كتبت في الأسبوع الماضي مقالاً بعنوان "كيف ندعم التداولات في فترة الإفصاحات؟" وكان في تقديري أن هذه الفترة من السنة تشهد عودة المستثمرين لبناء مراكز جديدة قبيل نهاية السنة، وأن ذلك يساعد في ارتفاع أحجام التداولات، ومن ثم يعمل على انتعاش الأسعار والمؤشرات.
ولكنني نبهت إلى حقيقة أن هذا الانتعاش المنتظر قد يتأثر سلباً بعاملين أولهما أن تأتي نتائج بعض الشركات بأقل من المتوقع، وثانيهما أن تعود أسعار النفط إلى الانخفاض، فينعكس ذلك سلباً على أسعار أسهم بعض الشركات.
واقترحت في خاتمة المقال أن يتم تنشيط العمليات التي يقوم بها مزودو السيولة، حيث تبين من الأرقام المتاحة أن نشاط أحد المزودين وهو المجموعة للأوراق المالية كان كبيرا وتجاوز في أهميته الأثر الذي نتج عن صافي تداولات المحافظ الأجنبية في عام 2013.
المعروف أن موضوع استقطاب الاستثمارات الأجنبية لبورصة قطر قد حظي في السنوات الأخيرة باهتمام كبير من جانب الهيئات الرسمية المعنية بأمر البورصة، وبدا ذلك واضحا في ترحيبها الشديد بما أقدمت عليه شركات مورجان ستانلي وستاندرد آند بورز، ومؤخراً فايننشال تايمز، من ترفيع لبورصة قطر إلى مرتبة الأسواق الناشئة من مبتدئة، وما ترتب على ذلك من إضافة أسهم بعض الشركات القطرية إلى مؤشراتها الدولية بنسب معينة.
هذا الترفيع والإضافة ترتب عليه بالضرورة تدفق بعض الاستثمارات الأجنبية إلى بورصة قطر، ولكن ما مقدار هذه التدفقات، وما سلوك عملها بالنسبة للسوق القطري، وما هي انعكاساتها على المؤشرات ومستويات الأسعار؟.
ولكن نجيب على هذه الأسئلة لا بد من العودة لأرقام وتقارير إدارة البورصة عن تداولات الأجانب من حيث الشراء والبيع لنتعرف على صافي التدفقات من تلك الاستثمارات منذ عام 2008 وحتى نهاية شهر سبتمبر 2015، وقد تبين لي من هذه المراجعة ما يلي:
1-أن صافي التدفقات( أي: الشراء مطروحاً منه البيع) في الفترة المشار إليها –أي في 7 سنوات و 9 شهور- قد بلغ نحو 8063 مليون ريال بمتوسط 1040 مليون ريال في السنة الواحدة.
2-أن نصيب الأفراد غير القطريين ومعظمهم من المقيمين في قطر قد بلغ في نفس الفترة نحو سالب 2273 مليون ريال بينما بلغ نصيب المحافظ الأجنبية منها 10335 مليون ريال.
3-أن صافي التدفقات للأفراد والمحافظ الذي بلغ متوسطه السنوى 1040 مليون ريال قد تباين بشدة من سنة لأخرى حيث كان سالباً –أي كان بمثابة تدفقات للخارج-في سنوات 2008 و2010 و2011 بما مجموعه 7286 مليون ريال، كما كان سالباً هذا العام في شهور يناير ومارس ويونيو ويوليو بما مجموعه 983 مليون ريال.
4-بالنتيجة فإن صافي التدفقات كان في مجمله لفترة 7 سنوات و 9 شهور محدوداً ولا يزيد كثيراً عن مليار ريال في المتوسط السنوي، ولا يزيد في المتوسط الشهري عن 87 مليون ريال، كما أنه في المتوسط اليومي يقل عن 4 مليون ريال صافي، وهو مبلغ ضئيل جداً.
5-أن تدفقات الأستثمارات الأجنبية إلى البورصة القطرية تتأثر بما يحدث في البورصات العالمية الرئيسية؛ فإذا كان هنالك ثمة فرص متاحة في تلك الأسواق فإنها تسارع إلى الخروج من بورصة قطر لتلحق بتلك الفرص في الخارج، مما يسبب إرباكاً للسوق المحلي وللمستثمر القطري،،، وهذا الأمر نجده يتكرر كثيراً على مدار السنة، دون أن يكون هنالك رابط حقيقي بين الداخل والخارج.
6-أن المحافظ الأجنبية تبحث عن فرص سريعة للربح واقتناص الفرص وتستخدم أدوات التحليل الفني لفهم وتتبع تحركات الأسعار، وهو ما يغيب عن إمكانيات معظم المستثمرين القطريين، وبالتالي، تكون التدفقات الأجنبي في دخولها وخروجها غير مفيدة للمستثمرين القطريين الذي يبحث الكثير منهم عن فرص استثمار حقيقية تدر عائدأ وتوزيعات بنهاية كل عام.
الخلاصة أنه رغم أهمية تدفق الاستثمارات الأجنبية لبورصة قطر، في التأثير على معطيات السوق، إلا أنها لا تكفي بمفردها للحصول على نتائج إيجابية وقوية، والدليل على ذلك أن متوسط التداولات اليومية في قطر قد عاد إلى الإنكماش في الشهور الأخيرة إلى ما دون 300 مليون ريال، مع أنه كان في عام 2014 في حدود 797 مليون ريال في المتوسط يومياً.
الجدير بالذكر أن حجم التداولات اليومي في بعض الأيام في الوقت الراهن يكاد يتساوى مع مستواه الذي كان عليه في بعض شهور عام 2004 – أي قبل دخول الأجانب للسوق- وخاصة في الفترة التي كان التداول فيها يقتصر على ساعتين فقط حتى الحادية عشرة والنصف، وتلك قصة أخرى تحتاج إلى بيان.
مقال جميل لسبر غور التدفقات الاجنبية الصافية وتبيان ان هناك مبالغة في اثرها ...شكرا استاذ بشير