نلاحظ في الآونة الأخيرة اتخاذ البنوك التجارية في المنطقة منحى جديدا في طرق تمويل العمليات التجارية وتعزيز رؤوس الأموال للبنوك التجارية والبحث عن مصادر الأموال في ظل انحسار السيولة المصرفية وانخفاض سيل وأحجام وقيم الودائع الحكومية في الأشهر الأخيرة كما كان سابقاً لأسباب عديدة من أهمها الانخفاض الكبير للإيرادات الحكومية، وذلك نتيجة انخفاض أسعار النفط وبالتالي الإيرادات الحكومية منه، وبالتالي أدى ذلك إلى بروز أدوار جديدة ومهمة لودائع جديدة وبأشكال جديدة وبكلف جديدة سواء كانت خارجية أو داخلية وبعملات وآجال مُختلفة.
تعتبر البنوك التجارية في غالبية العالم من المؤسسات المالية ذات الطبيعة الخاصة، وذلك بسبب ضعف مساهمة رؤوس أموالها في إجمالي مواردها المالية، حيث إن الجزء الأكبر من مصادر أموالها التي يتم استخدامها في تمويل أنشطتها المصرفية المُختلفة يتم تمويله من الودائع على اخـتلاف أنواعها.
وعليه تقوم البنوك في العادة بتطوير استراتيجيات وخطط وبرامج لكيفية تمويل مصادر الأموال وتنوعها وأصولها مما يستدعي قيام غالبية البنوك بتخصيص إدارات مُتخصصة تُدعى بإدارات السيولة لإدارة مطلوباتها ومراقبة كُلفها وآجالها وتنوعها من حيث العملات والتركز الائتماني بها.
وتُعرف إدارة السيولة في البنوك التجارية، من التـحديات المـستمـرة الـتـي تواجهها البنوك التجارية، فعدم توفر سيولة في البنوك التجارية يعتبر من الأسباب الـتـي تقود إلى إفلاس وفشل البنك التجاري.
وللسيولة المصرفية أهداف مُختلفة ومُتعددة فمن جانب إن الاحتفاظ بسيولة مرتفعة تزيد عن الحاجة الفعلية للبنوك التجارية، يؤدي إلى عدم استخدامها وتوظيفها وبالتالي ارتفاع كلفتها وكلفة الأموال مما يؤثر على ربحية البنوك التجارية، تؤدي إلى انخفاض أرباح البنوك.
إنَّ تنويع مصادر الأموال للبنوك ليست بجديدة، ولكن طريقة ونوعية وكلفة تلك المصادر كانت وما زالت مدار الحديث ما بين المراقبين.
بكل تأكيد تستطيع البنوك التجارية في منطقة الخليج العربي الإعداد والاستعداد لاستراتيجيات مختلفة وبطرق مُختلفة وبتطبيقات مُختلفة من أجل زيادة وتنمية ودائعها المصرفية بشكل عام، وتنمية وتطوير أنواع معينة من الودائع بشكل خاص وذلك لموائمة آجال المصادر والاستخدامات المُختلفة للأموال في حال الاتفاق على هذه الاستراتيجيات والخطط والبرامج من قبل الإدارات التنفيذية للبنوك وبتبريكات مجالس الإدارة لما لها من تأثيرات كبيرة على وجود واستمرارية البنوك وبالوقت نفسه ربحيتها.
ومن المُمكن أن تقوم البنوك بتطوير استراتيجيات متخصصة لاستقطاب وتنمية وزيادة مصادر الأموال من ودائع ورؤوس أموال وقروض بنكية وسندات واحتياطيات…. إلخ إلا إنه ذلك يعتمد على قدرة تلك البنوك على تشكيل وتوزيع مصادر الأموال وبالوقت نفسه القدرة على السيطرة على كلف تلك المصادر وإمكانية الاعتماد عليها واستمراريتها.
ومن الاستراتيجيات المُعتمدة والمعروفة لدى غالبية البنوك في زيادة مصادر الأموال وتنميتها وتتضمن:
العمل على تدريب الموظفين على التسويق المصرفي وبالذات القدرة على استقطاب الودائع والذي في الغالب تقم البنوك بتحفيز الموظفين على تسويق وبيع القروض المصرفية وبطاقات الائتمان.
العمل على تطوير الخدمات المصرفية بشكل يؤدي إلى استقطاب حملة وأصحاب الودائع المصرفية.
العمل على تدريب الموظفين على البيع في كلا الاتجاهين (قروض وودائع) وبطريقة مهمة أن يتم الاستفادة من كل زبون وذلك بتقديمه زبونا آخر.
زيادة التثقيف والتوعية المصرفية، عن طريق وسائل الاتصال الاجتماعي.
عدم الاعتماد فقط على زيادة عدد الفروع، وآلات الصرف والإيداع الآلي لتسويق الخدمات المصرفية، لا بل يجب أن يتم تسويق البنك في المحافل والأنشطة المُختلفة مما يجعل البنك قريبا من أماكن وجود الزبائن وأنشطتهم.
العمل على تبسيط الإجراءات والمعاملات المصرفية وخصوصاً مع زيادة الإجراءات المصرفية الخاصة بما يُسمى بالتأكد من زبونك.
العمل وفق استراتيجية جديدة وجذابة في طرق تسعير الخدمات المصرفية، وفي طليعتها أسعار الفوائد على الودائع بأنواعها المُختلفة، بشكل يعمل على جذب الزبائن.
وللتعرف على مصادر التمويل من حيث الأهمية النسبية للبنوك والمصارف التجارية في المنطقة نجد أن نسب مصادر التمويل كما يلي:
رأس المال المدفوع – تتراوح بين 4%و6%. والمعدل المتوسط يبلغ في بنوك المنطقة 4.6%
الاحتياطي القانوني – المتوسط هو 3%
الاحتياطات الأخرى – المتوسط هو 1.3%
المخصصات الأخرى – المتوسط هو 2%
الأرباح المحتجزة – تتراوح ما بين 3% و3.5%. والمعدل المتوسط للبنوك في المنطقة يبلغ 3.1%
الودائع (بأنواعها المختلفة)– تتراوح ما بين 55% و 76%. والمعدل المتوسط للبنوك في المنطقة يبلغ 71%.
السندات المالية – تتراوح ما بين 3.5%و4.5%. والمعدل المتوسط للبنوك في المنطقة يبلغ 4.4%.
عندما تكون البنوك والشركات والحكومات بحاجة إلى جمع الأموال، في العادة تقوم بإصدار سندات بأشكال وأنواع وآجال وعملات مُختلفة.
ويقوم المُستثمرين وعلى اختلاف أنواعهم وأحجامهم وجنسياتهم بشراء تلك السندات، ومن المُمكن أن يقوم هؤلاء المُستثمرون وبالطريقة نفسها بإصدار سندات مالية ولكن بشروط وأسعار فوائد مُختلفة والاختلاف في العادة يكون في أسعار الفائدة والشروط الخاصة بكل سند والذي يعتمد على الجدارة الائتمانية للمُصدر وقوته المالية ونوعية السندات وهل هي مضمونة بأصول خاصة.
والبنوك تتعرض في العادة للعديد من المخاطر ولكن في موضوع السيولة ومصادر الأموال فإن غالبية المخاطر تتكون مما يلي:
في حال تعرض الدول إلى مخاطر التذبذب في أسعار صرف العملات المحلية مما يؤدي إلى الشروع في سحب الودائع بالعملات المحلية وتحويلها إلى عملات أجنبية.
في حال تعرض الدول إلى مخاطر سياسية مما يعرض أوضاع البنوك والمودعين إلى تقلبات مما يؤدي إلى مخاطر عدم السداد من قبل المُقترضين.
في حال تعرض البنوك إلى السحب المُفاجئ للودائع والتحول إلى بنوك ودول أُخرى بسبب مخاطر عديدة يعتقد بوجودها المودعين، وهذا ما يُسمى بمخاطر السيولة، وهي المخاطر الناجمة عن السحب المفاجئ على الودائع، وغيرها من التزامات البنك، الأمر الذي يجعل البنك مضطرا لبيع موجودات في فترة قصيرة، وبأسعار قليلة، لمواجهة السحب المفاجئ.
من المُمكن أن تتعرض البنوك لمخاطر عديدة تنعكس آثارها السلبية على تلك البنوك، مثل التغيرات المفاجئة في أحوال الأسواق المالية، نتيجة الحروب، والثورات، والانهيار المفاجئ في أسواق المال. وكذلك مخاطر تعرض البنك لحالات التزوير، كل هذه قد تؤدي إلى انهيار البنك.
كما أن أحوال السوق العامة، كزيادة معدلات التضخم، وحالات البطالة، تؤثر بلا شك على أسعار الفوائد، والقروض، والسيولة لدى البنوك.
ملاحظة: تمت الاستعانة بالعديد من المراجع والدراسات والتقارير المنشورة وغير المنشورة.
نقلا عن عُمان