النفط نعمة من الله لنا، مكننا من بناء المدارس والمستشفيات وبعض المصانع وحتى دور العبادة.
وعاشت فئات من المجتمع بمستوى من الرفاهية أشبه بالأحلام، ونعمت الطبقة الوسطى من أبناء البلد بحياة فيها الكثير من رغد العيش.
وقد مكن النفط الدولة من صرف مرتبات موظفيها دون أن تضطر للاستدانة من دول أخرى.
لكنه في الوقت ذاته مخدر جعلنا نعيش حياة لم تكن نتاج كدحنا وعرقنا.
بل جعلنا نصبح مثل شاب يعيش معتمدا على والده الثري أي الحكومة، ولو أفلس الوالد يوما لما وجد الشاب ما يضمن له حياة حرة كريمة، بل ربما تحول إلى متسول يستجدي الناس في الشوارع.
فماذا لو صحونا يوما ووجدنا إعلانا عن بدائل للنفط.
أنني أؤمن أن البدائل للنفط موجودة منذ زمن Nikola Tesla وقبل وفاته في عام 1943 لكن قوى من مصلحتها بقاء النفط بقرة حلوب هي التي جعلته يستمر المصدر شبه الوحيد للطاقة.
بل إن الولايات المتحدة لم تصبح دولة عظمى إلا بعد اكتشاف النفط في العالم، ولم تصبح عملتها الدولار عملة عالمية إلا بعد أن قررت المملكة العربية السعودية أن تبيع نفطها بالدولار وتبعتها الدولة النفطية الأخرى.
إن تغيير خارطة مصادر الطاقة ليس أمرا مرحبا به من قبل الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، وإن السياسة تلعب دورا كبيرا في بقاء النفط المصدر الرئيس للطاقة، وربما يعرف البعض قصة تدوير الدولار النفطي Recycling of Petro-Dollar.
ومن أراد التزود عن هذا الموضوع فليقرأ كتاب آدم سمث الذي كان موظفا في الاحتياطي الفدرالي، وليس صاحب النظرية الرأسمالية، واسم كتابه: النقد الورقي أو Paper Money.
كما أن من أراد التزود عن بدائل النفط فليقرأ كتابا بعنوان: مستقبل الطاقة Energy Future وهو عبارة عن مشروع بحثي أو دراسة قام بها باحثون من كلية الأعمال بجامعة هارفرد في عام 1980م.
ثم يمكن الرجوع للتجارب التي قام بها عالمان هما: Bobby Stanley Pons الأمريكي وMartin Fleischmann البريطاني عن توليد الطاقة من خلال عملية تسمى الدمج النووي البارد وغير الخطر، وغيرها من التجارب الأخرى في حقل البحث عن بدائل للنفط.
ولا يتسع المجال في هذه المقالة لعمل تحليل مطول وإلا لقدمت أرقاما تدل على أننا وخلال سنوات سنعبر إلى عصر غير نفطي.
وأنا أطالب هنا بوضع إستراتيجية وطنية لعصر ما بعد النفط، فمن الحكمة أن نكون حذرين، خاصة وأننا نسمع أن أمريكا ستستغني عن نفطنا وعن تحالفها معنا.
بل إنها قد تحدث في السنة القادمة 2014 تغيرا في موقفها فيما يخص الإبقاء على النفط مصدرا رئيسا للطاقة، أو قد تكون اكتشفت مصادر داخلية أو في مناطق أخرى لتستغني عن نفط الشرق الأوسط، وتكون النتيجة انهيار سعر المادة التي نعتمد عليها في معيشتنا.
وهذا يدفعنا بإلحاح للتهيؤ للخروج من عباءة البترول.
أما الإستراتيجية التي يمكن وضعها فأرى أن يكون لها أربعة منطلقات، الأول: أن نعتمد على الإنسان ونستثمر في تطويره ليصبح إنسانا صناعيا منتجا وقادرا على إعالة نفسه ووطنه، فالإنسان يجب أن يكون المرتكز للإستراتيجية.
ثانيا: أن نقيم صناعات نستثمر فيها المعادن الموجودة لدينا بما فيها النفط والغاز، ثم الذهب والألمنيوم والفوسفات والزنك والنحاس وأحجار الزينة والأحجار الكريمة بل وحتى الصخور والرمال وبلادنا غنية بها.
وثالثا: أن تقوم الدولة بصرف المواد بطريقة مخططة تؤدي للاستغلال الجيد للموارد، وهذا يقتضي الجد والحزم في محاربة الفساد.
ورابعا: وضع إجراءات وبرامج إصلاحية تؤدي إلى تغيير عادتنا الاستهلاكية اليومية التي تسبب تبديدا للموارد، وهي كثيرة.
إن الوقت قد حان للتفكير بجد في عصر ما بعد النفط بدلا من أن نسمح للنفط أن يخدرنا، ثم نفاجأ بانتهاء عصره والدخول لعصر جديد.
وإن الوقت قد حان لوضع إستراتيجية للمرحلة القادمة يكون للنفط فيها دور غير رئيس، إستراتيجية يكون محورها استثمار جهود الإنسان في عملية تصنيع مربحة وتغيير في منظومة القيم لديه لتصبح قيما إنتاجية بدلا من القيم الاستهلاكية التي تحكم حياته حاليا.
نقلا عن جريدة اليوم
نحن نعرف كل الذي ذكرت،المشكلة لا يوجد من لديه العزيمة للتنفيذ الكل مشغول الحل ان تتبني احدي الجامعات اعداد الاستراتيجية كمشروع بحوث دراسات عليا لدرجات دكتوراة او بحوث مجزئة للدراسات الاخري