تسارعت الأمور في الأسبوع الماضي بأكثر مما توقعته في المقال السابق، فلم يكن أحد يتخيل أن الاكتتاب لن يتأخر، وأنه سيبدأ في اليوم الأخير من عام 2013، وأن طرح الأسهم للتداول سيتم في شهر فبراير القادم.
وقد كان ذلك سبباً في حالة من الإرباك المفاجئ عمت المستثمرين، فراح الكثير منهم يعيد حساباته، من أجل مواجهة هذا الاستحقاق، على أمل تعظيم الفائدة من وراءه، وتقليل التكاليف.
ومن أجل ذلك طغى موضوع الاكتتاب والحديث عن الأسهم بوجه عام على المجالس من جديد، وانتشرت رسائل الواتس أب التي تقدم النصائح المجانية، وجاءتني استفسارات متعددة عن جوانب مختلفة في الموضوع، ولم يكن من الممكن إعطاء إجابات شافية لسبب بسيط وهو أن نشرة الاكتتاب لم تصدر بعد-وقيل إنها ستصدر اليوم الأحد-، وبالتالي فإن بعض الافتراضات التي تم تقديمها للجمهور تظل مجرد اجتهادات قد يصيب بعضها وقد يخطئ.
على أن إدارة البورصة قامت يوم الخميس الماضي بإصدار بيان توضيحي غطى جوانب لم تكن واضحة من قبل وهي:
أولاً: أنه سيكون هناك حد أدنى 750 سهما لكل شخص، ولو اكتتب الجميع بهذا الحد الأدنى فإن ذلك سيستهلك قرابة 200 مليون سهم،
ثانياً: أن حصة كل من مؤسسة قطر ومؤسسة التقاعد، لم تحدد حتى الآن ولكن إذا تم تطبيق الحد الأقصى وهو مليون سهم فإن ما تحصل عليه المؤسستان سيكون 2 مليون سهم. وبإضافة حصة ذوي الاحتياجات الخاصة، والأفراد الذين تغطيهم مظلة الضمان الاجتماعي، فإن ذلك يعني أن المتبقي سيكون في حدود 117 مليون سهم. وينخفض الباقي إلى 91 مليون سهم لو حصلت كلا من المؤسستين على 5% من الأسهم.
وهذه الكمية الأخيرة سيتم توزيعها على شرائح بواقع 50 سهما لكل مكتتب، ومن ثم فإن ذلك يعني أن يتكرر توزيع الشرائح الخمسينية 7 مرات أي 350 سهما لكل مواطن، وبالتالي يحصل كل منهم على 1100 سهم تقريباً.
ثالثاً: الحسبة أعلاه مبنية على أساس أن كل مواطن سيكتتب بـ 1100 سهم على الأقل، ولكن إذا تقاعس عدد من المواطنين –لاعتبارات مالية أو غيره- وأكتتب بأقل من ذلك، فإن عدد الشرائح المتاحة ستزيد عن 7 شرائح وبالتالي يحصل المكتتبون على المزيد من الأسهم. كما يتأثر الرقم النهائي سلباً أو إيجاباً بحصة مؤسسة قطر وحصة التقاعد، فيزيد الرقم او يقل إذا انخفضت أو ارتفعت الحصة عن 5% لكل منهما..
رابعاً: أن التمويل متاح من البنوك-إسلامية وتجارية- ولكن بضوابط أهمها تمويل ثلثي المبلغ المراد الاكتتاب به فقط، فمن لديه 10 الآف ريال يستطيع اقتراض 20 ألف ريال ويكتتب بثلاثة الآف سهم قيمتها 30 ألف ريال. ولكن الاقتراض يتطلب تأمين طريقة للسداد.
فالمكتتب لا يستطيع بيع أكثر من نصف أسهمه في فبراير عند طرحها للتداول، وإلا فقد حظه في الحصول على سهم المكافأة المجاني بعد 5 و 10 سنوات. وهو لا يستطيع التصرف في نصف أسهم أبنائه القصر حتى يبلغوا الثامنة عشرة. وهذه القيود المتعددة تتطلب منه أن يعتمد على مصادر دخله الأخرى في السداد، كبيع أسهم أو عقارات، أو ممتلكات أخرى أو على أقساط الراتب. ومن ليس لديه هذه الوسائل للسداد فلن يتمكن من الاقتراض بأكثر من طاقته.
خامساً: أن توقيت الاكتتاب قد تم في ذروة موسم النتائج وتوزيع الأرباح، مما يجعل بعض المستثمرين غير قادر على اتخاذ قرار ببيع ما لديه من أسهم لتوفير التمويل اللازم بدلاً من الاقتراض... ففي مثل هذه الأحوال تشتد المقارنة بين ما قد يجنيه المستثمر من أرباح إذا ما احتفظه بأسهمه الحالية من التوزيعات، ومن ارتفاع القيمة السوقية، وبين ما قد يجنيه من أرباح من أسهم الاكتتاب.
وهذه النقطة الأخيرة من الصعب تقديرها في الوقت الراهن باعتبار أنها تتوقف على سعر السهم عند طرحه للتداول.
سادساً: يتوقف سعر السهم عند طرحه للتداول على مقدار العرض والطلب على السهم، ومع التذكير بأن السعر في أول يوم سيكون معوماً بدون قيد التداول المعمول به كحد أدنى أو أقصى بنسبة 10%، فإن تحركات السعر ستكون رهنا ببعض الفرضيات ومنها:
-أن الكميات المعروضة للبيع ستكون محدودة بالنظر إلى مغريات السهم المجاني التي تحول دون بيع نصف أسهم البالغين، فضلاً عن عدم السماح ببيع نصف أسهم غير البالغين،،، مع العلم بأن هذه الفئة الأخيرة تشكل نحو 45% من القطريين.
-أن حصة أسهم التقاعد ومؤسسة قطر وكذا أسهم ذوي الاحتياجات قد لا تكون معروضة للبيع.
-أن جزء من القطريين البالغين قد يبيعون نصف أسهمهم لتسديد ما عليهم من قروض للبنوك، وتزداد نسبة المبيع بقدر ارتفاع سعر السهم في البورصة، في اليوم الأول.
-في المقابل قد لا تكون المحافظ القطرية وخاصة الحكومية منها مهتمة بالشراء حتى لا ترفع سعر السهم بقوة، لأن مثل هذا الارتفاع سيضغط على البالغين للبيع، وهو ما لا تريده الحكومة. فإذا ارتفع سعر السهم في أول يوم إلى 15 ريالا مثلاً، فإن ذلك قد يغري حملة السهم على البيع والحصول على ربح سريع 50% بدلا من انتظاره 5 سنوات للحصول عليه في صورة نصف سهم مجاني.
وهناك بالطبع اعتبارات أخرى تعجل أو تؤجل البيع تتعلق بما قد توزعه الشركة من عوائد سنوية نقداً وهذه قد تكون محل نقاش في مقال قادم.
-أن الطلب على السهم من غير القطريين قد تم تحديده بـنسبة 15% من إجمالي الأسهم ، بعكس بقية أسهم الشركات الأخرى التي تصل فيها النسبة إلى 25% على الأقل. وهذا القيد قد يكون سببا ضاغطاً على الطلب وارتفاع السعر في البداية، ولكنه قد يتوقف على مدى فهم المستثمرين الأجانب لمدى ربحية الشركة وتوزيعاتها المستقبلية. وهذه المعلومات لا تزال غامضة بعض الشيئ.
كم ممكن يكتتب السعودي في الشركة المذكورة.
الاكتتاب للقطريين فقط وبإمكان السعودي الشراء من البورصة بسعر السوق في فبراير القادم