انتهت يوم الخميس الماضي الفترة المخصصة لتداول حقوق الاكتتاب في أسهم الزيادة لرأسمال شركة مخازن، وفي حين حظيت عمليات اليوم الأول بتغطية كافية، وترحيب من الجهات المسؤولة في الشركة وفي البورصة، فإن هذه الحفاوة وتلك التغطية قد غابتا عن بقية الأيام، ولم يصدر أي تقرير حتى تاريخه يقيم التجربة الوليدة في بورصة قطر.
ومع التأكيد على أن منتج بيع حق الاكتتاب ليس باختراع قطري، وإنما هو أداة معروفة في أسواق العالم المالية، وتهدف إلى تعويض حامل السهم عن الانخفاض الذي سيحدث في قيمة سهمه نتيجة الاكتتاب بسعر أقل للسهم، ومن ثم انخفاض سعره عند تداوله بعد انتهاء فترة الاكتتاب في زيادة رأس المال.
الجدير بالذكر أن على المشتري أن يمارس الاكتتاب بدفع قيمة السهم المكتتب به لدى الجهة المعينة لذلك وهي 38 ريالاً، لا أن يشتري حق الاكتتاب فقط، وهذا الأمر يحتاج إلى بيان وتوضيح للراغبين في شراء الحق.
لكن هذه الآلية المتعارف عليها خضعت لتعديلات وضوابط غيرت من طبيعتها وربما أفقدتها بعض جاذبيتها سواء في ذلك حرمان المشتري من حق إعادة البيع، أو بوضع حدود عليا ودنيا على تحركات قيمة الحق أثناء تداولات العشرة أيام المحددة.
ويؤدي منع المشتري من إعادة البيع، إلى حرمانه من تحقيق ربح إذا ما ارتفعت قيمة الحق بعد شرائه، أو من وضع حد لخسارته إذا تبين له أن الأمور تسير في غير مصلحته. وهذه الضوابط الإضافية قللت على ما يبدو من جاذبية الأداة وقلصت من حجم تداولها.
وفي المقابل ظلت يد حامل سهم المخازن طليقة يبيع ويشتري كيفما شاء، مستفيداً في ذلك من الإشارات التي تصدر عن تداولات سوق الاكتتاب في الحقوق. فإذا سارت الأمور على نحو إيجابي وارتفع سعر الحق تمسك مالك السهم به، وقرر عدم البيع على أمل الاكتتاب بالسعر المقرر وهو 38 ريالاً للسهم.
أما إذا انخفضت قيمة الحق، فإنه قد يقرر بيع السهم في السوق على أمل إعادة شرائه بسعر أقل بعد انتهاء الاكتتاب في أسهم الزيادة.
إن أي مستثمر يتطلع دائماً إلى تحقيق أرباح من أي خطوة استثمارية يقوم بها، ومن ثم فإن المستثمر الذي أقدم على شراء الحق في اكتتاب أسهم مخازن، كان في ذهنه أن سعر السهم سيرتفع في الفترة القادمة نتيجة لعدة اعتبارات قد يكون من بينها: أن أسعار الأسهم قد ترتفع فيما تبقى من العام قبيل توزيع الأرباح على المساهمين، وأن أسعار الأسهم ربما تكون قد استقرت بعد موجة الانخفاضات التي طرأت عليها هذا العام، وأن سعر سهم مخازن قد استقر بالتالي عند مستوى 62 ريالا مقارنة بأعلى مستوى لسعر السهم بلغه وهو 85,5 ريال في ذروة ارتفاعه هذا العام.
لكن هذه النظرة المتفائلة قابلها شعور بأن الأمور قد لا تسير على النحو المطلوب، وخاصة مع استمرار تراجع أسعار النفط، وضعف التداولات في بورصة قطر، وأن هكذا استثمار قد لا يحقق المرجو منه وخاصة مع ميل سعر السهم في السوق، وبالتالي سعر الحق في الاكتتاب إلى الانخفاض إلى أقل من 20 ريالاً للحق الواحد في بعض الأيام. وبالنتيجة وجدنا أن الإقبال على شراء الحق قد انخفض بعد اليوم الأول.
ولإن تجربة إضافة منتج جديد للبورصة أمر مهم، يستحق التكرار مع شركات أخرى، فإن تجربة شركة مخازن في بيع حقوق الاكتتاب يجب أن يُعاد تقييمها لدراسة أسباب عدم رواجها على النحو المرجو أو المأمول، وأن تتم الدراسة من جانب الجهات المعنية بالأمر في البورصة ومن هيئة سوق الأوراق المالية، والشركات الراغبة في زيادة رؤوس موالها، بحيث تأخذ الدراسة العوامل التالية بعين الإعتبار:
أولاً: أن يكون سعر السهم في السوق منسجماً مع حجم التوزيعات التي توزعها الشركة على مساهميها في السنوات الأخيرة. المعروف أن توزيع ريال واحد للسهم من شركة ما في السوق القطري، يجعل سعر سهمها يتراوح ما بين 20-25 ريالاً للسهم، ويتوقف ذلك على ما إذا كانت الشركة إسلامية التوجهات والمنهج المالي، أم أنها شركة تجارية بحتة.
ثانياً: التحقق من أن الوقت مناسب لطرح الحقوق للبيع وخاصة من حيث أن سعر سهم الشركة المعنية مرشح للارتفاع بتأثير عوامل موسمية، أو لاعتبارات اقتصادية، أو بتأثير قرارات تالية قد تتخذها الشركة من قبيل رفع التوزيعات السنوية للسهم من الأرباح أو نيتها توزيع أسهم مجانية
ثالثاً: أن تعيد الجهات الإشرافية مراجعة القواعد والضوابط المنظمة للطرح، بحيث تحافظ على جوهر المنتج كما هو معمول به في الأسواق العالمية، لا أن تفصل له ثوباً محلياً قد يضيق بمكوناته ويخنقها.
رابعاً: أن يتم توضيح الأمر للجمهور من خلال ندوات أو مقالات أو إعلانات، بحيث يتم شرح الخطوات العملية بشكل وافي، ويمكن أن تساهم مراكز الدراسات المتخصصة في عمل ذلك، وفي الرد على استفسارات الراغبين في شراء الحقوق قبل ممارستها بوقت مناسب.