يمر قطاع الأعمال بمرحلة زمنية صعبة جدا، نتيجة للأنظمة البيروقراطية التي توالت عليه في الآونة الأخيرة.
لقد جعلته يعيش وضعا خانقا، بل يعيش في دوامة ضحاياها كثر، وسيمتد تأثيرها لسنوات.
إن جميع الشركات والمؤسسات التي تعمل في كل المجالات من تجارة ومقاولات وصناعة وخدمية، الكبير منها والصغير كلها تعاني وضعا صعبا للغاية.
فالكثير من القرارات لم يدرس تأثيرها الحالي والمستقبلي على المستهدفين به، لأن الكثير من القرارات جاء كردود أفعال لمشاكل سببها سوء وضعف الإدارة الحكومية وما تعاني من مشكلات.
وإذا أعملنا النظر في المؤسسة الصغيرة وجدناها في وضع لا تحسد عليه، فهي تعيش حالة لا يعلمها إلا الله،ولهذا فإن النسبة الكبيرة منها تحتضر.
أما الكلام الذي يردد في الكثير من الوسائل الإعلامية عن احتضان المؤسسات الصغيرة وتشجيعها فهو مبالغات لا قيمة لها عمليا في الواقع.
إن المؤسسات الصغيرة معاناتها شديدة رغم أنها تشكل النسبة الكبرى من نسيج السوق، والمرتكز الأول للنمو الاقتصادي، كونها تشبه الحاضنات التي تترعرع في كنفها المشاريع التي يمكن أن تكون نواة لأعمال عملاقة ومشاريع كبرى تفيد الوطن في جلب الدخل والتوظيف.
وتكمن معاناة المؤسسة الصغيرة في شقين، الأول: ما يخص تكاليف تشغيلها التي ارتفعت ربما بنسبة 800%،كونها مطالبة بالسعودة وضريبة الزكاة والدخل والتأمينات الاجتماعية والتأمين الصحي على موظفيها والاشتراك في الغرفة التجارية ورسوم البلديات وشهادة دفاع المدني ورسوم التصديق وقيمة التراخيص والسجلات التجارية، والغرامات التي تتحملها في تجديد الإقامات والتأشيرات وغيرها، ومبالغ نهاية الخدمة.
وتعاني المؤسسة الصغيرة -فيما يخص الشق الأول وهو تكاليف التشغيل- ارتفاع الإيجارات بنسبة 150%،وارتفاع مرتبات الموظفين والعمالة والمواد والنقل وغيرها.
أضف إلى كل هذه التكاليف ما يتصل بالشق الثاني من معاناتها المتعلق بالقيود المفروضة عليها، فهي مطالبة بالسعودة، وإلا أوقفت جميع أعمالها وصنفت ضمن النطاق الأحمر الذي لا يسمح لها بالتصرف، بل يؤدي إلى تعطيل نشاطها تعطيلا كاملا، ثم إن السوق تعاني شحا في الموظف السعودي مناسبا أو غير مناسب.
كما أن الجهات المانحة للتراخيص تهددها دائما بإيقاف التراخيص إذا لم تطبق المواصفات التي تفرضها عليها، لذا فإن كل من يفكر في مشروع صغير أو مؤسسة صغيرة عليه أن يبدأ برأس مال لا يقل عن مليون ريال.
ومعلوم أن المؤسسات الصغيرة عادة تبدأ بمبلغ أقل من هذا بكثير، ولو أخذنا المؤسسات الغربية العملاقة حاليا مثل ميكروسوفت التي بدأت بزميلين في شقة صغيرة مكونة من غرفة وحمام، أو أبل التي بدأت من كراج ورأس مال مقداره مائة دولار، فسنقول لمن يدغدغه مثل هذا الحلم: تخلى عنه، فهو في بلادنا مستحيل، وعليه أن يبحث عن وظيفة مناسبة.
ولو ناقشنا الموضوع علميا وراجعنا بعض النظريات الاقتصادية لوجدنا أن آدم سميث -الذي يعتبر أبا الاقتصاد الحر القائم على السوق- يحذر من تدخل الدولة لأنه يفسد الاقتصاد.
كما طرحه في مبدأ سماه laissez-faire، ويعني: دع السوق وحاله «leave it alone.».
كما أن المنادين بعدم تدخل الدولة في السوق، يؤكدون إن التدخل لا يخلو من تأثير جماعات المصالح، أي أن القرارات تكون لها أهداف غير معلنة.
ويقف على النقيض من هذا الرأي من يسمون الكنيزين وهم أتباع John Keynes الذي يرى أن قرارات أصحاب الأعمال قد لا تقود لمنفعة الاقتصاد.
لذا على الدولة أن تتدخل، لكن فيما يخص كمية النقود والسياسات النقدية وما يقوم به البنك المركزي، وهو لم يدافع عن تدخل الدولة بشكل عام رغم أن أتباعه -فيما بعد- دافعوا عن مبدأ استثارة الاقتصاد ببرامج تحفيزية والتدخل لسن قوانين لمعالجة بعض القضايا، وحتى كنز يرى أن تدخل الدولة يمكن أن يحدث في حالة الكساد والركود.
هل ما يحدث لدينا وما اتخذ من قرارات مبني على منطلقات علمية لمعالجة الاقتصاد، وإطلاق لبرامج تحفيزية للاقتصاد؟
الحقيقة أن الإجابة: لا، لأن النفط كفل لنا الوفرة المالية والدخل العام، ووضع الاقتصاد جيد.
وما حدث كان لمعالجة قضايا أهمها البطالة والزيادة المفرطة في أعداد العمال الأجانب، لكن الخوف كل الخوف أن يكون للقرارات آثار سلبية كبيرة على الاقتصاد هذا العام وما بعده، وعلى معيشة الناس.
إن الشركات والمؤسسات تعاني القرارات والإجراءات الأخيرة التي تعيق نموها، بل قد تؤدي إلى إفلاس الكثير منها.
أما المؤسسة الصغيرة فإنها بحاجة لإنقاذ سريع.
نقلا عن جريدة اليوم
اشكرك على تسليط الضوء على هذا الموضوع ، واشكرك على شجاعتك لطرح الموضوع ، في وقت هام للحاق على ماتبقى من المنشآت الصغيره.
موضع مهم.. وحيث اني امر بهذه المعناه.. صعبة جدا.. قرار الستين يوم للاستقدام قرار عقيم ليس له اي فايدة وبالعكس يشجع على بيع نقل الكفالات من كفيل الي كفيل... ومازلت ابحث عن سعودي يريد العمل راتب يبداء ب ٣٥٠٠ ولاكن لم اجد السعودي الكفو..