مشاكلنا المستعصية

14/08/2022 1
علي المزيد

الأمة العربية يبدو لي في هذا الزمن القادرة على تحديد مشاكلها بدقة متناهية، ولكنها الأمة الوحيدة للأسف غير القادرة على حلها رغم دقة توصيف المشكلة. ولنأخذ بعضاً من هذه المشاكل على سبيل المثال وليس الحصر، الأمة تعاني من الأمية، ومع ذلك لا تسعى الحكومات للقضاء على الأمية أو محوها رغم بساطة الحل في نظري ومردوده الضخم على الاقتصاد، فها هي الهند طورت اليد العاملة لديها وعاد ذلك عليها بتحسن الاقتصاد من خلال تحويلات المغتربين، ونحن نرى أن الهنود أصبحوا الجنسية المسيطرة، أو قل الملازمة كلما ذكرت الحواسب الآلية، والفلبين رغم ضعف مواردها الطبيعية أصبحت تصدر اليد العاملة لجميع أصقاع الأرض، خصوصاً في المجالات الصحية والفنية.

المشكلة الثانية والأهم في نظري الفساد الذي يضرب أطنابه في العالم العربي، وهذا المرض يهدد كل شيء في الحياة ويقضي على التنمية، لأن الفاسد ينظر لجيبه لا لوطنه. ونحن نعلم أن الفساد مستويات؛ فبعض بلادنا العربية يكون فيها الفساد مستشرياً من دخولك للمطار وانتهاء باستخراج رخصة مصنع، ما يجعل المستثمرين يعزفون عن الاستثمار في بعض الدول العربية لأنهم يخشون من الفساد ورأس المال حساس ويدرس بدقة الموطن الذي سيتجه إليه، فإن وجد فيه الأمان اتجه إليه وإن وجد غير ذلك انصرف عنه.

التناقض؛ فنجد سياسة دولة عربية تعلن ترحيبها بالاستثمار الأجنبي وتشرع في قوانينها ما يحفظ حق المستثمر، ما يغري المستثمر بالإتيان لهذا البلد العربي، لكن المستثمر حينما يأتي يرى أن الأمور في هذا البلد العربي عكس ما كان يتصور، وأن منفذي السياسة المعلنة (المنفذين) يريدون حصة من كعكته التي يكفيها مشاكلها، فالتجارة أياً كان نوعها؛ صناعة أو زراعة أو خدمات، محاطة بالتحديات، بدءاً من التمويل وتكلفة الإنتاج وانتهاءً بمشاكل التسويق، ومع ذلك هم يريدون حصتهم التي يرونها مشروعة، وهذه هي المشكلة غير مكترثين بمشاكل المستثمر المتعددة، وغير مكترثين بمصلحة وطنهم ومواطنيهم، كون مثل هذه المشاريع أياً كانت توطن المعرفة، وتوظف اليد العاملة.

والأهم من هذا أن المستثمر ينقل تجربته لمستثمرين آخرين ويذكر خسارته التي سببها له المنفذون، ما يجعل المستثمرين الآخرين يعزفون عن الاستثمار في هذا البلد، فيخسر البلد العربي فرصاً لن تعود.

أضف إلى ذلك المشاكل البينية بين الدول العربية بعضها ببعض، ما يضيق هذه السوق نتيجة المشاكل السياسية بين بعض الدول العربية.

هذه بعض المشاكل المحيطة بعالمنا العربي وليس كلها، لأن السلسلة طويلة وأنا أتكلم عن المشاكل المحيطة بالاستثمار فقط، ولك أن تتخيل لو كان لدينا تعليم نوعي ينسجم مع متطلبات الأسواق؛ كيف سنصبح؟

الأمر الآخر تخيل أيها القارئ الكريم أن الفساد تقلص في عالمنا العربي، فكم من استثمار سيأتي إلينا! أضف إلى ذلك؛ كم سنوطن من المعرفة! وكم من يد عاملة محترفة ستتخرج من هذه المشاريع! كل ذلك لم يحل رغم تحديدنا لهذه المشاكل مما يزيد على سبعين عاماً. ودمتم.

 

 

نقلا عن الشرق الاوسط