بلغ بي التأثر مبلغه عصر الثلاثاء وأنا أتابع على الهواء مباشرة فقرات المؤتمر الصحفي لمعالي الشيخ حمد بن جاسم رئيس مجلس الوزراء، ومعالي هشام قنديل رئيس الوزراء المصري. وكان للقرارات التي تم الإعلان عنها أثناء المؤتمر، والخاصة برفع حجم الوديعة القطرية لدى البنك المركزي المصري إلى 4 مليار دولار، مع رفع المنحة المقدمة لمصر إلى مليار دولار، تأثير عميق في نفسي، وفي نفوس كل الشرفاء من هذه الأمة الذين يسرهم هذا التلاحم الأخوي المنقطع النظير بين دولتين عربيتين مهمتين. فالكل كما قال معالي الشيخ حمد يُدرك أهمية أن تعود مصر إلى مكانها الطبيعي في مقدمة القاطرة العربية،كي تكون عوناً لبقية الدول العربية لا عبئاً عليها كما كانت في العهد السابق.
وقد تكالبت على مصر خلال العامين الماضيين ضغوط كثيرة أثقلت كاهلها وكادت أن تُفشل ثورتها وانطلاقتها نحو المستقبل الزاهر بإذن الله. وكان الضغط الاقتصادي والمالي هو أشدها ضراوة وقسوة، وقد بدا أنه سيُفلح في تحقيق ما عجزت عنه الضغوط السياسية؛ فالاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي بات مؤخراً عند الحد الأدنى،وسعر صرف الجنيه يتراجع بشكل ملحوظ إلى أدنى مستوياته، وعجلة الإنتاج لم تبدأ بعد في الدوران على النحو المطلوب في كثير من المرافق ومن بينها السياحة. ووسط هذه الظروف غير المواتية يستعد صندوق النقد الدولي لبدء جولة جديدة من المشاورات مع الجانب المصري، لبحث تفاصيل قرض بقيمة 4.8 مليار دولار لمصر. وقد كان من شأن الظروف غير المواتية التي تواجهها مصر أن تضع ضغوطاً إضافية على الجانب المصري قد تدفعه لتقديم تنازلات، ومثل هذه التنازلات كانت كفيلة بتفجير موجة جديدة من الاحتجاجات من فريق من المصريين، وهو الأمر الذي سيزيد الأمور تعقيداَ.
لكن حكمة القائد الكبير حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وبُعد نظره جعلته يبادر إلى دعم الأشقاء في مصر من أجل تعديل الموازين المختلة، وتعزيز الثقة في اقتصاد مصر وقدرتها على تجاوز الظروف الصعبة. فالاقتصاد المصري بطاقاته وكوادره البشرية الهائلة، ونيله العظيم، وسده العالي، وقناته المحروسة ...بحقوله الخضراء، ومصانعه التي ستعود للعطاء، بمناجمه وثرواته، بجامعاته وأزهره،،، بتاريخه وجغرافيته .... كلها مقومات نجاح قادرة على بناء نهضة شاملة ستعود بالخير على مصر وأمتها العربية.
ولقد عادت بي الذاكرة وأنا أتابع المؤتمر الصحفي إلى حادثة وقعت قبل 43 عاماً وتحديداً في عام 1969 عندما جاءنا في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة وزير الاقتصاد والمالية الأسبق الدكتور حسن عباس زكي، ليشرح لنا الظروف التي تواجهها مصر بعد نكسة 1967، والجهود التي تُبذل لإعادة البناء والتعمير والاستعداد للتحرير،،، يومها قال الوزير إن مصر تفاوضت مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض محدود وأنها حصلت عليه بفائدة 7% بعد مفاوضات شاقة مع بعثة الصندوق،، وقال بألم وحسرة إن القرض في حقيقته مقدم من دول عربية إلى مصر عبر الصندوق الدولي، وأنه كان بالإمكان الحصول على القرض بشروط ميسرة لو تدخلت الدول العربية المعنية.
اليوم يتكر المشهد وإن بصورة مختلفة،،،، المال القطري يسبق الصندوق الدولي في الوصول إلى مصر بمبالغ كبيرة تفوق قيمة القرض المطلوب، وبشروط ميسرة بعضها منحة خالية وبعضها وديعة..... وبذلك سيكون الجانب المصري أكثر قوة في تفاوضه مع الصندوق وأكثر قدرة على المناورة... لله درك يا أمير فقد رفعت رؤوس العرب عاليه، وسطرت للأمة تاريخاً مجيداً سُيكتب بحروف من نور وبمداد من ذهب... وبوركت يا قطر شعباً عزيزاً داعماً للحق مجاهداً في سبيله.... والله أكبر وعاشت مصر وقطر عزيزتان عظيمتان على مدى التاريخ .
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع