ما علاقة «المكاتب العقارية» بغلاء السكن؟!

21/01/2013 3
سعود الأحمد

علينا ككتاب ومحللين أن نستشعر المسؤولية المهنية والأخلاقية، عندما ننتقد جهة ما أو قطاعا أو أصحاب مهن، أو غير ذلك، وأن نتحرى الدقة ونراعي أثر ما نكتب على المجتمع. وأهم ما في ذلك أن النقد لجهة ما، أو قطاع، إذا لم يكن في محله يعطي الجهة المنتقدة دالة أمام المسؤولين بالجهات المختصة. فالنقد الخاطئ والتهم الكاذبة يقدمان أكبر خدمة لمن يستحقون النقد، من أصحاب الأخطاء والمخالفات، كونهم يجدون فيهما مدخلا للقدح في مصداقية الصحافة، والتعميم على أن ما يكتب فيها من مقالات وتصريحات مجرد افتراء وتجنٍّ ونقد في غير محله!.. وهذا بطبيعة الحال يضعف الدور الإيجابي للصحافة بوجه عام. ناهيك عن أن بعض المستثمرين قد يأخذ بنصائح بعض الكتاب وينقاد إلى غير هدى، وقد يتسبب ذلك في خسائرهم. ولذلك أثر سلبي على الاقتصاد المحلي، لأنه يؤثر في ميكانيكية العرض والطلب على سلعة أو خدمة ما، ويؤثر بالطبع في سعرها وتوافرها في الأسواق!

وقبل سنتين تقريبا كتب بعض المحللين عن توقعاتهم بأن سوق العقارات ستنهار قريبا. وكان لي رد واضح على هذا التوقع بمقالات واكبت نشر هذه التوقعات، ثم كتبت عنه بعد ذلك بسنة، وبعد عامين متسائلا: «أين من وعدونا بسقوط سوق العقار؟»، وتحدثت عن هؤلاء الزملاء الكتاب والمحللين بالأسماء، بل وذكرت أنني اتصلت بهم وكنت في إجازة الصيف قبل عامين ووعدت أحدهم بمقال يخالفه ومقال بعد ذلك يُذكره بأن توقعه في غير محله. وحصل ذلك في هذه الزاوية!.. وقلت في مقالاتي بأن من ضرر ذلك أن بعض المستثمرين سيصدقون ما كُتب وسيحجمون عن مواصلة الاستثمار في العقار ما دام سيسقط، وهذا سيسهم في تقليل العرض وتفاقم مشكلة الإسكان وليس حلها! اليوم أكتب مخالفا وجهة نظر من صرحوا بأن المكاتب العقارية ترفع أسعار العقارات، وأنها تتكتم على المعروض لديها لتسهم في رفع سعر المعروض للإيجار.

وأقول إنه ليس من العقل ولا من المنطق أن المكاتب العقارية التي يفترض أن دورها ينحصر في الوساطة يمكنها رفع أسعار العقارات. فقد يكون المقصود المكاتب التي تملك عقارات معروضة للإيجار، وهذه المكاتب لكي نسميها بأسمائها الصحيحة فإن أصحابها هم المستثمرون الذين يسوقون عقارات بأنفسهم، لكنهم في الأصل مستثمرون وليسوا أصحاب مكاتب العقار «الوسطاء». فهؤلاء الوسطاء من مصلحتهم تأجير وبيع ما يعرض لديهم من عقارات بأسرع وقت ممكن، لسبب بسيط منطقي ومعروف، وهو أن صاحب العقار يعرض سلعته للبيع أو للإيجار بسعر محدد يلتزم به مكتب العقار، وغاليا يُعرض العقار بأكثر من مكتب عقاري، والذي يسوقها أسرع هو الذي ينال عمولة الوساطة أو السمسرة. وبالتالي فليس من مصلحة المكتب أن يتكتم على سلع معروضة لديه سواء للإيجار أو للبيع! وختاما أقول: إن التشخيص السليم لأي مشكلة هو الطريق الصحيح لمعالجتها، فإذا أخطأ التشخيص فلن تنجح المعالجة.