هل الصكوك الإسلامية هي أفضل أدوات التمويل؟ «1»

04/02/2014 1
لؤي بديع بطاينة

إن البدء بتقديم خدمات التمويل والصيرفة الإسلامية في بداية العام الماضي (2013) كانت وما زالت إحدى أهم التطورات التي حدثت على القطاع المالي بشكل عام والمصرفي بشكل خاص في السلطنة والتي ما زالت في طور بداياتها وتشكيلها وتطويرها ونشأتها والتي لا مكال من الحكم عليها ومنها في أية عملية تمولية وتجارية مُقارنة مع أعمال البنوك التجارية التقليدية والتي تعمل بالسلطنة منذ أكثر من 60 عاماً.

وتنبع فكرة إطلاق وتأسيس الصكوك والتي جاءت من صيغ ومبادئ وأُسس المُعاملات الشرعية المعروفة تقليدياً ودينياً وفقهياً من إجارة وسلم واستصناع ومضاربة وغيرها والتي جاءت كطريقة لتطوير مُتطلبات العصر والقطاع التجاري والمالي والاقتصادي بضرورة استحداث صيغ تمويلية كبديل عن مصادر التمويل التقليدي مثل السندات والتي تتعامل بالفوائد المصرفية على أُسس تقليدية وحسابية بحتة.

ويُعتبر كثير من المُتعاملين في الصيرفة الإسلامية بأن الصكوك الإسلامية هي إحدى أهم أدوات الاقتراض الشرعية، وقد كثر الحديث حولها في تأكيد واضح على أن الإسلام لم يكن يوما ما عائقا في وجه النمو الاقتصادي.

والصكوك الإسلامية تصدر مقابل أصول، وغالبا ما تكون عقارية أو أصول أوراق مالية ذات عائد وبالتالي ضماناتها أكبر من الصكوك (السندات) التقليدية وفقاً للدكتور محمد القطان.

وشهدت الصكوك طلباً كبيراً ومتسارعاً من قبل جميع الأطراف وفي القطاعين العام والخاص والتي اشتهرت وانتشرت كأداة مُعاصرة أقبل ويقبل عليها المُسلمون وغير المُسلمين حتى انتشرت في كل أنحاء العالم، بأحجام وأقيام وأعداد كبيرة جداً وبمُعدلات نمو سنوية سريعة فاجأت حتى أكثر المُتفائلين بنجاحها وانتشارها.

وقد انتشرت في الآونة الأخيرة العديد من الدراسات والمقالات والندوات عن طبيعة أعمال البنوك الإسلامية وخصوصاً عمليات وإجراءات وتشريعات إصدار الصكوك الإسلامية والتي قامت المصارف الإسلامية بتطويرها وتأسيسها وإطلاقها لمُعالجة بعض الحلول التمويلية والتي جاءت بناءً على طلب وإلحاح كبير من قبل المُتعاملين وخصوصاً تلك الفئة التي كانت وما زالت تتعامل مع مصادر التمويل التقليدية من سندات وإسناد قروض وتجمعات قروض بنكية، والتي جاءت الصكوك الإسلامية وهي التي تقوم بالوظائف  التمويلية نفسها بل وأكثر من تلك السندات وخصوصاً في تمويل الأصول وراء المعدات وتأسيس بناءالمشاريع وخصوصاً في مجال البنية الأساسية.

والصكوك كأدوات مالية استثمارية تُعتبر سندات ذات صبغة وصيغة إسلامية يتم إصدارها من قبل أي شركة و/أو مصرف إسلامي.

وكما هي الحال بأي أداة مالية استثمارية، تتمتع الصكوك الإسلامية بالخصائص ذاتها للسندات التقليدية، لكن الفارق الرئيسي يتركز من كون الصكوك ترتكز حول تمويلها للأصول وتمثل مُلكية عادلة في هذه الأصول.

وكما نعلم بأن الهدف الرئيسي من إصدار الصكوك الإسلامية كان ولا يزال هو توفير التمويل للمشاريع والشركات والمؤسسات والأصول الاستثمارية المختلفة من جهة طالبي التمويل وعلى الجانب الآخر هو استثمار مالي وبطريقة إسلامية وشرعية للمُدخرات والأموال الفائضة بالنسبة للمودعين وأصحاب الحسابات الاستثمارية (المُستثمرين)، والصكوك المالية أصبحت إحدى الأدوات المالية والاستثمارية والتي تُعتبر من أهم وسائل السياسات المصرفية لدى البنوك والدول (الآن) والتي تتخذها المصارف الإسلامية والتجارية لإدارة أعمالها وإدارة السيولة الفائضة لديها عن الاستثمار.

إن الصكوك الإسلامية شرعا وقانوناً وتجارةً وعُرفاً تُعتبر شهادات استثمارية إسلامية مُحددة القيمة والهدف والإسلوب ودائماً وغالباً تُصدر لتمويل مشاريع تجارية أو صناعية أو زراعية يقوم من خلالها حملة ومالكي الصكوك بالمساهمة بها وتمويلها وتلك المشروعات تُمثل الملكية التامة والخالصة لحملة الصكوك ومن خلالها يتم دفع نسبة (يتم الاتفاق عليها بعد خصم الرسوم الإدارية والمُشاركة في الأرباح) من الأرباح لحملة الصكوك. ولحملة الصكوك الحق بالتصرف بها من خلال بيعها أو نقل ملكيتها من خلال الأسواق المالية التقليدية (الأسواق المالية)، وتكون دوماً عمليات البيع والشراء ونقل الملكية خاضعة للشروط المُتعارف عليها في تلك الأسواق بالإضافة إلى قواعد الربح والخسارة نتيجة عملية البيع والشراء واختلاف السعر بينهما.

وتتوفر العائدات على الصكوك من العائدات المُتولدة من إيجار هذه الأصول سواء أكانت أصولا عقارية أو أصولا من المعدات والآليات أو سيارات وطائرات….الخ.

وكان ولايزال أحد أهم الأهداف الرئيسية لإصدار الصكوك هو توفير السيولة اللازمة والتمويل الكافي والمطلوب والمأمول من قبل طالبي التمويل أو الباحثين عنه (في الغالب بنوك ومؤسسات وشركات كبرى وحكومات) لتمويل مشروعاتهم وشركاتهم وموجوداتهم الاستثمارية (طبعاً تعمل وفق أُسس الشريعة الإسلامية) ومن المفهوم والمتعارف عليه بأن تلك المشروعات والموجودات تقوم على أُسس تجارية ومالية معروفه ووفق أسس الشريعة الإسلامية كما أنها من المتوقع والمفروض أن تقوم على تحقيق تدفقات نقدية موجبة كما أنها ستقوم بتوزيع جزء ونسبة مهمة (سبق الاتفاق عليها وعلى شروطها وتفاصيلها) من أرباحها والتي ستحققها نتيجة الاستثمار الجديد لحملة الصكوك.

ومن أجل تطوير عمل الصكوك الإسلامية يجب علينا العلم بأنه هنالك العديد من التحديات والعقبات التي واجهت سوق الصكوك الإسلامية في العديد من الأسواق والدول ومازالت تواجه العديد من التحديات في جوانبها الإجرائية والتطبيقية والمالية والشرعية.

ومن أمثلة ذلك مدى حقيقة البيع الذي يتم من مالك أصول الصكوك لحامليها، وماهية الأدوات التي تستخدم لإدارة الحساب الاحتياطي “الفائض”. وماهية الآثار القانونية والشرعية المترتبة على التعهدات الصادرة من مدير الصكوك لحامليها كما جاء بإحدى الدراسات للبنك الأهلي التجاري السعودي مؤخراً.

والصكوك الإسلامية كأنت تُعتبر إحدى أهم الحلول للأزمة المالية التي مرت بها العديد من المؤسسات والشركات آبان الأزمة المالية العالمية (2008-2013) وكانت تُعتبر إحدى أهم الوسائل الحيوية لإنقاذ العديد من الاقتصاديات والتي واجهت وعانت خلالها من شُح مصادر التمويل وخصوصاً في منطقة الخليج العربية ودول شرق آسيا، لا بل ساهم الصكوك وكان دورها كبيراً ولافتا في فتح أبواب جديدة للتمويل لتخفيف أعباء الموازنة العامة للدول ولتكون بديلا شرعياً ودينياً مقبولا من العديد من الأطراف للاقتراض وتأسيس واستكمال إنشاء المشاريع واالخطط والبرامج الإنمائية وخصوصاً في الدول النامية، في الوقت الذي كانت تُعاني من عجز كبير في موازناتها العامة.

وكنا قد أشرنا سابقاً عن دراسة مصرفية، أفادت بأن عمل المصارف الإسلامية في العديد من البلدان ومنها الخليجية يواجه العديد من العقبات تتعلق بأنشطة توظيف الودائع الاستثمارية للزبائن. وأشارت إلى أن المصارف التي تعمل وفقًا للشريعة الإسلامية لا تواجه مشاكل على الإطلاق في نشاط الودائع إلا أنها وعلى النقيض تجد مشاكل في نشاط التوظيف لدى الزبائن.

وعليه ولاستثمار السيولة المصرفية الزائدة في العديد من الدول ومنها السلطنة يجب العمل وبسرعة على طرح إصدارات مُتتالية من الصكوك الإسلامية لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة جنباً إلى جنب مع الإصدارات التقليدية للسندات الجكومية وبالتالي من الممكن أن تتوسع حينها الحكومة ومن خلال وزارة المالية والمؤسسات والهيئات الحكومية الأخرى بتلك الإصدارات وبالتالي قيامها بتمويل العديد من المشاريع الخاصة بالتنمية المحلية وخصوصاً تلك المشاريع الحكومية من طرق وجسور وموانئ ومطارات ومحطات توليد كهرباء وتحلية مياه والتي تمتاز بوجود تدفقات نقدية مستمرة وتقوم على أساس ومبادئ عمل الشريعة الإسلامية ولا يوجد لديها أية مشكلات بالدخول في شراكات استثمارية مع حملة الصكوك الإسلامية والمشاركة في الإيرادات من خلال تأسيس شراكات لأغراض خاصة أو بما يُسمى Special Purpose Vehicle (SPV).

وللإجابة عن السؤال الخاص بماهية الشروط والإجراءات المتعلقة بإدراج الصكوك الإسلامية عالمياً (لغاية الآن لا توجد شروط وإجراءات محلية) تتوافق غالبيتها بشروط وإجراءات إصدار وإدراج السندات المالية إلا أنه، يُشترط في الصكوك الإسلامية المراد إدراجها، أن تكون الصكوك الإسلامية مُجازة وموافق عليها من قبل الهيئة الشرعية الخاصة بالجهة المُصدرة إذا كانت الجهة المُصدرة إحدى المؤسسات المالية أو المصارف الإسلامية المعترف بها من قبل الهيئة.

وإذا لم يكن لدى الجهة المُصدرة هيئة شرعية خاصة بها وجب إجازة هذه الصكوك الإسلامية من قبل هيئة شرعية معتمدة من قبل الهيئة على أن لا تتعارض مع أحكام عقد التأسيس والنظام الأساسي والمستندات التأسيسية الخاصة بالجهة المصدرة.

وتمتاز الصكوك الإسلامية كأدوات للتمويل بقدرتها على ابتكارها أدوات مالية واستثمارية والعمل على تداولها ما بين البنوك وفي أسواق الأوراق المالية من شأنه أن يكون له دور كبير في إيجاد فرص الاستثمار، وتوجيه المدخرات إلى قنوات الاستثمار المختلفة. وتقدم الأدوات الاستثمارية المعتمدة على الصكوك والتي يمكن تداولها فى سوق الأوراق المالية بديلاً قريباً للمعاملات المصرفية .

فعندما تتنوع الأدوات الاستثمارية في سوق الأوراق المالية وتنتظم قواعد المعاملات به، تصبح تلك الأدوات أكثر إغراء للمدخرين من ودائع البنوك، وتصبح مصدراً أفضل لتمويل الاستثمار بالنسبة للمستثمرين. وإن تلك الأدوات ذات أهمية خاصة للبنوك الإسلامية كوسيلة لها لإدارة السيولة المالية لديها والعمل على تحقيق التوافق والمواءمة ما بين استحقاقات الموارد للبنوك الإسلامية مع التوظيفات للأموال.

وأخيراً تُعتبر الصكوك إحدى أهم أدوات تمويل خطط التنمية الاقتصادية للحكومات وخصوصاً الإسلامية في الوقت الحالي.

ملاحظة: تم الاستعانة بالعديد من الدراسات والأبحاث المتعلقة بهذا الموضوع.

نقلا عن جريدة عمان