يُعَدُ غياب المعلومات عن جمهور المتعاملين، واقتصار العلم بها على طائفة محدودة منهم، من بين الأسباب المهمة في حدوث التذبذبات التي تشهدها البورصة بين وقت وآخر.
وبالرجوع إلى القوانين المنظمة لعمل البورصة القطرية نجد أن المشرع قد أولى هذا الموضوع عناية فائقة عندما نص في قانون هيئة قطر للأسواق المالية على جملة من المواد التي تحقق أعلى قدر من الشفافية لو تم الإلتزام بها وتطبيقها. ونجد في هذا الموضوع ما يلي:
1- أن من اختصاصات الهيئة تنظيم التعامل في أنشطة الأوراق المالية بما يتسم بالعدالة والتنافسية والشفافية، وأن عليها تطبيق سياسة الإفصاح بما يحقق ذلك، ويحول دون تعارض المصالح واستغلال المعلومات الداخلية.
2- أنه لا يجوز لأي شخص أن يتعامل مع السوق في أوراق مالية أو إجراء تصرف يتوقف عليه تحديد سعر الورقة المالية، متى كان ذلك التصرف مبنياً على معلومات غير متوفرة للجمهور، أو من المحتمل أن يُعطي فكرة خاطئة أو مضللة عن الأوراق المالية، أو كان من شأنه أن يسبب اضطراباً في الأسواق المالية.
3-حددالقانون عقوبات المخالفين بالحبس وبغرامة مالية أو بإحداهما، وذكر من بين موجبات العقوبة التعامل في الأسواق المالية بناء على معلومات غير مُعلنة، علم بها بحكم عمله، أو أن يكون قد أجرى اتفاقات أو عمليات بقصد التلاعب بأسعار الأوراق المالية، وتحقيق أرباح على حساب المتعاملين فيها، أو أنه أغفل أو حجب معلومة جوهرية أوجب القانون الإدلاء بها للهيئة. كما أضافت المادة للمخالفين من أجرى تصرفا ينطوي على خلق إيحاء زائف أو مضلل بشأن التأثير على التعاملات في السوق، أو من أجرى عمليات صورية بقصد الاحتكار واستغلال الثقة.
وقد أدركت هيئة قطر للأسواق المالية عِظَمَ المسؤولية المُلقاة على عاتقها في تحقيق موضوع الشفافية فجعلت عنوان موقعها الإلكتروني: " النزاهة والشفافية". وهي قد قامت بكثير من الجهد المطلوب منها في هذا المجال، ولكن التذبذبات الحادة التي حدثت هذا العام تشير إلى أن الشفافية التي حرص عليها المشرع كانت غير كافية في مواقف أخرى نذكر منها ما يلي:
1-أن أسعار أسهم بعض الشركات كانت ترتفع بشكل مفاجئ وبمعدل لمت أب لأيام متتالية دون أن يفهم أحد مبررات هذا الارتفاع المفاجئ،،، وفي حين تضاعفت أسعار أسهم بعض هذه الشركات مرة أو عدة مرات في أقل من سنة، فإنها في البعض منها قد عادت إلى الهبوط لمت داون، بدون سبب أحياناً أو عندما صدرت بعض البيانات أو المعلومات كتوزيعات الشركة للمساهمين في أحيان أخرى.
2-أن بعض الشركات قد اتخذت قرارات بزيادة توزيعاتها عن السنة السابقة رغم أن أرباحها الفعلية قد تراجعت، مما أدى إلى ارتفاع أسعار أسهمها في السوق بشكل غير واقعي. وفي المقابل هناك بعض الشركات التي قررت توزيع أرباح على مساهميها رغم أن لديها خسائر متراكمة تعادل30 بالمائة من رأس المال المدفوع، دون أن تصدر بياناً توضيحياً للمساهمين والمستثمرين بحقيقة الأمر، بما يساعدهم على اتخاذ قرارات سليمة بالبيع أو الشراء.
3-أن هناك بعض الاختلافات بين الشركات في طريقة عرض البيانات المالية بما يمكن البعض منها من تجميل المركز المالي، ومن الضروري لذلك أن يتم عرض البيانات في مؤتمرات صحفية تسمح باستيضاح النقاط المبهمة بدلاً من إرسالها للنشر مباشرة.
4-أنه باستثناء حالات محدودة، فإنه نادراً ما تم الإعلان عن توجيه مساءلات لشركة ما، بحدوث تسريبات تؤثر على أداء الشركات ومستويات الأسعار في البورصة.وهناك من الشركات من سجلت قبل سنوات خسائر كبيرة في عمليات خارجية-بعضها لا يدخل ضمن اختصصات عملها- ولم يتم الإفصاح للمساهمين عن مصير تلك الأموال الضائعة.
5- أن بعض القرارات لا يتم متابعة ما تم عليها من تطورات بعد الإفصاح عنها، بما يساهم في خلق نوع من الضبابية عما تم بشأنها، وعلى سبيل المثال لم يصدر أي تقرير يشرح ما دخل للبورصة من استثمارات أجنبية بعد ترفيعها إلى ناشئة....ولم يصدر أي توضيح لتأخر إدراج ما تم الإعلان عنه سابقاً من شركات...
6-أن أحداً لا يعرف أية تفاصيل عن المحافظ والصناديق الاستثمارية التي تعمل في البورصة القطرية من حيث أحجام أموالها المستثمرة، فهي تدخل بقوة أو تخرج منها دون توضيح عما يحدث، والفترة الزمنية التي سيتم فيها التغيير، وأسبابه، كما تفعل ذلك المحافظ الكبيرة في بورصات أخرى دولية وإقليمية.
7-أنه رغم أن سوق الأوذنات الحكومية يختلف تماماً عن سوق الأسهم ولا يمت له بصلة ، إلا أن إدارة البورصة تجمع تداولات النوعين في جدول واحد بما يُعطي المتابعين-وخاصة من ذوي الخبرة المحدودة منهم- إيحاء بأن أحجام التداولات قد قفزت فجأة بعدة مئات من ملايين الريالات. وقد يسارع البعض منهم إلى اتخاذ قرارات استثمارية غير صائبة بناء على ذلك.