعلم أن هناك مكاتب ومؤسسات مستعدة ومتفرغة ومحترفة لهذه النشاطات. كما أن البنوك لديها تعاون مستمر مع هذه الشركات، ومستعدة للاتصال بها مباشرة وبأي تكلفة تطلبها ويسمح بها النظام، لأن الذي يدفع هذه التكاليف في النهاية هو المدين.

الشاهد أنه لو تم تطبيق هذه الإجراءات بشكل مستمر وتم التعارف عليها بين رجال المال والأعمال فإن المماطل عند ذلك سيحسب ألف حساب قبل أن يتأخر في أداء ما عليه. وهذه الثقافة لو سادت لكان هناك تشجيع لمكاتب وشركات تحصيل الديون (Collection Agency)، شأننا شأن الدول المتقدمة كأميركا ومعظم دول أوروبا. فهناك تجد النشاط محموما لدى شركات تحصيل الديون. وليس هذا فقط، فالمدين يحسب حسابا آخر لوسائل الإعلام التي تترصد للمشاهير (خصوصا) من رجال الأعمال والفنانين والمهنيين وأصحاب الأسماء اللامعة، عسى أن تجد لهم قضايا في المحاكم لتجعل منها قصة وعناوين لصفحاتهم. وأسوأ ما يواجهه من يمثل أمام القضاء في الدول المتقدمة فلاشات المصورين الصحافيين! وكلما هربت الشخصية المرموقة عن أعين الصحافيين زادوا في ملاحقتها. ولعلي أذكّر بقصة أميرة ويلز «دايانا» يوم هربت منهم ومن عدساتهم حتى اصطدمت بجسر توفيت على أثره هي ومن معها.