أسعار العقار السبب الرئيسي في غلاء المعيشة

16/10/2011 8
فيصل الحربي

ارتفاع أسعار العقار أصبح حديث المجالس نتيجة ما تسبب فيه من أزمة في الإسكان أبعدت المواطن كثيرا عن حلمه في تملك مسكنه الخاص، والسبب الذي أجمع عليه الجميع سواء المواطن أو الدولة في مشكلة الإسكان هو ارتفاع أسعار الأراضي،وليس هذا فحسب بل إن السبب الرئيسي في غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المنتجات الاستهلاكية والخدمية وارتفاع مستويات التضخم هو ارتفاع أسعار الأراضي، حيث أنها تسببت في ارتفاع إيجارات المعارض والمستودعات والمكاتب بنسب كبيرة جدا مما أدى إلي أن يتحملها المواطن في النهاية في ارتفاع أسعار المنتجات النهائية ، كما أن ارتفاع أسعار الأراضي هو السبب الرئيسي في ارتفاع تكاليف المشاريع الحكومية لأرقام فلكيه نتيجة تعويضات نزع الملكية ، فتضرر الوطن والمواطن من هذه الارتفاعات التي تصب في صالح قله قليله من التجار، وهو ما يدعوا إلي تدخل عاجل لإيجاد حلول جذرية وعمليه قابلة للتطبيق ، وهنا أدعوا الجهات الحكومية لأن تكون حلولها في منحنى العرض وليس في منحنى الطلب ، فالطلب لدينا طبيعي ولكن المشاكل لدينا في ضعف المعروض ، حتى أن صندوق النقد الدولي دعا المملكة إلي سن قوانين تحرك من الأراضي الساكنة ، وهنا أطرح الأسباب التي أدت إلي هذه الأزمة :-

- إن السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار الأراضي هو في عدم وجود تنظيمات وتشريعات تنظم السوق العقاري من البداية فكان الدور كله مناطا للمساهمات العقارية والتي كانت تضخ العروض للسوق العقاري بالشكل الذي يلبي الطلب و يحافظ على الأسعار في حدود المعقول ، وعندما تم إيقاف هذه المساهمات حدث اختلال بين العرض والطلب بشكل ملحوظ أدى إلي ارتفاع الأسعار نتيجة عدم قيام المطورين العقاريين بدور هذه المساهمات، وهنا يجب إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم السوق العقاري تسن القوانين وتحل الإشكالات وتعاقب المتلاعبين من محتكرين ومضاربين، فالمتلاعب في أسواق العقارات ضرره أكبر بعشرات المرات من المتلاعب في أسواق الأسهم أو محتكرين الحديد أو غيرهم ، ونتيجة عدم وجود هذه التنظيمات والرقابة كان هناك الخلل في وجود العديد من الإشكالات التي تسببت في عدم التوازن بين العرض والطلب ، ويمكن أن تستلم هيئة السوق المالية تنظيم هذا القطاع إلي جانب مهمتها باعتبار أن السوق العقاري جزء من أسواق المال.

- عن طريق الانترنت وعبر صور الأقمار الاصطناعية يتضح وجود عشرات الملايين من الأمتار داخل النطاق العمراني لم يتم بيعها بسبب قضايا مساهمات أو ورثه أو شراكة أو تداخلات،هذه القضايا بعضها لم يحل منذ سنوات طويلة نتيجة إجراءات روتينية فقط ، مما تسبب في إيقاف هذه الأراضي وحد من العرض بشكل كبير ، وهذه القضايا أهم من غيرها نتيجة أنها تمس حاجة الناس وتتسبب في ضعف المعروض في السوق ، وعليه يجب أن يتم تشكيل لجان من عدة جهات تتكفل بحل هذه القضايا بشكل مستعجل يضمن عوده هذه العروض للسوق بشكل سريع .

- وهناك أيضا عشرات الملايين من الأمتار المحتكرة داخل النطاق العمراني من قبل عقاريين غير مطورين أو منتجين همهم فقط الاحتكار للحصول على أسعار أعلى وهم في الحقيقة عاله على الاقتصاد وعلى الوطن ومخالفين للشريعة الإسلامية لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ((من احتكر فهو خاطئ )) أي : عاص آثم رواه الإمام مسلم ، ويجب أن تكون هناك حلول قاسية تكفل عدم وجود المحتكرين في السوق العقارية ، وذلك بفرض الضرائب العالية على الأراضي الخام داخل النطاق العمراني ، كما أقترح أن يتم إيقاف التداول على صكوك الأراضي الخام داخل النطاق العمراني لدى كتابة العدل ، وأن يكون إفراغها مشروطا بتطويرها خلال فتره معينة وإلا تحتسب هناك غرامة مالية في حال التأخر في تطويرها ، وهذا حتى تتوقف المضاربات على الأراضي البيضاء، كما أن لدى الأمانة في المدن العديد من أساليب الترغيب والترهيب للتحكم في سرعة تطوير وبيع هذه الأراضي.

- أحد أهم الأسباب التي ساهمت في انخفاض العرض واحتكار الأراضي ، هو في توفير البنوك لمنتجات ائتمانية تتيح لملاك الأراضي الخام رهن الأراضي لدى البنوك للحصول على التمويل بنسب منخفضة لتمويل احتياجاتهم الشخصية والتجارية مقابل احتفاظ أراضيهم بالارتفاع الكبير في أسعارها لصالحهم، وهنا يجب وبشكل عاجل سن قوانين تمنع رهن الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني وتقتصر أن يكون الرهن على المشاريع القائمة والمباني والعقارات المدرة ، وهذا سوف يحد من امتلاك أصحاب المشاريع والتجار للأراضي لرفع أصول شركاتهم للحصول على التمويل البنكي لأعمالهم ، ويحفزهم على تطوير وبناء هذه الأراضي لتلبي حاجاتهم وحاجة السوق .

- إن أحد أسباب عدم مواكبة حجم العرض للطلب في العقارات هو في البطء في إجراءات التراخيص للتطوير والبناء والتخطيط بما لا يتواكب مع السرعة المضطردة في الطلب.

- كما أن أحد أسباب ارتفاع الأراضي هو أنها تجذب رؤوس الأموال الصغيرة والكبيرة حيث أنها توفر لهم خيارا استثماريا وادخاريا آمنا ، وهذا يتضح جليا في أن حده الارتفاع في أسعار العقار بدأت بعد انهيار الأسهم في عام 2006م، فخرجت الأموال من سوق الأسهم وتوجهت إلي السوق العقاري نتيجة عدم توفر خيارات استثمارية أو ادخارية أخرى تستقطب هذه الأموال.

- الصناديق العقارية هي البديل النظامي للمساهمات ، والتي كان لها دور رئيسي في سحب الأراضي من المحتكرين وتحويلها لمنتج جاهز للعميل النهائي ، وهذه الصناديق تتسم بالسرعة في الأداء حتى يمكنها من توزيع أرباح مجدية لعملائها وهو ما يعود بالنفع على السوق العقاري بسرعة مواكبه العرض للطلب ، ولكن السبب في عدم قيام الصناديق بنفس دور المساهمات هو أن الصناديق ومنظميها خبراتهم في المجال البنكي ويفتقدون للخبرة العقارية وهو ما يجعل هناك تحفظ وتخبط في بعضها نتيجة عدم الخبرة في هذا المجال ، وهنا يجب على هيئة السوق المالية تحفيز البنوك والمطورين لطرح المزيد من الصناديق العقارية السكنية.

- كما إن زيادة تعدد الأدوار يتيح انخفاض تكلفة الوحدة وزيادة في العرض على مساحة أقل مما يؤثر في النهاية على أسعار العقار ، حيث أنه حسب التخطيط وتعدد الأدوار يمكن أن يحتوى المليون متر مربع على 600 وحده سكنية أو 1200 وحده أو حتى أكثر من 5000 وحده سكنية والفارق كبير حسب تخطيط مطور الأرض.

مما لاحظته شخصيا أنه وبسبب الارتفاع الكبير والسريع في أسعار الأراضي أحجم حتى ملاك صغار الأراضي عن بيعها رغبة في المزيد من الإرباح،وهذا تسبب في زيادة حده ارتفاع أسعار الأراضي وندرة العروض في السوق بشكل ملحوظ لدى المكاتب العقارية ، ومن وجهة نظر شخصية فإن الارتفاع الأخير في أسعار الوحدات السكنية تجاوز قدرة المواطن المالية على الشراء وحتى الحد الأقصى من القروض البنكية أقل من أسعار الوحدات الحالية وهو ما يجعل هناك فجوة غير منطقية بين سعر العرض وسعر الطلب ، بحيث أن هذه الفجوة لن تستمر طويلا .