هل تنجح خدمة الأقمار الاصطناعية القريبة للأرض؟

28/07/2024 4
د. فهد الحويماني

نتحدث عن استخدام الأقمار الاصطناعية في المدارات المنخفضة كبديل لخدمات شركات الاتصالات، وهو الحل الذي يبدو مغريا للغاية، كونه يجعل من الممكن الحصول على خدمات اتصالات من أي مكان دون استخدام أي كابلات ولا أسلاك، وبالتالي انخفاض التكلفة بشكل كبير، فأين نحن من هذه التقنية؟ وهل تقنية اتصالات الأقمار الاصطناعية تهدد شركات الاتصالات؟ وما سبب عدم انتشارها رغم أننا نسمع عنها منذ عدة سنوات؟، أبرز التطورات في هذا المجال ما تم الإعلان عنه هذا الأسبوع، عن وجود ألف طائرة تستخدم خدمة الإنترنت عن طريق منظومة "ستار لينك"، التابعة لشركة "سبيس إكس" المملوكة من قبل المياردير "إيلون ماسك"، وأهمية ذلك أنه يثبت جدوى استخدام الأقمار الاصطناعية القريبة إلى الأرض من خلال طائرات تتحرك بسرعة عالية، وفي كون ذلك بديلا لما كانت تعتمد عليه شركات الطيران في تقديم خدمة الإنترنت لعملائها عن طريق الأقمار الثابتة، وهي خدمة موجودة منذ سنوات طويلة. في الوقت نفسه تزعم "ستار لينك" أن خدماتها منتشرة في دول كثيرة ويعتمد عليها بشكل رئيس في المناطق النائية وفي البحار وكذلك كبديل للاتصالات التقليدية وقت الأزمات حين لا توجد اتصالات تقليدية. لكن هل بالفعل يمكن لهذه التقنية الحديثة، المكلفة مالياً، أن تنجح بشكل يجعلنا نستغني عن شركات الاتصالات التقليدية؟

كي لا نطيل على القارئ، الإجابة أنه لا تزال حتى الآن خدمة "ستار لينك" محدودة الانتشار ومحدودة الفائدة وعالية التكلفة فيما يخص استخدامها في المدن في معظم دول العالم، عدا بعض الدول الفقيرة في إفريقيا وجنوب أمريكا، حيث أصدرت بعض من هذه الدول تراخيص لشركة "سبيس إكس" لتقديم الخدمة في شتى أنحاء تلك الدول. سبب عدم نجاح "ستار لينك" في المدن حالياً يعود إلى وجود سرعات أعلى وبتكلفة أقل عن طريق تقنيات الجيلين الرابع والخامس من الاتصالات المتنقلة وشبكات الألياف البصرية، وذلك على الرغم من أن "ستار لينك" تحقق سرعات جيدة، تصل في النزول إلى 150 ميجابيت في الثانية وفي الصعود ((upload إلى 10 ميجابيت في الثانية، إلا أن ذلك أقل بكثير من البدائل، إضافة إلى أن التكلفة المبدئية نحو ألفي ريال مع اشتراك شهري في حدود 375 ريالا. كما أن هناك بدائل للحصول على خدمات اتصالات في المناطق النائية تقدمها الشركات المحلية عن طريق تقنيات أقمار الثريا أو أقمار "جلوبال ستار" وغيرها، لذا فالحاجة إلى "ستار لينك" تبدو محدودة في معظم دول العالم.

ما سبق لا يعني فشل تقنيات المدارات المنخفضة، فهي في تقدم مستمر وهي بديل قوي للأقمار الثابتة التقليدية بسبب قربها إلى سطح الأرض، عادة في حدود 500 كيلومتر، بدلاً من 36 ألف كيلومتر لأقمار عربسات وغيرها، وأهمية ذلك تأتي في تقليص مدة وصول البيانات، التي قد تستغرق ثانية كاملة في الأقمار الثابتة وتنخفض إلى أقل من 10% من ذلك في أقمار المدارات القريبة، وعلى الرغم من أن طاقة الأقمار الثابتة عالية إلا أنها تتوزع على عدد كبير من المشتركين، بينما في المدارات القريبة توجد عدة آلاف من الأقمار تكون طاقتها التراكمية أعلى بكثير من الأقمار الثابتة، حيث يسعى "إيلون ماسك" إلى اطلاق 30 إلى 40 ألف قمر منها.

للفائدة العامة، الأجسام التي تدور حول الأرض، بما في ذلك القمر الطبيعي التابع للكرة الأرضية، تدور بسرعات يحكمها ارتفاع القمر عن سطح الأرض، فمثلاً الأقمار الثابتة، مثل عربسات وما شابهه، تسير بسرعة 11 ألف كيلو متر في الساعة على ارتفاع 36 ألف كيلومتر، وبذلك تكون ثابتة بالنسبة إلى المشاهد من الأرض، بينما أقمار المدارات القريبة تسير بسرعة 27 ألف كيلو متر في الساعة بسبب قربها للأرض، أي إنها تكمل دورة واحدة كل 90 دقيقة، ويمكن مشاهدتها في بعض الليالي كسلسلة من الأجسام المضيئة. أما القمر الطبيعي فهو على ارتفاع أعلى بكثير من الأقمار الثابتة، نحو 400 ألف كيلو متر، وبهذا المدار فسرعته نحو 3700 كيلو متر في الساعة، ولذا لا يستطيع إكمال دورته حول الأرض إلا بعد مرور 30 يوماً تقريباً.

 

 

 

 

نقلا عن الاقتصادية