قوائم «سمة» .. معلومة أم حكم وعقوبة؟

10/04/2022 0
د. محمد آل عباس

جاء نظام المعلومات الائتمانية لوضع الأسس العامة والضوابط اللازمة لجمع المعلومات الائتمانية عن المستهلكين وتبادلها وحمايتها، وتنص المادة التاسعة من نظام المعلومات الائتمانية على أنه لا يؤسس للمستهلك سجل ائتماني لدى الشركات - للمرة الأولى - إلا بعد موافقته الخطية، ويجب إبلاغ المستهلك بسبب رفض تعامله الائتماني، في حالة طلبه، كما يحق للمستهلك الحصول على نسخة من سجله الائتماني في أي وقت، بشرط أن يسدد المقابل المالي لذلك، وله الحصول على نسخة من سجله مجانا لمرة واحدة بعد تأسيس السجل. حتى هذه النقطة فإن النظام قد منح الجهات الحكومية والخاصة حق تأسيس سجل ائتماني لكل شخص ذي طبيعة اعتبارية، ويتضمن السجل المعلومات الائتمانية والبيانات عن المستهلك فيما يتعلق بتعاملاته الائتمانية، مثل القروض، الشراء بالتقسيط، الإيجار، البيع بالآجل، بطاقات الائتمان، ومدى التزامه بالسداد من عدمه.

وعلى الرغم من وضوح المادة التاسعة، "أنه لا يؤسس للمستهلك سجل ائتماني إلا بالموافقة الخطية"، فإن الواقع يشير إلى أن ذلك يتم من خلال شروط الإذعان، تلك الشروط التي لا تقرأها ومع ذلك فأنت مجبر على التوقيع عليها، شروط لن ينفع إذا قرأتها، ولم تعجبك فإما أن تقبلها جملة واحدة وإما لا يتم منحك الخدمة أيا كانت، وإذا كانت من المعقول ألا يتم منحك قرضا تمويليا إلا إذا تم توقيعك على بناء سجل ائتماني، فكيف نجد مثل هذا التبرير لدى شركات الاتصالات وعديد من الشركات الأخرى ومن بينها المدارس الأهلية؟، فإنك إن رفضت لا يتم منحك شريحة الاتصال، وإذا وافقت فإنك ستقع في الفخ ببساطة، لكن ما هذا الفخ، عادة ما تصر شركات الاتصالات والشركات الأخرى دون سبب مفهوم على أن يكون تاريخ الفاتورة مختلفا تماما وبعيدا كل البعد عن تاريخ الراتب، فتجد معظم الشركات تقوم بإدراج الفاتورة المطالبة بها في وقت مختلف تماما، وإذا قام أحد منكم بمراجعة سجله الائتماني فسيجد كل تـأخير عن السداد مسجلا في السجل، فلا يستطيع الخروج من أي شركة ما لم يقم بسداد المستحقات. قد يقول البعض، إن ذلك حق مشروع للشركة، لكن ما يجدر الإشارة إليه أن كثيرا من الفواتير هي محل خلاف، وليس امتناعا عن السداد، كما أن إدراج التأخير في السجل الائتماني لمجرد اختلاف وتاريخ إصدار الفاتورة عن تاريخ الراتب هو أيضا محل نزاع، وكثير ممن أعرفهم واستطلعت آراءهم بهذا الشأن يؤكدون أنهم يحاولون جاهدون تغيير تاريخ الفاتورة دون جدوى، السؤال، هل هذه من المعلومات التي يجب أن تدرج في السجل الائتماني، وهل من ضمن مفهوم التزامه بالسداد من عدمه؟.

المشكلة الأخرى هي السؤال التالي: هل عبارة التزامه بالسداد من عدمه، معلومة أم حكم؟ إذا كانت معلومة فلا بد من موافقة المستهلك عليها لأنها شيء منه، وإذا كانت حكما فلا بد أن تكون من جهة مستقلة وليس من الشركة نفسها، فكثير من القضايا التي تنتهي برفض ادعاء الشركات والجهات بالدين، ومع ذلك فقد تم الحكم على الشخص

بعدم السداد، ووضعت في سجله الائتماني، وهذا يعود بنا للمسألة نفسها، هل القول بعدم السداد معلومة أم حكم؟ والسؤال نفسه بشأن عدم الالتزام، فما هو المقصود بعدم الالتزام هذا، هل يعني التأخير في السداد؟، هنا نعود لمشكلة تاريخ صدور الفاتورة وتاريخ الراتب، فإذا كانت الشركة آليا مربوطة بنظام المعلومات الائتمانية، فهل يعد عدم الالتزام بسبب التأخير معلومة أم حكما؟ ولأنها لا يمكن أن تكون معلومة بأي حال بل هي حكم، فلا يكفي رأي الشركة في ذلك، بل لا بد من حكم من جهة مستقلة، ولذا فإن إدراج الأشخاص كمتعثرين لمجرد رأي الشركة، فيه ما فيه مما يجدر معالجته.

ينص النظام في المادة التاسعة أيضا على أنه يحق للمستهلك إضافة معلومات إلى سجله الائتماني توضح وجهة نظره الشخصية على ما ورد فيه من معلومات ائتمانية، وللحقيقة فلم أقف على مثل هذه الحالة أبدا، بل لدي تجربة من الواقع لشخص تأخر في تسديد الالتزامات لمدرسة أهلية فقامت بتصنيفه متعثرا في السجل الائتماني، ولقد حاول جاهدا استخراج قرض للسداد وفشل، نظرا لوجود هذه السمة عنده، وعند طلبه من المدرسة تعديل الوضع لتمكينه من أخذ القرض، رفضت المدرسة وبقي معلقا لفترة طويلة، فإذا كانت مشكلة المدارس الأهلية أنها تصدر الفواتير في وقت لا يتناسب مع الراتب، وتقوم فورا بوضع الشخص في السجل الائتماني حتى قبل نهاية الدراسة، فإننا نعود للمربع الأول، وهل الموجود في السجل الائتماني معلومات ائتمانية أم أحكام قضائية؟ وليت هناك قوائم ائتمانية يضعها الأشخاص ضد الشركات بحيث لا يمكن للشركة أن تحصل على خدمات ما لم تقدم سجلا خاليا من التعثر، هنا فقط ستفهم الشركات معنى الفرق بين الحكم الذي يتضمن عقوبة وبين المعلومة.

 

نقلا عن الاقتصادية