حماية المستهلك مفهوم تجذر فى كثير من الدول وتمظهر فى شكل جمعيات للقيام بهذا الغرض وكشف ممارسات " تجارية" ضميرها غائب " وخالية من المبادئ ، لهذا أصبحت حماية المستهلك موضوعاً مفضلاً "هدي اليومين". وبموازاة ذلك لا بد من الإقرار بأن شعار "حماية المستهلك ليس كله شراً" لكن ثمة محاذير تأتى من جهة"انه متى ما اختل التوازن تحول من دوره الإيجابي إلى السلبي ".
خاصة اذا تم تبني "أنه لو ترك رجال الأعمال والتجار" على حل شعرهم " فسيحاولون خداع الناس وبيع أغذية لا تصلح للاستهلاك الآدمي، وربما إنتاج وتسويق أدوية مغشوشة و فاسدة.
من هذه البوابة وبالمسوغات السابقة تتدخل الأجهزة الحكومية التي تعنى بالمستهلك وتجادل بأنها تلعب دورًا إيجابيًا لا يمكن الاستغناء عنه فى كبح جماح "طمع" التجار. ويجابه ذلك الرأي بوجهة نظر اقتصادية مفادها ان ما يطلق عليه خصلة" الطمع " في التجار، هي بالتحديد، ما يسميه اقتصاديون "بعزيمة التاجر" لزيادة ربحيته وتنمية أعماله عبر إنتاج سلع جيدة "متعوب عليها"، وقناعاتهم تقول : إنها أفضل حماية" للمستهلك" نفسه.
لا أحد يحاجج فى أن الرقابة بهدف حماية المستهلك موجودة في كل المجتمعات وهناك اقتصاديون يطلق عليهم مصطلح "المؤيدون للجماعية" يضعون ما يرونه فائدة لمجموعة (من الناس) فوق مصلحة الفرد في الجماعة المعينة .وهي وجهة نظر اقتصادية تضع "مجموعة من الناس بدلاً عن الفرد" كأساس للتفاعل مع أي توجه واهتمام سياسي، اجتماعي، أو اقتصادي.
لهذا يعتبر دعاة "حماية المستهلك " من قبيلة مؤيدي "الجماعية "لكن ثمة مشكلة تكمن فى أنهم يرفضون الاعتراف أو إدراك أن من مصلحة التاجر أن يتصرف وفق سلوك حسن يكون له رصيدا فى" بنك " السمعة الطيبة كتاجر أمين وصادق أمام عملائه من المستهلكين.
وبذا فهم يتجاهلون أن" القيمة السوقية" لأي تجارة تقاس بإمكانياتها" الربحية المستقبلية "مثلما تقاس أيضًا بسمعتها الحسنة (goodwill) بل وتعتبر سمعة المنشأة إحدى أهم أصولها الثابتة فهي مثل" الأرض والمصنع ومعداته".
وتعتمد الكثير من الأعمال التجارية على السمعة في الاحتفاظ بولاء المستهلك، كشركات الأدوية و بيع وشراء الأصول المالية، "كالسندات والأسهم والتأمين "وغيرها. وهؤلاء (التجار) يعتمدون كلياً على قيمتهم المعنوية.
وبفضل الثقة المتوفرة فيهم والسمعة الحسنة لذلك نجد ان الأصول المالية التي تقدر بمئات الملايين من الدولارات يجرى تداولها عبر الهاتف يومياً. وأن أقل شك في مصداقية أو أمانة الشخص فى الايفاء بما وعد به على الهاتف يفقده وظيفته بأسرع من لمح البصر وبالتالى يخرج من السوق .
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع