بعد حرب الرسوم الجمركية المواجهة القادمة مع الفيدرالي

03/07/2025 1
محمد العنقري

وضع الرئيس ترمب ثلاثة أهداف اقتصادية رئيسة عندما فاز بالانتخابات وهي لجم الدين السيادي عبر خفض العجز التجاري وكذلك عجز الميزانية العامة ووضع خططه لتحقيق ذلك بداية بفرض رسوم جمركية على كافة الواردات الأمريكية باستثناء سلع استراتيجية محدودة مثل النفط حيث أراد رفع الإيرادات العامة وإرغام الكثير من الشركات الأمريكية أو الأجنبية الكبرى بأن تنقل خطوط إنتاجها لأمريكا حتى تحافظ على حصصها فيه لأنه السوق الاستهلاكي الأضخم بالعالم حيث يبلغ تأثير المستهلك الأمريكي حوالي 70 بالمائة من الناتج الإجمالي وتعد أمريكا الشريك التجاري الأكبر لأهم اقتصاديات العالم مثل الصين وأوروبا والهند وكندا والمكسيك وغيرها من الاقتصادات المتقدمة والناشئة.

وبما أن الرسوم كانت ورقة تفاوضية للحصول على اتفاقيات تجارية تعيد التوازن للتجارة الخارجية الأمريكية وتقلص العجز بنسبة كبيرة فقد نجح بتوقيع اتفاقيتين مع بريطانيا والصين وفق ما أعلن سابقاً وذكر الرئيس ترمب أن هناك اتفاقا قادما مع الهند ومن سياق الأخبار فإن الاتحاد الأوروبي واليابان وكندا وغيرها الكثير ليست بعيدة عن التوصل لاتفاق تجاري مناسب مع أمريكا فهو يهدف من الإسراع لعقد هذه الاتفاقيات إلى منع حدوث تضخم في الاقتصاد الأمريكي وكذلك زيادة وتيرة ارتفاع الموارد للخزينة العامة إضافة لجذب الاستثمارات للتصنيع المحلي وتوليد فرص العمل كما أن حرصه على اتخاذ أي إجراء يساهم باستقرار أسعار النفط عند مستوياتها الحالية يدعم التوجه لمنع عودة التضخم فهو يريد زيادة إنتاج النفط في بلاده وكذلك سمح للصين أن تشتري النفط من إيران رغم وجود عقوبات عليها والقصد من كل محاولات خفض نسبة التضخم ليس فقط كسب الناخبين لحزبه في الانتخابات النصفية العام القادم بل أيضا إزالة أي حجج أمام الفيدرالي الأمريكي تمنعه من خفض أسعار الفائدة بنسبة كبيرة.

فالفيدرالي يضع أمامه مؤشرات وأهداف محددة حتى يستمر بخفض الفائدة ورغم أن التضخم انخفض كثيراً لكنه بقي أعلى من المستهدف عند 2 بالمائة بهامش معقول إلا أن الرسوم الجمركية هي التي ما زالت تخيف الفيدرالي بأن يكون لها أثر تضخمي بالغ إذا لم تنجز الاتفاقيات بشكل سريع يخفض مخاطر ارتفاع التضخم وبسبب عدم استماع رئيس البنك الفيدرالي جيروم باول لدعوات ترمب لخفض الفائدة بدا يتلقى هجوماً شرساً منه بشكل شبه يومي ودون مناسبة أي يكون تصريحه عن قضايا سياسية دولية إلا أنه يتطرق لأسعار الفائدة لدرجة أنه نعت جيروم باول بأوصاف غير لائقة وكأنها من وسائل الضغط عليه لخفض الفائدة أو ليغادر منصبه مبكراً قبل انتهاء ولايته في مايو 2026 بل بدأ يصرح بأنه يفكر بتغييره رغم أن ذلك ليس بالأمر اليسير تنظيمياً فأصبح يدعوه للاستقالة ويؤكد أنه سيرشح بديلاً عنه يسارع لخفض الفائدة فهو يريد أن يحقق هدفين من ذلك الأول خفض دفعات خدمة الدين فهي تكلف مئات المليارات سنوياً إضافة إلى أن خفضها لمستويات تقارب 2 بالمائة سيدعم نمو الاقتصاد وتدفق الاستثمارات باعتبار أن التباطؤ دخل لاقتصاد أمريكا وأن معدلات التضخم منخفضة فمن الضروري أن يتم تخفيض الفائدة وفق وصف الرئيس ترمب.

مواجهة اقتصادية جديدة صحيح أنها داخلية لكن ابعادها تتعدى حدود أمريكا لأن الفيدرالي الأمريكي يعد أكثر البنوك المركزية العالمية موثوقية وتأثيره داخلياً وخارجياً وإذا ما استمر التدخل لحدود الضغط لاستقالة رئيسه وبعد ذلك تكون هناك هيمنة للحكومة عليه فهو يعني انتهاء عصر استقلال السياسة النقدية الأمريكية حتى لو بشكل غير رسمي أو تنظيمي وبالتالي ستهتز الثقة بالدولار والتشكيك سيزداد بمدى دقة قرارات الفيدرالي بعد ذلك ذات التأثير الواسع عالمياً.

 

 

تقلا عن الجزيرة