قبضة الفيدرالى

20/03/2017 0
محمد مهدى عبدالنبي

قد ترحل جانيت يلين عن رئاسة الاحتياطى الفيدرالى الامريكى فى فبراير 2018 بعد ان رسمت الحدود السميكه التى يجب ان لا تتجاوزها ادارة ترامب فى رؤيتها الاقتصاديه برفعين متتاليين للفائده على الدولار الامريكى ... الاول قبل تنصيب ترامب فى ديسمبر 2016 ( من 0.5% الى 0.75 % )  والثانى بعد تنصيبه وقبل ترجمة وعوده على ارض الواقع فى مارس 2017 ( من 0.75 % الى 1 % ) وقد تصل الى 1.4 % بنهاية العام الجارى بدعم من استمرار البيانات القويه للاقتصاد الامريكى.

هذا الفعل الاستباقى من الفيدرالى فى هذا التوقيت يحمل دلالات هامه على النحو التالى :- 

1 -مسار الاقتصاد العالمى بصفه عامه والامريكى بصفه خاصه لا يزال فى قبضة الفيدرالى الذى يبطىء من نمو نسب التضخم الامريكى دون 2 % ويقوم بتصدير زيادات نسب التضخم الى دول العالم التى تسير فى ركب رفع الفائده الامريكيه على الدولار وبالتالى انخفاض القوه الشرائيه الغير امريكيه على وجه الخصوص.

2 -يجب ان يتأقلم اى رئيس امريكى مع سلطة الفيدرالى الواسعه الذى يعد منظمه خاصه غير حكوميه وبالتالى لا تخضع حساباته لمراجعه الكونجرس الذى يسيطر عليه الجمهوريين ... وربما رفع الفائده فى ديسمبر 2016 ومارس 2017 كان انذار ناعم لترامب الذى وجه انتقادات للفيدرالى ووعد انتخابيا بتقليص صلاحياته.

3 -رفع الفائده يعد تشكيك مباشر فى استطاعه ترامب تنفيذ وعوده الانتخابيه الاقتصاديه ... والى حد كبير قد لا يصطدم ترامب بالفيدرالى حتى تنتهى ولايه جانيت يلين وتعيين محافظ جديد اكثر مرونه مع الاداره الامريكيه طالما هناك اتفاقا على تسريع النمو الامريكى وخفض معدلات البطاله الى ما دون مستوى 4.5% حتى لو كان ذلك على حساب زيادة العجز الامريكى ...

4 -قد يكون ما تحقق لأسعار النفط من ارتفاعات فى بدايه 2017 عند مستوى  55.24 دولار للنفط الخام و58.37دولار لخام برنت هما الحدود السعريه العليا لاسعار النفط فى النصف الاول من 2017 على الاقل مع استمرار رفعات الفائده الامريكيه ونشاط النفط الصخرى الذى يحقق قدرا مهما من الاستقلال النفطى الامريكى الذى يحول الدول المورده للنفط للولايات المتحده الى دول مستثمره فى الداخل الامريكى ... وهذا يمثل نجاح اقتصادى مستدام لأدارة ترامب يقضى على اى هزات سلبيه سريعه قد تحدث للاقتصاد الامريكى.

5 -قصد تلاقى توقعات الاسواق مع الفيدرالى فى 2017 يخفف من حالة عدم اليقين على المدى القصير ولكنه يأتى بسيناريو عكسى يخدم الاقتصاد الامريكى وليس الدولار والدليل على ذلك انخفاض الدولار امام العملات وارتفاع الذهب بعد رفع الفائده فى مارس 2017 ... فتسعير الاسواق للفائده بات شبه معروف وبالتالى لن يكون المؤثر الاول فى حركة الاسواق التى تنتظر المفاجأت التى لم تكتشف بعد.

6 -مؤشرات الاسهم قد تكون اكثر اضطرابا الى اسفل بعد بدايه سنويه قرب قمم تاريخيه فصعود المؤشر الامريكى DOW30 قد يجد عائقا كبيرا للاستمرار فوق  22000 نقطه على الاكثر ان تحققت خلال 2017 بينما الطريق اكثر انفتاحا وسهوله للعوده الى مستوى 18000 نقطه مجددا ... بمعنى 5 % احتماليه الصعود للداو امام 15 % للهبوط ... وهذا عامل مؤثر فى حركة المؤشرات العالميه التى تعانى بالاساس من مؤثراتها الداخليه.

7 -تزداد محنه البنوك المركزيه الاوروبيه بعد رفعات الفائده الامريكيه وتفعيل الخروج البريطانى من الاتحاد الاوروبى الى جانب المؤثرات السياسيه التى ابرزها تغير الادارات الحاكمه فى فرنسا ابريل 2017 والمانيا سبتمبر  2017 وهو المشهد الذى يؤدى الى مزيد من التراجع للاقتصاد الاوروبى وربما تفجر ازمات اقتصاديه اوروبيه مكتومه.

8 -خطوة الفيدرالى تعد ابتسامه صفراء فى وجه الاقتصاد الصينى الذى يمارس تباطؤه بحده اقل قد تتوقف عند حدود 6.5% بشرط التوازن والتعاون مع الولايات المتحده للحفاظ على مكتسبات الوضع الراهن وان لم تكن مرضيه للطرفين.

9 -نهج الفيدرالى الامريكى فى 2017 يؤزم موقف الاقتصاديات الخليجيه بالدفع فى اتجاه زيادة الفوائد وارتفاع التضخم  والديون وتقليص العماله الوافده ...  وربما توقيت تسريع رفع الفائده الامريكيه له علاقه غير مباشره بطرح ارامكو السعوديه فى 2018 مما يحفز من طروحات واندماجات خليجيه اخرى ترى النور للسوق العالميه قريبا.

واخيرا وبعد هذا المشهد المتراكم لقرار الفيدرالى الامريكى نسأل السؤال الصعب وهو ... هل البيانات الامريكيه التى يبنى الفيدرالى عليها قراراته هى بيانات دقيقه وصحيحه ام ان هناك وظائف وهميه تضاف الى قوة سوق العمل الامريكى وتقديرات خاطئه قد يكشف عنها بعد فوات الاوان ؟!

خاص_الفابيتا