بعد قرابة الشهر من إدراج أسهم مسيعيد في البورصة يمكن القول إن الحدث كان مهما للغاية للمجتمع القطري والاقتصاد القطري معاً، وأنه رغم التعقيدات الكثيرة التي واكبت عملية الإدراج-والتي كان من الممكن تلافيها لو تم أخذ رأي الجهات ذات العلاقة بالموضوع -فإن هكذا حدث كانت له تأثيرات إيجابية في نواحي عديدة لا يمكن تجاهلها، وأنه لا بد من إبرازها وتسليط الضوء عليها، للمساعدة في لفت الإنتباه إلى أهمية عدم التردد في إدراج المزيد من الاكتتابات بما لا يقل عن إربع اكتتابات في السنة الواحدة، بواقع اكتتاب واحد كل فصل.
ومن بين هذه الإنجازات الإيجابية التي حققها اكتتاب مسيعيد ما يلي:
1-أن المواطنين الذين شاركوا في الاكتتاب قد حصلوا على مكرمة أميرية رائعة بتسهيل حصول كل مكتتب منهم على عدد من الأسهم بحد أقصى1633 سهم، وأن ذلك يعني بالأسعار الحالية للسهم اليوم – وهو 35 ريالا للسهم- ربحاً صافياً يصل إلى 40 ألف ريال تقريباً وهو ما يعادل عائداً بنسبة 142% على الاستثمار في أقل من ربع سنة.
ويتضاعف المبلغ بعدد أفراد الأسرة بحيث أن الأسرة التي لديها 5 أفراد في المتوسط حققت 200 ألف ريال. وتزداد الأرباح عند الذين باعوا أسهمهم خلال الأسابيع الماضية، إلى الضعف تقريباً وخاصة الذين باعوا بسعر يزيد عن 70 ريالاً للسهم.
وبالطبع فإن الذين لم يبيعوا أكثر من 50% من أسهمهم تنتظرهم مكافأة إضافية بعد 5 سنوات وأخرى بعد 10 سنوات تتمثل في السهم المجاني للمكتتبين.
2-أن هذا الاكتتاب قد ساهم في تنشيط العمل بالمؤسسات الاقتصادية التي شاركت فيه سواء الشركات التي أدارت الاكتتاب وحصلت على عمولات مقابل ذلك أو البنوك التي وفرت التمويل اللازم للمكتتبين، أو شركات الوساطة التي زاد نشاطها في فترة الإدراج بدخول سهم جديد للسوق، أو إدارة البورصة التي حصلت على نسبة من العمولات المستقطعة من الصفقات الإضافية.
3- أن الاكتتاب والإدراج قد ساهما مساهمة فعالة في عودة الكثير من القطريين إلى البورصة بعد أن هجروها لسنوات عدة.
وتشير الأر قام المتاحة بهذا الخصوص إلى أن أحجام التداولات قد تضاعفت من 4,7 مليار ريال في شهر أكتوبر إلى 8,7 مليار ريال في شهر نوفمبر ثم قفزت إلى 10,9 مليار في شهر يناير وإلى 12,9 مليار ريال في شهر فبراير. صحيح أن للزيادة مبررات أخرى منها اقتراب موسم توزيع الأرباح، وهذا ما يمكن فهمه من الارتفاع الأول في نوفمبر إلى 8,7 مليار ريال أي قبل الإعلان عن الاكتتاب، لكن الزيادة الكبيرة في شهري يناير وفبراير يعود جانب مهم منها لتأثير الاكتتاب والإدراج.
وأنه من المتوقع أن ينخفض حجم التداول ثانية في مارس إلى أقل من 8 مليار ريال، مما يستدعي أن تكون هناك اكتتابات جديدة باستمرار حتى تستمد الإيجابيات زخماً جديداً في كل مرحلة.
4-أن الأرباح التي جناها المكتتبون في فترة قصيرة قد ساهمت في تنشيط حركة السيولة في الاقتصاد القطري سواء لجهة سداد المديونيات أو في الإقبال على شراء سلع وخدمات جديدة.
وتشير البيانات المتاحة عن الميزانية المجمعة للبنوك لشهر فبراير إلى أن موجودات البنوك في قطر قد زادت في شهر فبراير عن يناير بمقدار 8 مليار ريال، وأن ودائع القطاع الخاص قد ارتفعت بنحو 12,2 مليار ريال إلى 308,6 مليار ريال.
5- أن الاكتتاب والإدراج قد ساهم في التخفيف من الارتفاع التضخمي في أسعار العقارات، حيث أن تركز النشاط الاستثماري في هذا القطاع يؤدي إلى خلق فقاعات وهمية في قد تكون نتائجها ضارة على المستثمرين والبنوك.
وتشير أرقام الميزانية المجمعة للبنوك إلى أن حجم القروض والتمويلات الموجهة لقطاع العقارات قد كانت مستقرة في الشهور الثلاثة الأخيرة عند مستوى 84,5 مليار ريال في المتوسط بدون زيادات كالتي حدثت عامي 2011 و 2012.
وإذا كانت هذه بعض الإيجابيات التي تحققت، وهي كثيرة ومهمة، فإن من الضروري الإسراع في تنفيذ الخطط الموضوعة لخصخصة شركات أخرى من قطر للبترول أو من غيرها كشركة منتجات. وطالما أن الاقتصاد القطري والمجتمع القطري هما أكبر المستفيدين من عمليات الإدراج، فإن الإكثار من الإدراجات يضع البورصة القطرية في مكانها الطبيعي كواحدة من أكبر البورصات في المنطقة.
وقد يكون من المنطقي السماح لغير القطريين بالمشاركة في الاكتتابات القادمة بنسبة لا تزيد عن النسبة المسموح لهم بالتداول في البورصة بموجبها. وهذا الأمر لا يقلل من المكتسبات التي يحصل عليها القطريون وإنما يقويها من خلال تعزيز المشاركة في الاكتتابات، وبرفع النسبة الفعلية للأجانب في السوق بدلاً من أن تكون في كثير من الشركات دون النسب المسموح بها.
ويظل في بعض ما كتبت رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ والله أعلم.
الله يهنيهم يستاهلون كل خير