قفزة إدارية على الطريقة السويسرية

06/03/2013 0
سعيد بن زقر

كلّما ذكرت سويسرا تتبادر إلى الأذهان بنوكها التي تحفظ بصمت "أموال الأخيار والأشرار".. وساعاتها التي تضبط مواقيت العالم، وفي "ألبها" تتصادق الخضرة وبياض الثلج.. أما ألبانها وأجبانها فتلك قصة أخرى، وبالتالي دائمًا ما تأتي التجربة الناجحة من سويسرا التي تتحسب لكل شيء.. وبذات الآلية التي بنت بها اتحادها، وشرعنت له التناغم اللازم؛ ترمي الآن بحجر في بركة الاقتصاد الأوروبي الراكدة، التي يبدو أن شرايينه ستدب فيها حيوية جديدة لإدراك حكوماته بضرورة مواجهة حقيقة الأزمة الاقتصادية، التي تهز الأرض الآن تحت أقدام اقتصاديات محلية في منطقة اليورو، التي ما عرف أهلها في اليونان شظف العيش، ولا في إسبانيا التقشف، وتولول إيطاليا حاليًّا من قسوة الحياة، فيما تترنح البرتغال "ودوام الحال من المحال"، ووضع معظم دول أوروبا الشرقية السابقة لا يسر أحدًا.

إذن بدون هذه الصحوة الأوروبية؛ ستغرق أوروبا بكاملها في طوفان من الكوارث الاقتصادية الناجمة من سياسات حوافز المديرين البيروقراطيين؛ الذين يسيرون الاقتصاد الأوروبي الحالي وفق جشعهم، ولا يهمهم إلاّ ما يحصلون عليه من حوافز ضخمة، وهو وضع ألحق أضرارًا بالاقتصاد والشعوب الأوروبية بشكل أسوأ ممّا جرى في العام الماضي.. ولقطع الطريق أمام "غول المديرين"، أقدمت سويسرا على "دق خشومهم دق" -مفتتح هذا الأسبوع- بإجراء استفتاء عام يتناول موضوع تعديل حوافزهم، بحيث تقوم الجمعيات العمومية بتحديدها، وإذا ما تمت الموافقة على ذلك فإن الأمر سيُحدث صدى واسعًا وتغييرًا جذريًّا في أساليب الإدارة على مستوى العالم.

إن القطاع الخاص وأصحاب المصلحة في أمسِّ الحاجة للاستفتاء السويسري، لأن "دخول" بعض مديري الشركات الغربية أصبحت مجالاً للتندر ومستفزة، وتنذر بمخاطر جمة على بقاء الشركات نفسها، ناهيك عن الأضرار السالبة على حملة الأسهم، وهو ما جعل هذه "الحوافز" مادة دسمة لكبار الكُتَّاب، مثل "مايكل بورتر" و"كوتلر ودافت". حيث بعلم الكل أن بعض المديرين يتقاضون ملايين الدولارات، بينما هم "بشر عاديون جدا"، ولا يملكون ميزات تُعادل ما يتقاضونه، لذا لابد من ضبط دخولهم من قبل الجمعيات العمومية.

وإذا حسم الاستفتاء السويسري حوافز المديرين، فإنه سيُعيد دفعات مالية كبيرة لصالح جيوب حملة الأسهم.

وعلى أية حال لست ضد "حوافز المديرين" خاصة من أمثال المبدعين "بيل غيتس" و"ستيف جوبز"، لأنهم غيّروا وجه العالم وأفادوه، وأحدثوا نقلة نوعية لخير البشرية.

ومنتهى القول أن حوافز المديرين تُسبِّب أضرارًا واسعة لا تقف عند حدود الشركة التي تدفع الحوافز، لكنها تمتد لتضر بنزاهة شركات المراجعة العالمية وحيادها، حيث تواطأت بعض شركات المراجعة مع المديرين للعب على الأرقام والأرباح، وبالتالي التأثير على الجمهور لرؤية الحقيقة على غير واقعها.

مرحبًا بالقفزة الإدارية على الطريقة السويسرية.