أثر العدوى المالية

22/05/2010 0
عمرو العراقي

حتى الان لا تزال الازمة المالية التى هزت العالم تتوالى وبالرغم من غالبية الدول اسرعت فى اتحاذ الاجراءات الوقائية الا ان بعضها يذوب ويتلاشى فى دوامة الازمة والبعض الاخر يصمد ولكنه لا يعتبر علاجا نهائيا فهو بمثابة مسكن للالم او دواء لوقف نزيف الخسائر.

وتبين التجربة من الازمات المالية السابقة ان الازمات لا تقف عند حدود الدول او انها تصيب الاقتصاديات الناشئة وتخشئ من الاقتصاديات المتقدمة الا ان الاوجه الاساسية للتعرض للخطر الاقتصادى تظهر فى كلا منهما على حد سواء.

فالجميع سواء الاقتصاديين او غيرهم قد قراء عن اسواء ازمة فى العالم وهى ازمة الكساد الكبير التى اندلعت نيرانها من وول ستريت عام 1929 مع انهيار اسعار الاسهم الامريكية لتمتد اثار الازمة الى خارج الولايات المتحدة لتضرب بالاقتصاد الحقيقى لدول اوروبا الغربية على نحو هدد اركان النظام الراسمالى.

ومن اشهر الازمات التى تعكس مدى انتشار العدوى المالية على بلدان قد تكون متجاورة او غير متجاورة لمنبع الازمة هو ما حدث عام 1997 حيث تعرضت الدول الاسيوية لازمة مالية حادة بدات من تايلاند عقب قرار تعويم العملة مما احدث خلل اقتصادى دفع مؤشر hang sang  للتراجع 1211 نقطة فى يوم واحد ثم تهاوت بعد ذلك مؤشرات اسواق باقى الدول التى كان يطلق عليها ذلك الوقت النمور الاسيوية ، ذلك بالرغم من هذه الدول ابهرت العالم بما كانت تحققه من طفرات فى معدلات النمو السنوية تراوحت ما بين 7% الى 8% فى ذلك الوقت الا ان اعصار الازمة ضرب الجميع.

وقد تعرض العالم فى الاونة الاخيرة لازمة ذات نطاق اوسع فى التاثير والتى اندلعت فى الولايات المتحدة الامريكية فى بداية عام 2007 نتيجة ندرة فى السيولة فى اسواق الائتمان الى جانب الانكماش فى القطاع العقارى والممارسات المرتفعة المخاطر , ولن تكن الولايات المتحدة المتضرر الوحيد من هذه الازمة بل تاثرت كافة الدول سواء كانت تتبع سياسات اقتصادية منفتحة على العالم او حتى المنغلقة منها .

فضربت الازمة العالم من الهند الى الصين ودفعت الدول الى اتخاذ العديد من الاجراءت الوقائية حيث تبنى قادة منطقة اليورو خطة انقاذ مالى كما اقر مجلس الدوما الروسى خطة لانقاذ القطاع المصرفى بقيمة 84 مليار دولار كما اجبرت ايسلندا الى شراء 3 مصارف كبرى وتعرض سوقها المالى لاضطرابات اضطرتها للاغلاق وامتد اثر الازمة الى الدول العربية ايضا التى تاثرت موشرات اسواق اسهمها بالاخبار السلبية التى كانت تنشر يوميا عن اداء الاقتصاد الامريكى .

والان وبعد ظهور بعض المؤشرات التي أخذت تلوح في الأفق حول بداية التعافي  إلا أنه دائما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن حيث دخلت اقتصاديات العالم في سلسلة من الأزمات ما تكاد تخرج من أحداها حتى تدخل في أخرى؛ من أزمة الائتمان الأمريكية إلى أزمة ديون دبي وأخير أزمة ديون اليونان التي باتت تهدد الكيان الأوروبي كله خاصة بعد تخفيض وكالات التصنيف الدولية لكل من الاقتصاد الإسباني والبرتغالي .

ولعل اول اثار هذه الازمات انما يتعلق بالدول التى تولد فيها الانفجارات المالية الان ما يهمنا من غبار الازمة هو انتقالها الى الدول الاخرى حيث اصبح السؤال الاهم لدى الجميع مع كل ازمة هو الى اى مدى ستؤثر هذه الازمة ؟ وللاجابة على هذا التساؤل يجب قياس مدى ارتباط العديد من المتغيرات بالدولة منبع الازمة , وتعتبر تدفقات التجارة الدولية من ابرز الاليات التى يتم من خلالها انتقال اثار الازمة الى الدول الاخرى. 

وقد يكون احد ابز عوامل انتشار عدوا الازمات المالية هو الارتباط بين اسواق الاوراق المالية وذلك بسبب اتباع غالبية الدول لسياسات فتح الباب امام رؤوس الاموال الاجنبية وتشجيعها على التدفق الى الداخل دون ضوابط كما ان استخدام الدول لنظام سعر الصرف الثابت المرتبط بالدولار الامريكى حيث يرتبط سعر صرف عملتها بالدولار صعودا وهبوطا.

لذا اذا اردنا ان نحدد مدى حجم الضرر الذى ستتحمله اقتصاديتنا المحلية يجب علينا اولا معرفة ما هو مدى انفتاح اقتصاديتنا بالاقتصاد العالمى.