مع انتهاء الفترة التصحيحية لأوضاع المقيمين بالمملكة برزت أسئلة مشروعة وطرحت نفسها ومنها كيفية معالجة نقص العمالة في بعض القطاعات كالمقاولات والصيانة والنظافة.
البعض التمس الإجابة على تساؤلاته في" يسألونك عن السعودي ".
من - وجهة نظرى - اعتبرت الأسئلة مشروعة ولكن قبل أن أمضي في مناقشة مبرراتي وتفاصيلها أسارع للإجابة على تساؤل يتعلق بحضور المواطن " فى المشهد العام للوظيفة" حيث أراه نسبيا في كافة القطاعات ولكن ملامسته لحائط " سد النقص" في القطاع الخاص يستوجب تناول حلقات قلما سلط الضوء عليها ونادرا ما استعرضت حتى في جلسات المؤانسة.
واعتقد أن لعدم التناول صلة بقصة تراثية وهي أن شيخاً زاهداً خرج ليلاً للشارع وبينما هو كذلك رأى رجلاً تبدو عليه أوضاع الانشغال بالبحث عن شيء ثمين، توقف وسأله عما يبحث؟ قال : أبحث عن مفتاح بيتي فقال له هل تذكر أين تركته آخر مرة ؟ قال نعم أذكر أنني تركته بموضع ما داخل بيتي فسأله الشيخ الزاهد: لماذا إذن تفتش عليه بهذا المكان فضلاً عن بيتك؟ أجابه لأن النور متوفر هاهنا.
إن بحثنا عن الحلول السهلة لا يغني عن الغوص في العتمة مستقبلا وإلا فإن السير نحو الحلول الناجحة سيتعثر في أسئلة ثم ماذا بعد؟ هذا يستوجب تناول الجوانب المؤثرة في (يسألونك) عن السعودي لأن الحلول موجودة ولكن يخفيها ظلام دامس يحتاج تسليط ضوء لنعثر على خيط الحل.
وأهم الجوانب ما نتحاشى تسليط الضوء عليها ونتهيب تناولها هي ثقافتنا الاجتماعية التي تسمح بأن تعتمد الأسرة كلها على عائل واحد يعمل ويكد من المهد للحد وعندما تنهار قواه ترفض ثقافتنا تحميل المسئولية لمن كان ينتظر وظيفة بشروطه وإلا سيعيش على عرق عائل الأسرة وماذا عن رفضنا السماح للمرأة بالعمل وهي نصف المجتمع؟
هل ننفي الاتهام عن تقليلنا من شأن المواطن الذي يعمل في المقاولات والنظافة؟ وماذا عن ثقافة تفضيل العمل في القطاع الحكومي لأنه يؤمن وضعاً اجتماعياً براتب أعلى وإنتاجية منخفضة؟ وهناك جوانب لا تُرى سلبياتها بالعين المجردة ونهرب للبحث عنها تحت الأضواء الكاشفة كما في مثال الشيخ الزاهد بينما الحل في تسليط الضوء على موضع العتمة بنقد ثقافة العمل وتصويبها لتتأثر إيجابا وإلا فإن حال "يسألونك" عن السعودي سيكون حاضراً بعد كل فترة تصحيح بينما يجب أن يكون ذلك من أسئلة الماضي لأن العلاج ليس عصياً بل إن رفض العمل في بعض الوظائف والاعتماد على عائل واحد من مشتركات الشعوب لأن معظم المجتمع العربي مر بمرحلة أنف فيها بعض الوظائف ورفض العمل بها لكن بالوعي تحول لأن ثقافتنا العربية طابعها بدوي ولكنها مواكبة ومتحركة كما في المجتمعات العربية وهو ما يجعل رفض بعض الوظائف مؤقتاً يخف بقليل من الضوء ،ولكن من يقتفي أثر التحول من الرفض للقبول في أي مجتمع سيجد ربطاً محكماً بين دخل الفرد وبين قبوله المهنة.
لهذا تصحيح الصورة النمطية للشباب السعودي القادر على العمل لقبول الوظيفة يتم بنقد ثقافة مجتمعنا السعودي وبغرس ثقافة العمل الشريف وزيادة أجور بعض الوظائف المرفوضة.
نقلا عن جريدة المدينة