في مثل هذا الشهر من عام 2006 انفجرت أكبر وأقوى فقاعة في سوق الأسهم السعودية خلفت آثارا كبيرة في الاقتصاد والمجتمع بشكل عام وما زالت آثارها حاضرة لهذا اليوم مسببة أزمة مالية في وقتها، وهذا يقودنا إلى محاولة فهم وتفسير الأزمات المالية التي إلى عام 2008 كان العالم يعتقد أن الأزمات المالية لا تحدث إلا في الاقتصادات النامية أو الناشئة وأن الاقتصادات المتقدمة اكتسبت المناعة ضدها لكن الأزمة المالية من جراء الرهون العقارية الأمريكية حطمت هذا الاعتقاد.
في أواخر القرن الـ19 طور عالم سويدي اسمه Knut Wicksell تفسيرا للأزمات المالية على أنها في الحقيقة جزء لا يتجزأ من الدورات المالية التي تبدأ من سياسة مالية توسعية أو متراخية تعمل على زيادة الائتمان وبالتالي زيادة أسعار الأصول وهذه الزيادة أو الارتفاعات في الأسعار تستمر حتى تصل إلى نقطة الفقاعة، حيث مستوى الأسعار لا يتوافق مع الأساسيات لهذه الأصول حتى نصل إلى مرحلة الانفجار للفقاعة التي تقود إلى مرحلة انهيار للأسعار تعتمد حدتها -حدة النزول- على حدة ومدى الارتفاعات السابقة لها وكذلك على مدى إدارة الجهات المعنية لهذه الأزمة. بعد ذلك قدم عالم آخر Minsky تطويرا لهذه النظرية اسمها نظرية "عدم الاستقرار المالي"The Financial Instability تقول إن النظام المالي أساسا غير مستقر وهش وعرضة للأزمات بسبب عدم استقرار عرض الائتمان.
إذن ما الأسباب التي توجد الأزمات المالية إضافة إلى ما ذكره Minsky بخصوص الائتمان والتمويل؟ هناك عدم تطابق الأصول والخصوم حجما وزمنا في المركز المالي سواء لمالية الحكومة أو الشركات، حيث تكون هناك مطلوبات كبيرة على المدى القصير لا تقابلها أصول على المدى القصير، كذلك من الأسباب غموض الأوضاع الاقتصادية والمالية في الاقتصاد أو في قطاع معين، ما يؤدي إلى بيئة خصبة لقرارات متسرعة وانتشار سياسة القطيع وهو ما يحدث اختلالا في الاقتصاد، كذلك وجود سياسات وأنظمة رقابية مالية هشة تقود إلى أزمات مع الوقت وأخيرا العدوى وهي تنتج من انتقال الأزمة من بلد إلى بلد آخر يتشابه أو يشترك معه في خصائص معينة.
من المهم معرفة مراحل تطور الأزمة التي تبدأ من:
1 - مرحلة الانضباط، وفيها يتم إيجاد قوانين وأنظمة وسوق جديدة تجلب فرصا جديدة.
2 - مرحلة النشاط، وفيها يبدأ تدفق الاستثمارات وتشهد ارتفاع الأسعار.
3 - مرحلة الهوس، وهي مرحلة الفقاعة وهنا يكون المستثمرون أكثر قابلية لأخذ المخاطر، خصوصا المستثمرين الجدد في هذه السوق، وبالتالي تتم زيادة الطلب على الائتمان وأخذ قروض عالية مدفوعة بالطمع وارتفاع الرهون مدفوعة بارتفاع الأسعار.
4 - مرحلة الأزمة، وهي مرحلة لا يتعرف عليها إلا المختصون والمحترفون وذوو الخبرة في هذا القطاع، حيث يستشعرون خطورة ما يحدث وبالتالي يبدؤون البيع والتخارج.
5 - مرحلة النفور، وهي مرحلة انفجار الفقاعة التي يحدث معها انهيار في الأسعار ومعها يبدأ التدافع من الجميع للبيع.
لكن كيف يمكن اكتشاف الأزمة قبل انفجارها؟ هناك ست علامات تساعد على اكتشافها، وهي:
1 - تذبذب غير طبيعي في أسعار الأصول.
2 - ارتفاع حجم الديون ووجود خلل في سوق الائتمان.
3 - السيولة ووجود مشكلات في القدرة على سداد الديون لدى الشركات الكبرى أو الدول.
4 - مشكلات في قوائم المركز المالي للشركات والدول.
5 - بداية تدخلات غير عادية من قبل الدولة أو البنوك المركزية لحل مشكلات السيولة والائتمان.
6 - إجراءات "غير اعتيادية" في السياسة المالية للدولة لمعالجة خلل اقتصادي.
هناك ثلاث صور تظهر من خلالها الأزمات المالية، وهي:
1 - أزمة العملة، وهنا تحدث من خلال هجوم مضاربي بداعي توقع تغير في نظام سعر صرف العملة وهو ما حدث للريال السعودي كثيرا خلال العقود الماضية لتوقع قيام الحكومة بتخفيض سعر الصرف مقابل الدولار، هناك أيضا مضاربات بحتة تحدث على أساس فني، وأخيرا هناك مضاربات مدفوعة بتحليل مالي لقوائم الشركات الكبرى في بلد ما وبتحليل قائمة المركز المالي للبنك المركزي التي تقود لوجود مشكلة مالية تقود إلى أزمة عملة، مثل ما حدث مع تركيا.
2 - أزمة مصارف، وتظهر كذلك من خلال إجراءات مثل عمليات اندماج في بداية الأزمة أو إغلاق مصارف أو استحواذ في القطاع نفسه، أو من خلال استحواذ الحكومة على المصرف وهذه الأزمة تظهر بسبب انعدام الثقة بالقطاع المصرفي خصوصا لدى الدول النامية التي تملك أنظمة رقابية ضعيفة.
3 - أزمة ديون، وتحدث عندما تظهر علامات على عدم قدرة الحكومة أو الشركات على دفع القرض أو حتى فوائده في مواعيده المحددة، وهي عادة تحدث في الديون التي تكون بالعملة الأجنبية، وأفضل مثال ما حدث في الأرجنتين عام 2001 حيث تخلفت عن دفع 95 مليار دولار.
من المهم أن نعلم أن من خلال الأزمات استطاعت الدول تطوير أنظمتها التي يعود بالفضل لكثير منها اليوم لأزمات سابقة وقديمة ولعل أبرز نتائج الأزمات هو البنك الفيدرالي الأمريكي، سوق وول ستريت، FDIC وأغلب التنظيمات المصرفية والنقدية والمالية هي نتاج لهذه الأزمات ولعل آخرها التنظيمات على المصارف التي أقرها الكونجرس والحكومات الأوروبية بعد أزمة الرهون العقارية، كذلك لدينا في سوق الأسهم ما حدث بعد فقاعة 2006 من تطوير كبير في الأنظمة وهو نتاج الفقاعة.
سأشارككم نتاج دراسة لعالمين قاما بإحصاء عدد الأزمات المالية حول العالم من عام 1970 حتى عام 2012 وهي كالآتي:
1 - 147 أزمة مصرفية.
2 - 211 أزمة عملات.
3 - 67 أزمة ديون سيادية.
كذلك هناك أزمات مزدوجة: مصرفية مع عملات أو ديون مع عملات، وهذه حدثت 41 مرة، وأسوأ الأزمات على الإطلاق وهي الأزمة الثلاثية: مصرفية وعملات وديون، وقد حدثت عشر مرات.
أخيرا أتمنى أن تستطيع الآن معرفة إذا كانت هناك أزمة مالية عالمية مقبلة أم لا.
نقلا عن الاقتصادية
في أواخر القرن الـ19 طور عالم سويدي اسمه Knut Wicksell تفسيرا للأزمات المالية على أنها في الحقيقة جزء لا يتجزأ من الدورات المالية التي تبدأ من سياسة مالية توسعية أو متراخية تعمل على زيادة الائتمان وبالتالي زيادة أسعار الأصول وهذه الزيادة أو الارتفاعات في الأسعار تستمر حتى تصل إلى نقطة الفقاعة، حيث مستوى الأسعار لا يتوافق مع الأساسيات لهذه الأصول حتى نصل إلى مرحلة الانفجار للفقاعة التي تقود إلى مرحلة انهيار للأسعار تعتمد حدتها -حدة النزول- على حدة ومدى الارتفاعات السابقة لها وكذلك على مدى إدارة الجهات المعنية لهذه الأزمة. بعد ذلك قدم عالم آخر Minsky تطويرا لهذه النظرية اسمها نظرية "عدم الاستقرار المالي"The Financial Instability تقول إن النظام المالي أساسا غير مستقر وهش وعرضة للأزمات بسبب عدم استقرار عرض الائتمان.
إذن ما الأسباب التي توجد الأزمات المالية إضافة إلى ما ذكره Minsky بخصوص الائتمان والتمويل؟ هناك عدم تطابق الأصول والخصوم حجما وزمنا في المركز المالي سواء لمالية الحكومة أو الشركات، حيث تكون هناك مطلوبات كبيرة على المدى القصير لا تقابلها أصول على المدى القصير، كذلك من الأسباب غموض الأوضاع الاقتصادية والمالية في الاقتصاد أو في قطاع معين، ما يؤدي إلى بيئة خصبة لقرارات متسرعة وانتشار سياسة القطيع وهو ما يحدث اختلالا في الاقتصاد، كذلك وجود سياسات وأنظمة رقابية مالية هشة تقود إلى أزمات مع الوقت وأخيرا العدوى وهي تنتج من انتقال الأزمة من بلد إلى بلد آخر يتشابه أو يشترك معه في خصائص معينة.
من المهم معرفة مراحل تطور الأزمة التي تبدأ من:
1 - مرحلة الانضباط، وفيها يتم إيجاد قوانين وأنظمة وسوق جديدة تجلب فرصا جديدة.
2 - مرحلة النشاط، وفيها يبدأ تدفق الاستثمارات وتشهد ارتفاع الأسعار.
3 - مرحلة الهوس، وهي مرحلة الفقاعة وهنا يكون المستثمرون أكثر قابلية لأخذ المخاطر، خصوصا المستثمرين الجدد في هذه السوق، وبالتالي تتم زيادة الطلب على الائتمان وأخذ قروض عالية مدفوعة بالطمع وارتفاع الرهون مدفوعة بارتفاع الأسعار.
4 - مرحلة الأزمة، وهي مرحلة لا يتعرف عليها إلا المختصون والمحترفون وذوو الخبرة في هذا القطاع، حيث يستشعرون خطورة ما يحدث وبالتالي يبدؤون البيع والتخارج.
5 - مرحلة النفور، وهي مرحلة انفجار الفقاعة التي يحدث معها انهيار في الأسعار ومعها يبدأ التدافع من الجميع للبيع.
لكن كيف يمكن اكتشاف الأزمة قبل انفجارها؟ هناك ست علامات تساعد على اكتشافها، وهي:
1 - تذبذب غير طبيعي في أسعار الأصول.
2 - ارتفاع حجم الديون ووجود خلل في سوق الائتمان.
3 - السيولة ووجود مشكلات في القدرة على سداد الديون لدى الشركات الكبرى أو الدول.
4 - مشكلات في قوائم المركز المالي للشركات والدول.
5 - بداية تدخلات غير عادية من قبل الدولة أو البنوك المركزية لحل مشكلات السيولة والائتمان.
6 - إجراءات "غير اعتيادية" في السياسة المالية للدولة لمعالجة خلل اقتصادي.
هناك ثلاث صور تظهر من خلالها الأزمات المالية، وهي:
1 - أزمة العملة، وهنا تحدث من خلال هجوم مضاربي بداعي توقع تغير في نظام سعر صرف العملة وهو ما حدث للريال السعودي كثيرا خلال العقود الماضية لتوقع قيام الحكومة بتخفيض سعر الصرف مقابل الدولار، هناك أيضا مضاربات بحتة تحدث على أساس فني، وأخيرا هناك مضاربات مدفوعة بتحليل مالي لقوائم الشركات الكبرى في بلد ما وبتحليل قائمة المركز المالي للبنك المركزي التي تقود لوجود مشكلة مالية تقود إلى أزمة عملة، مثل ما حدث مع تركيا.
2 - أزمة مصارف، وتظهر كذلك من خلال إجراءات مثل عمليات اندماج في بداية الأزمة أو إغلاق مصارف أو استحواذ في القطاع نفسه، أو من خلال استحواذ الحكومة على المصرف وهذه الأزمة تظهر بسبب انعدام الثقة بالقطاع المصرفي خصوصا لدى الدول النامية التي تملك أنظمة رقابية ضعيفة.
3 - أزمة ديون، وتحدث عندما تظهر علامات على عدم قدرة الحكومة أو الشركات على دفع القرض أو حتى فوائده في مواعيده المحددة، وهي عادة تحدث في الديون التي تكون بالعملة الأجنبية، وأفضل مثال ما حدث في الأرجنتين عام 2001 حيث تخلفت عن دفع 95 مليار دولار.
من المهم أن نعلم أن من خلال الأزمات استطاعت الدول تطوير أنظمتها التي يعود بالفضل لكثير منها اليوم لأزمات سابقة وقديمة ولعل أبرز نتائج الأزمات هو البنك الفيدرالي الأمريكي، سوق وول ستريت، FDIC وأغلب التنظيمات المصرفية والنقدية والمالية هي نتاج لهذه الأزمات ولعل آخرها التنظيمات على المصارف التي أقرها الكونجرس والحكومات الأوروبية بعد أزمة الرهون العقارية، كذلك لدينا في سوق الأسهم ما حدث بعد فقاعة 2006 من تطوير كبير في الأنظمة وهو نتاج الفقاعة.
سأشارككم نتاج دراسة لعالمين قاما بإحصاء عدد الأزمات المالية حول العالم من عام 1970 حتى عام 2012 وهي كالآتي:
1 - 147 أزمة مصرفية.
2 - 211 أزمة عملات.
3 - 67 أزمة ديون سيادية.
كذلك هناك أزمات مزدوجة: مصرفية مع عملات أو ديون مع عملات، وهذه حدثت 41 مرة، وأسوأ الأزمات على الإطلاق وهي الأزمة الثلاثية: مصرفية وعملات وديون، وقد حدثت عشر مرات.
أخيرا أتمنى أن تستطيع الآن معرفة إذا كانت هناك أزمة مالية عالمية مقبلة أم لا.
نقلا عن الاقتصادية
النفط الذي وصل سعره الى مافوق 130 دولارا ولعدة سنوات حتى عام 2015 وتحول الاقتصاد بسببه الى اقتصاد اتكالي بطيء الحركه ولم يستغل مداخيله الضخمه في شراء ونقل ابتكارات وتقنيات البدائل في وقت مبكر هو السبب في تكرار حدوث فقاعات اقتصاديه في كل مرة ينخفض الطلب العالمي على النفط . الوقت لا زال مبكرا لنعلن عن التحرر من تبعات تقلبات اسعار النفط ولهذا سنظل نترقب فقاعات تلو الاخرى طالما لم نمتلك اقتصادا متعدد منوع يرفد النفط .