وجهة نظر في قضية عامة.. وقف أسهم السلام عن التداول

07/04/2013 4
بشير يوسف الكحلوت

اعترف مقدماً أن الحديث عن أزمة شركة السلام العالمية أمر شائك وبالغ الحساسية بسبب تعدد الأطراف المعنية بها، وبسبب استمرار نظرها من جانب المحاكم العدلية، بدرجاتها المختلفة وصولاً إلى المرحلة النهائية المتمثلة في محكمة التمييز.

والكل الآن-وبعد سنوات من التقاضي- بانتظار صدور الحكم الأخير للتمييز في  القضية، فإذا جاء الحكم رافضا للأحكام السابقة التي صدرت عن محكمتي الاستئناف، واللتين قضتا ببطلان الإجراءات القانونية والإدارية والمالية التي اتخذتها الشركة لتنفيذ قراري الجمعية العمومية غير العادية الصادرين من شركة السلام عامي 2002 و 2005، فإن القضية تنتهي بنهاية سعيدة للشركة ومساهميها، وتعود أسهم الشركة للتداول في البورصة.

 أما إذا أكدت محكمة التمييز الأحكام السابقة، فإن الأزمة ستدخل منعطفا جديداً تغرق به الشركة ومعها الجهات القضائية المعنية ووزارة الأعمال والتجارة وربما هيئة قطر للأسواق المالية، وبورصة قطر ، في تفسير الكيفية التي سيتم بها إلغاء إجراءات  الدمج، وما ترتب عليها من قرارات وتأشيرات، والبحث عن مخرج يجنب الشركة والمساهمين خسائر مالية ترتبت على تغير قيم أصول الشركة واستثماراتها على مدى سنوات التقاضي.

وسأحاول في مقال قادم -بإذن الله تعالى- تقديم شرح موجز ومبسط لما قد يحدث من تطورات في حالة حدوث السيناريو الثاني، على ضوء ملابسات القضية ومواقف الأطراف منها. واكتفي الآن بتذكير القراء بالنقاط التالية:

الأولى: أن السلام هي أولى الشركات العائلية التي تم إدراجها في سوق الدوحة للأوراق المالية في وقت مبكر من عمر السوق أي في العام 1998. وأنها باتت تساهم الآن في الاقتصاد القطري بشكل جيد من خلال شركاتها التابعة والزميلة واستثماراتها المتنوعة.

فرأسمال الشركة يصل إلى 1.14 مليار ريال موزعة على 114.3 مليون سهم، تمتلك عائلة أبوعيسى نصفها، وجملة حقوق المساهمين بعد إضافة الاحتياطيات تصل إلى 1.64 مليار ريال. وتقدر موجودات الشركة بنهاية عام 2012 بنحو 4.6 مليار ريال، ومطلوباتها وديونها للغير  بنحو 2.96 مليار ريال.

 وتعمل الشركة في أربعة قطاعات رئيسية هي  التطوير والإنشاء، وقطاع الصناعات والطاقة، وقطاع التكنولوجيا، وقطاع البيع بالتجزئة والتوزيع. وتمتلك الشركة حصصاً كاملة (100%) في نحو 18 شركة في قطر، و 8 شركات في الإمارات وعمان وتركيا والكويت، ولها استثمارات متعددة في شركات أخرى وحصص في شركات زميلة. ويعمل في الشركة أكثر من 3000 موظف وعامل.

والثانية: أن القضايا التي أثيرت ضد الشركة قد ترتب عليها أضراراً بالغة بسمعة الشركة، وكلفت إدارتها الكثير من الجهد والوقت والمال في متابعة التقاضي وملاحقة ما يصدر من أحكام. ولحقت بالمساهمين خسائر مؤكدة إما بشكل مباشر من خلال تدني قيمة  السهم في البورصة أو من خلال تجميد قيمة الأسهم وعدم قابليتها للتسييل. وبالنسبة لتدني قيمة السهم، أشير إلى أن القيمة الحقيقية له في عام 2012، كان من المفترض أن تزيد عن 20 ريالاً للسهم بالقياس إلى ما وزعته الشركة سابقاً من أرباح تزيد عن ريال للسهم، مع المقارنة بأسعار أسهم وتوزيعات شركات أخرى كمجموعة المستثمرين. كما أن المحافظة على حقوق المساهمين هي صلب الموضوع عند النظر في أي نزاع.

ثالثا: إن الضرر الناتج عن إيقاف سهم السلام عن التداول لم يقتصر على مساهمي الشركة فقط، وإنما تعدى ذلك إلى تداولات البورصة القطرية بوجه عام، ولعلي لا أبالغ إذا قلت إن الإيقاف المتكرر لسهم السلام عن التداول قد ساهم بصورة أو بأخرى في إقناع شركات عائلية أخرى  بعدم التفكير في إدراج أسهمها في البورصة، وفي إضعاف ثقة المساهمين في الاستثمار في الأسهم القطرية عموماً، وأنه أحد العوامل التي أدت إلى انخفاض أحجام التداول، وإلى ضعف أداء البورصة بوجه عام.

وأود أن أذكر بهذا الخصوص إلى أن مؤشر بورصة قطر قد انخفض في العام 2012 بنسبة 5% تقريباً، وأنه حقق أقل نسبة نمو في الربع الأول من العام الحالي وبنسبة 3.2% فقط في الوقت الذي ارتفعت في مؤشرات أسواق الإمارات والكويت بما نسبته 12-15%. ويحدث هذا الأداء الضعيف للبورصة في الوقت الذي من المفترض أن يكون فيه الحال مختلفاً، بل وأن يكون الأداء هو الأفضل بين بورصات دول مجلس التعاون، بالقياس إلى معدلات النمو الاقتصادي المعلن عنها في هذه الدول.

رابعاً: أن هيئة قطر للأسواق المالية قد باشرت أعمالها في عام 2008، أي بعد حدوث المشكلة، وبالتالي لم تكن طرفاً فيها عند حدوثها، وأنها  -أي الهيئة-ملزمة بتنفيذ ما يصدر عن القضاء من أحكام، باعتبار أن هذه الأحكام تصدر بإسم رأس الدولة وأميرها كما  أن قانون الهيئة القى على عاتقها مسؤولية المحافظة على الثقة في نظام التعامل في الأوراق المالية، وحماية مالكيها، بما يضمن الاستقرار للأسواق المالية والحد من الأخطار التي قد تتعرض لها، ولها اتخاذ القرارات التي تخدم ذلك

وإذن نحن أمام مشكلة مجتمعية واسعة التأثير، ومن مصلحة جميع الأطراف أن يتم الحسم فيها على نحو أو آخر بدون تأخير. وقد قضت محكمة التمييز مؤخراً بوقف تنفيذ حكم  محكمة الاستئناف، لحين صدور القرار النهائي عنها في القضية. وسأحاول أن أعرض في المقال القادم لجوهر المشكلة والأحكام الصادرة بشأنها، وموقف كل من هيئة قطر للأسواق المالية، وشركة السلام العالمية، ورؤية كل منهما للحل المنشود. وأرجو أن يكون مقال اليوم قد مهد الأمر لدى القارئ حتي يستطيع استيعاب تعقيدات القضية. وأود أن أنوه في نهاية المقال إلى أنني أنطلق في التصدي له من رغبة صادقة في شرح الموضوع للقراء باعتبارها قضية مالية عامة، وأنني لا أمتلك- أنا أو أي أحد من عائلتي- أسهماً في شركة السلام العالمية.