دخل الأسر حول العالم

11/04/2023 1
فهد عامر الأحمدي

هل يمكن الحكم على طبيعة ومستقبل أي شعب من خلال معرفة أين تصرف الأسر مداخيلها؟

بالنسبة للأسرة العربية من الواضح أنها تعاني من خلل في مفهوم الاستهلاك والادخار... يتركز اهتمامها على الجانب الاستهلاكي فقط، ولاتدرك أهمية الاستثمار، والإدخار، والصرف على التعليم، الأسرة في اليابان مثلا، تنفق أعلى نسبة من دخلها على التعليم، يليها الأسرة الكورية الجنوبية ثم التايوانية. أما الأمريكان فأكبر نسبة من مداخيلهم تذهب للاتصالات ووسائل النقل. أما الفرنسيون فاهتمامهم الأكبر ينصب على شؤون الإسكان والصحة ولوازم الشياكة... أما مهارة الإيطاليين في تحضير (البيتزا) و(السباجيتي) فيعود إلى أنهم الأكثر إنفاقا على الغذاء ولوازم الطبخ بين الدول الصناعية - في حين تنفق الأسرة الأمريكية أقل نسبة كتفسير معقول لرداءة المطبخ الأمريكي!

أما الألمان فيبدو أن جديتهم في العمل جعلتهم ينفقون نسبة كبيرة من مداخيلهم على وسائل الترف واقتناء أحدث المنتجات التقنية. ويتساوى الألمان مع البريطانيين في الإنفاق على الأثاث المنزلي، ولكن يتفوق البريطانيون في اقتناء كل ماهو عريق ومكلف!، أما بالنسبة للأسرة السعودية، فهناك مسح لهيئة الإحصاء يشير إلى أن متوسط الدخل الشهري للأسرة (في 2018) هو14,823 ريـالا، في حين يبلغ متوسط استهلاكها الشهري 14,584 ألف ريال... والفرق بين الرقمين يعني أنه لايبقى من الدخل الشهري للأسرة سوى239 ريالا فقط (لا أعتقد أنها موجهة كاملة للادخار أو الاستثمار مثلا)...

أما على مستوى العالم العربي، فتقول استطلاعات الرأي إن اهتمام كثير من العرب يتركز في بطونهم... فمتوسط إنفاق الأسر العربية على الطعام يتجاوز 45 في المائة من مجموع دخلها العام، وأتصور ارتفاعه في رمضان. وهناك دراسة للاتحاد العربي للصناعات الغذائية تشير إلى أن مصر تأتي في أول القائمة بـ52 في المائة من دخل العائلة، يليها العراق بـ49 في المائة، ثم سورية بـ48 في المائة، ثم لبنان 44 في المائة، ثم الأردن بـ40 في المائة، في حين تأتي السعودية في المركز الثامن بـ32 في المائة (وأعتقد أن النسبة تصبح أكبر بكثير في حال أضفنا إليها كميات الأطعمة المهدرة في المناسبات وحفلات الزفاف).

والكارثة هنا أن اهتمام العرب بالطعام لايتوازى أبدا مع مهارتهم في إنتاجه. ويتضح هـذا من ضخامة فاتورة استيراد المواد الغذائية، وحقيقة أن معظم أغذيتهم الاستراتيجية كالأرز والحبوب واللحوم تأتي من الخارج!!

... بصراحة، لم يتغير البعض منذ قال جبران خليل جبران قبل مائة عام:

«ويـل لأمة تأكل مما لا تزرع، وتلبس مما لا تخيط، وتشرب مما لا تعصر".

 

نقلا عن الاقتصادية