صندوق النقد يشيد بمتانة اقتصادنا

03/07/2025 0
طلعت بن زكي حافظ

في إطار «مشاورات المادة الرابعة» لصندوق النقد الدولي، والتي هي إحدى الأدوات الرقابية الأساسية المنصوص عليها في اتفاقية تأسيس الصندوق، وتُطبَّق على جميع الدول الأعضاء البالغ عددها 190 دولة، أنهت بعثة الصندوق زيارتها السنوية إلى المملكة، وأصدرت بيانًا أوليًا يتضمن نتائج وتقييمات الزيارة.

في ختام الزيارة، أصدر فريق عمل بعثة صندوق النقد الدولي، بيانًا في 26 يونيو الماضي، تضمّن للاستنتاجات الأولية للخبراء، الذين أشاروا فيه إلى التقدم الكبير الذي يشهده الاقتصاد السعودي، بالتركيز على التحوّل غير المسبوق الذي يقوده الاقتصاد، مدفوعًا بسياسات مالية واقتصادية كلية فعالة، إلى جانب الإصلاحات الهيكلية في المالية العامة والبيئة التنظيمية للأعمال، والتي أسهمت مجتمعة في تعزيز نمو القطاع غير النفطي.

أكّد البيان الختامي لبعثة مشاورات المادة الرابعة على متانة الأوضاع الاقتصادية والمالية في المملكة، مدعومة باستمرار نجاح الخطط الاقتصادية والسياسات المالية في الحفاظ على الاستقرار المالي وتحقيق النمو رغم التوترات الجيوسياسية والتجارية وحالة عدم اليقين التي يشهدها الاقتصاد العالمي.

واستعرض البيان نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاع غير النفطي بنسبة 4.2% خلال عام 2024، مدفوعًا بارتفاع الاستهلاك الخاص وزيادة الاستثمار غير النفطي، مع مساهمة بارزة من نشاط تجارة الجملة والتجزئة، والمطاعم والفنادق، إلى جانب قطاع التشييد والبناء.

أرجعت بعثة الصندوق هذا النمو إلى السياسات المالية الفعالة والإصلاحات الهيكلية التي نفذتها حكومة المملكة، والتي ساهمت في استقرار النشاط الاقتصادي في الربع الأول من العام 2025، وفقًا لمؤشر مديري المشتريات المركب الذي يقيس توسع القطاع الخاص، حيث أظهر التقدير المبدئي للربع الأول نموًا في الأنشطة غير النفطية بنسبة 4.9% على أساس سنوي.

وأكد البيان على مواصلة المملكة التزامها بالتنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة، الذي انعكس على استمرار الطلب المحلي القوي رغم ارتفاع حالة عدم اليقين العالمية. وتوقع البيان أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي في المملكة نمواً بنسبة 3.4% خلال العام 2025، مدفوعاً باستمرار تنفيذ مشاريع رؤية السعودية 2030، بدعم من الاستثمارات الخاصة. كما توقع أن يسهم النمو القوي في الائتمان في دعم الطلب المحلي.

وأشاد البيان باستمرار السياسة المالية الرامية إلى المحافظة على قوة المركز المالي وتحقيق الاستدامة المالية، وذلك من خلال المحافظة على مستويات آمنة من الاحتياطيات الحكومية وكذلك على مستويات مستدامة من الدين العام، حيث أشاد البيان بمستوى الدين العام رغم وصوله إلى 26.2% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث لا يزال منخفضاً ومن الأقل عالمياً ويقع ضمن مستويات مستدامة، في ظل تمتع المملكة بحيز مالي يُمكنها من التعامل مع أي تحديات مستقبلية.

أثنى خبراء الصندوق على مرونة اقتصاد المملكة أمام الصدمات مع توسع أنشطة القطاع غير النفطي، واحتواء التضخم، ووصول معدل البطالة إلى أدنى مستوياته تاريخياً، حيث انخفض على مدى الأربعة أعوام الماضية إلى النصف لينخفض إلى مستوى تاريخي بلغ 7% في العام 2024، محققاً مستهدف رؤية السعودية 2030، لافتاً الانتباه إلى ارتفاع معدلات التوظيف في القطاع الخاص بنسبة 12% في المتوسط خلال العام 2024، مما يعكس نجاح برامج التوظيف وتمكين الكوادر الوطنية، ويؤكد فعالية الإصلاحات الاقتصادية والتنموية ضمن مستهدفات الرؤية، التي تواصل خلق الفرص وتعزيز مشاركة السعوديين في سوق العمل.

وأخيرًا، توقّع خبراء صندوق النقد الدولي أن تسهم المبادرات الإصلاحية الأخيرة – ومن أبرزها نظام الاستثمار الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في فبراير 2025 – في تعزيز سيولة السوق وزيادة جاذبية أسواق رأس المال السعودية أمام المستثمرين الأجانب.

خلاصة القول، أكد بيان بعثة مشاورات المادة الرابعة على متانة وسلامة الاقتصاد الوطني، ونجاح السياسات المالية والاقتصادية في تعزيز قدرة المملكة على الصمود أمام الصدمات، حيث قد واصلت الأنشطة غير النفطية نموها، وظل التضخم تحت السيطرة، وسُجّلت معدلات بطالة منخفضة غير مسبوقة، رغم تراجع عائدات النفط. كما أشار البيان إلى بقاء هوامش الأمان المالية والخارجية عند مستويات مريحة، بما يعكس قوة الأسس الاقتصادية واستمرار فعالية السياسات المُعتمدة.

 

 

نقلا عن الرياض