تناقلت وسائل الإعلام خبر استحقاق تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة أبل أسهماً بقيمة 750 مليون دولار، بعد مرور عقد من توليه إدارة الشركة خلفا لمؤسسها ستيف جوبز. وقد باع كوك الأسبوع الماضي نحو 5 آلاف سهم بمتوسط سعر 150 دولاراً للسهم، ليجمع بذلك 750 مليون دولار مكافأة لأدائه خلال السنوات العشر الماضية. ويبلغ الأجر السنوي للرئيس التنفيذي لأبل نحو 3 ملايين دولار (دون الحوافز). وتمكن (كوك) من بيع هذه الأسهم بعد أن انتهت فترة القيد المحددة لها وهي عشر سنوات.
ويسمى هذا الأسلوب بـ«الأسهم المقيدة»، وفيه تمنح الشركات لموظفيها بشكل عام ومدرائها التنفيذيين بشكل خاص أسهماً مشروطة ومقيدة. وتختلف هذه الشروط بحسب أهداف الشركة، فغالبية الشركات تشترط ألا يستقيل المدير خلال مدة زمنية محددة، أو أن يحقق مستهدفاً لسعر السهم، أو أن يحسن الأداء المالي للشركة. ويعد هذا الأسلوب حلاً لما يعرف بـ«نظرية الوكالة»، التي تدعي أن مصالح مدراء الشركات قد لا تتوافق على أي حال مع مصالح الملاك أو المساهمين، فالمدراء قد تترتب حوافزهم الوظيفية على أهداف قصيرة المدى، أو بالاستثمار في مشاريع دون أخرى، وقد لا يكون في ذلك تعظيم لثروة الملاك والمساهمين. لذلك فإن الهدف الرئيسي من هذه المحفزات الوظيفية، هو توحيد المصالح بين مدراء الشركة وملاكها، فحين يُحفز المدراء بأسهم في الشركة مستحقة بعد فترة من الزمن، تصبح مصلحته ومصلحة المساهمين سواء، فيسعى إلى تحسين أداء الشركة المالي بما يترتب على ذلك من رفع لسعر السهم والعمل على مصالح الشركة بعيدة المدى. وتقوم العديد من الشركات اليوم بتحفيز موظفيها بإعطائهم حوافز مستحقة بعد فترة من الزمن، حتى دون مستهدفات محددة، وذلك لضمان استقرار الشركة وتقليل دوران الموظفين.
وفي حالة الرئيس التنفيذي لأبل، فإن النجاحات التي حققها خلال العقد الماضي لا يمكن إغفالها، وفيما توقع الكثير أن الشركة قد لا تستمر في النجاحات بعد وفاة ملهمها «ستيف جوبز»، وانخفض سعر سهم الشركة بعد خبر وفاته مباشرة، في دلالة واضحة على هذا الأمر. إلا أن ما فعله «كوك» خلال السنوات العشر الماضية نسف جميع هذه التشكيكات. فقد تضاعفت قيمة أبل السوقية خلالها عدة مرات، ففي نهاية عام 2011، كان سهم أبل لا يتعدى 20 دولاراً، وقد وصل خلال الأيام الماضية إلى 150 دولاراً لتصبح قيمة الشركة السوقية أكثر من 2.5 تريليون دولار. وبحسب إعلان الشركة، فإن العائد على المساهمين في السنوات الثلاث الماضية فحسب بلغ 192 في المائة لتكون أبل في المرتبة الثالثة عشر بين شركات S&P500، وهذا يعني أن فترة «كوك» كانت فترة ذهبية لملاك الشركة.
عند النظر إلى هذه المنجزات، لا يستغرب ما جمعه «كوك» من محفزات، وقد كان التقييم الأصلي لهذه المحفزات في 2011 (أي حين منح هذه الأسهم المقيدة) نحو 378 مليون دولار، وعُدل هذا التقييم عام 2013، واستحق «كوك» الحد الأعلى من عقد الأسهم المقيدة بعد النتائج التي حققتها أبل. وتبلغ ثروته الآن نحو مليار ونصف المليار دولار، وقد سبق له التصريح في 2015 بأنه ينوي التبرع بمعظم ثروته قبل وفاته. وقد مُنح «كوك» أسهماً مقيدة جديدة الآن، مستحقة في عام 2023 قد تصل قيمتها إلى 150 مليون دولار (بسعر هذه الأيام)، وهي ثاني أسهم تحفيزية ممنوحة له منذ أن تسلم إدارة الشركة. ويمكن القول إن ما حققه «تيم كوك» خلال العقد الماضي لا يمكن التقليل منه، وما منح له من محفزات لا يعد إلا فتاتاً مقارنة بما كسبه مساهمو الشركة خلال العقد الماضي.
إن مسؤولية تحقيق الأرباح تقع على عاتق المدراء التنفيذيين، وما يُعطى لهم من حوافز على شكل أسهم فيه مصلحة مباشرة للملاك، الذين يُقرون هذه الحوافز عن طريق مجالس الإدارات. وقد لا يكون «كوك» أعلى من حصل على هذا النوع من الحوافز، ولن يكون الأعلى في المستقبل بكل تأكيد، فالمتوقع أن عدداً من مدراء الشركات التقنية في العالم يتجاوزون هذا المبلغ قد يكون أولهم «إلون ماسك» الذي تضاعفت أسهم شركته في السنوات القليلة الأخيرة. والجديد في هذه الحوافز أنها بدأت في التأقلم مع المتغيرات الحالية، فالكثير من الشركات اليوم تربط هذه الحوافز بأهداف التنمية المستدامة، مثل الالتفات إلى المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. ولذلك فإن هذه الحوافز هي إحدى أفضل السبل لتحقيق رغبات ملاك الشركات، بما يرونه من توجهات، دون الإخلال بالجاذبية المالية للمواهب القيادية.
نقلا عن الشرق الأوسط