في الحلقة الثامنة والأخيرة من سلسلة المقالات المخصصة لمراجعة أوضاع الاقتصاد القطري في عام 2012،أتناول اليوم بالتحليل بيانات الميزانية العامة للدولة للسنة الحالية 2012/2013 التي تنتهي بنهاية شهر مارس المقبل. ولأن السنة المالية لا زالت مفتوحة، فإن البيانات المتوافرة عنها هي في الواقع إما أولية أو تقديرية، استناداً إلى مصدرين أساسيين هما النشرة الفصلية لمصرف قطر المركزي، وبيانات التقرير السنوي لصندوق النقد الدولي الذي صدر في شهر يناير الماضي. ويهمنا في هذا المقام إبراز الملامح الأساسية للميزانية من إيرادات ونفقات وما يتحقق عليها من فائض سنوي، مقارنة بسنوات سابقة، ومبررات ما يطرأ على الأرقام من تغيرات.
أولاً: الإيرادات العامة:
ارتفعت الإيرادات العامة في العامين الماضيين بشكل مضطرد نتيجة زيادة صادرات المواد الهيدروكربونية من ناحية وارتفاع مداخيل الاستثمارات والرسوم والضرائب من ناحية أخرى، بحيث وصلت إلى 220.1 مليار ريال في السنة المالية السابقة 2011/2012، ويقدر لها أن تصل في السنة الحاليةإلى 294 مليار ريال. وتشيرالأرقام الأولية لنشرة المصرف المركزي عدد ديسمبر الماضي إلى أن الإيرادات في الشهور الستة الأولى من السنة المالية الحالية، أي من بداية إبريل إلى نهاية سبتمبر، قد بلغت 147.7 مليار ريال، أي نصف ما ورد في تقديرات الصندوق لكل السنة. والملاحظ أن إيرادات دخل الاستثمار والضرائب في هذه السنة يقدر له أن يتساوى تقريباً مع إيرادات النفط والغاز لأول مرة في تاريخ قطر أو نحو 147 مليار ريال لكل منهما.
ثانياً: النفقات العامة:
تشير البيانات المتاحة إلى أن النفقات العامة في قطر قد تزايدت بشكل مضطرد في السنوات الأخيرة، بحيث تضاعفت ما بين عامي 2008/2009 والسنة الحالية. وكانت النفقات قد بلغت 165.8 مليار ريال في عام 2011/2012، ويتوقع تقرير الصندوق أن تصل إلى 197 مليار ريال في نهاية السنة الحالية. وتشير البيانات الفعلية لنشرة مصرف قطر المركزي إلى أن إجمالي النفقات في نصف سنة قد بلغت 70.3 مليار ريال فقط. ولأن سداد الدفعات المستحقة على الحكومة تتصف عادة بالتأخير، لذا فإن المتوقع أن يتجاوز الإجمالي في سنة ضعف هذا الرقم –أي 140.6 مليار ريال، وأن يصل إلى الأرقام التي ذكرها الصندوق وهي 197 مليار ريال. وستشكل النفقات الجارية نحو 70 بالمائة من إجمالي النفقات أو نحو 138 مليار ريال. وتتوزع النفقات الجارية بين رواتب وأجور وفوائد الدين العام وأمدادات وأخرى. وقد أدت زيادة رواتب القطريين إلى زيادة ملحوظة في بند الرواتب والأجور، كما أدى تزايد الدين العام- والمحلي منه على جه الخصوص- إلى زيادة ملحوظة في فوائد خدمته إلى أكثر من عشرة مليارات. وفي المقابل، سترتفع النفقات الإنمائية إلى نحو 59 مليار ريال مقارنة بـ 50.1 مليار و 44.2 مليار ريال في العامين السابقين.
ثالثاً: فائض الميزانية العامة:
تشير الأرقام المتاحة إلى أن فائض الميزانية العامة قد ارتفع إلى 54.3 مليار ريال في السنة السابقة، وأنه سيقفز هذا العام إلى نحو 97 مليار ريال وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي. وفي المقابل تبين من الأرقام الأولية لنشرة المصرف المركزي أن الفائض المتحقق في نصف السنة أي ما بين إبريل إلى نهاية سبتمبر، قد بلغ 76.1 مليار ريال، مما يوحي بأن الفائض سيكون أكبر من المتوقع، ويتجاوز إلـ 150 مليار ريال، وهو أمر مشكوك فيه،باعتبار ما أشرت إليه أعلاه من أن النفقات الفعلية سترتفع في النصف الثاني من السنة المالية وبالتالي يتقلص الفائض إلى ما دون المائة مليار ريال. على أنه عند أخذ ما تقدمه الحكومة من قروض ومساهمات بعين الاعتبار فإن الفائض ينخفض في العام الحالي إلى 55.2 مليار ريال.
وبالنسبة لتوقعات السنة التالية 2013/2014 والأعوام القادمة، فإن تقرير الصندوق يقدم ملاحظات مهمة وهي أن الإيرادات الإجمالية سوف تتراجع تدريجياً وببطء إلى أن تصل 288.8 مليار ريال في عام 2016/2017، نتيجة تراجع إيرادات النفط والغاز، بينما ستستمر النفقات في الارتفاع بحيث يعود الفائض إلى التراجع ويصل إلى 9 مليار ريال فقط بعد 5 سنوات، أي في العام 2017/2018.
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع