الإنهيار الذي حدث في بورصة قطر يومي الأربعاء والخميس ليس له -في رأيي- ما يبرره، وهو بالتأكيد عمل مصطنع قامت به –وللأسف- محافظ قطرية كما تقول بذلك بيانات بورصة قطر التي صدرت نهاية الأسبوع الماضي.
ومن هنا أتطوع بالقول: رُب ضارة منفعة، وعلى كل الذين استعدوا في الأسابيع الماضية لدخول السوق أن لا يضيعوا الفرصة من أيديهم، وأن ينتهزوا فرصة انخفاض أسعار كثير من الأسهم إلى مستويات متدنية، للشراء التدريجي الهادف إلى بناء مراكز أو محافظ خاصة. ودعوني أعرض عليكم فيما يلي مبرراتي لما أقول عن الهبوط المفاجئ لمؤشرات البورصة:
أولاً: أن السبب المباشر الذي هبطت من أجله المؤشرات بنحو 507 نقطة في يومين- وهو القبض على بعض موظفي الفيفا، وبدء التحقيق معهم- لن يؤثر على النتائج المستقرة بإقامة فعاليات كأس العالم 2022 في موعدها في قطر، وفقاً للتأكيدات التي صدرت عن الفيفا صباح الأربعاء، وفوز بلاتر مجدداً بولاية خامسة.
ثانياً: أن من قام بحملة البيع المكثفة هي محافظ قطرية، حيث تبين أن هذه المحافظ قد باعت خلال الأسبوع الماضي صافي بما قيمته 1,26 مليار ريال وساندها في ذلك محافظ خليجية وخليجيون أفراد بما قيمته صافي 198 مليون ريال، في حين كانت بقية الفئات في حالة شراء صافي وهي المحافظ غير القطرية والأفراد القطريون وغير القطريين.
ثالثاً: أن الهبوط المصطنع قد انفردت به بورصة قطر فقط، وظلت أسواق المال العالمية والإقليمية، عند المستويات الطبيعية للأداء من ارتفاع أو انخفاض، كما أن بقية العوامل الأخرى المؤثرة، كانت لا تزال مستقرة سواء في ذلك سعر برميل نفط الأوبك، أو سعر صرف الدولار.
فسعر الأوبك كان حتى يوم الخميس الماضي عند مستوى 59,33 دولار للبرميل، وكان قد هبط في يناير الماضي إلى 43 دولار، وسعر صرف الدولار عند مستوى 1,09 دولار لكل يورو، و 124 ين لكل دولار وذلك يجعل الاستثمار في الأسهم القطرية مغرياً للأوروبيين واليابانيين لأنهم يحققون أرباح فروق عملة وليس فقط أرباحاً توزعها الشركات المستثمر في أسهمها.
رابعاً: أن عمليات البيع المكثفة قد تركزت يومي الأربعاء والخميس على سهم واحد فقط هو سهم أزدان، (وإن سحبت معها عمليات بيع مكثفه على أسهم شركات أخرى بالضرورة مثل قطر للتأمين، وأعمال وبنك الدوحة).
وقد حدث ذلك في ظل خبر الفيفا، وتطبيل بعض القنوات الفضائية وتضخيمها لما يحدث في البورصة القطرية.
ولو رجعنا بالذاكرة للخلف لمدة أسبوعين سنجد أن تحضير المشهد لما حدث، قد بدأ منذ الإعلان المفاجئ عن التوليفة الجديدة لمؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة، والتي اقتضت إضافة سهمي أزدان وقطر للتأمين، لمؤشر مورجان ستانلي اعتباراً من يوم 29 مايو... يومها تم جر السوق إلى أعلى بأكثر من 500 نقطة مدفوعاً بارتفاعات مبالغ فيها لسهمي أزدان وقطر للتأمين ثم تمت تصفية تلك المشتريات بشكل أسرع يومي الأربعاء والخميس.
خامساَ: أن عمليات البيع المكثفة قد وصلت بأسعار الأسهم في بورصة قطر إلى مستويات متدنية، وانخفضت مكررات الربح إلى مستويات مغرية للشراء في الوقت الراهن، فالمكرر المتوسط لكل السوق انخفض إلى 13,57 مرة، ( أي أن السعر المتوسط للسهم في السوق يعادل 13,5 مرة عائد السهم)، وكان المكرر المتوسط قد وصل في عام 2005 إلى 45 مرة. ويُعتبر المكرر مناسباً للشراء عندما يكون مستواه دون الرقم 15 مرة.
ونجد أنه لذلك بات الآن منخفضاً لدى كثير من الشركات، فهو في قطاع البنوك والخدمات المالية عند مستوى 12,95 مرة، وفي قطاع الصناعة عند مستوى 15 مرة، وفي التأمين 12 مرة، وفي قطاع العقارات 10,5 مرة، وفي قطاع النقل 12,7 مرة.
والخلاصة أن ما حدث في الأسبوع الماضي من تدهور سريع ليس له ما يبرره، وأن الإندفاع للبيع في هذا الوقت من السنة هو عكس المطلوب تماماً، باعتبار أن مثل هذه الفترات تمثل عادة فرصاً سانحة للشراء وبناء المراكز بأسعار متدنية، وخاصة بالنسبة للأسهم الجيدة التي لها أساسيات جيدة من حيث توزيعات الأرباح أو فرص النمو المستقبلي والتوسع.
ويظل في بعض ما كتبت رأي شخصي قد يحتمل الصواب والخطأ.
والله جل جلاله أعلم.