على الرغم من التحسن المحدود الذي طرأ على أحجام التداولات في البورصة القطرية في الثلاث جلسات الأخيرة، والذي رفعها إلى مستوى 200 مليون ريال في المتوسط، إلا أن ذلك المستوى لا يزال بعيداً عن المستوى المأمول لهذه الفترة من السنة، والذي لا يقل عن 350 مليون ريال. ورغم أن الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر شكل 30% من ناتج المملكة العربية السعودية، ورغم أن الرسملة الكلية للبورصة القطرية شكلت 37% من رسملة السوق السعودي للأسهم، إلا أن قيمة التداول في البورصة كانت تقل عن 8%من إجمالي قيم التداول في السوق السعودي والأرقام كلها لعام 2011. ولقد اقترحت في المقال السابق العودة للسماح بالتورق بالأسهم لدى البنوك وشركات التمويل الإسلامية باعتبار أن هذا النمط من التعاملات- الذي توقف منذ أكثر من 3 أعوام- كفيل بضخ سيولة إضافية للبورصة. وقد بحثت في خلفيات هذا الموضوع خلال الأيام الماضية ووجدت ما يلي:
أولاً: أنه من حيث أحجام التداولات التي يمكن أن تتم عن طريق التورق، تبين لي أن أحد البنوك الإسلامية كان يتعامل مع إحدى شركات الوساطة بما لا يقل عن 30 مليون ريال يومياً، وأنه لو عممنا ذلك على بنوك إسلامية أخرى وشركات تمويل، ومع شركات وساطة أخرى، فإن مبلغ التداولات المتوقع إضافته عن طريق التورق قد لا يقل عن مائة مليون ريال يومياً.
ثانياً: انه من حيث مشروعية هذا النوع من التعاملات، وجدت بالبحث في الموضوع أن مصرف قطر المركزي كان قد استفتى هيئات الرقابة الشرعية العاملة لدى البنوك الإسلامية، وتبين له أن بعض هذه الهيئات قد أقر العمل بالتورق، وبعضها الآخر قد رفضه أو تحفظ عليه. وقد استعمل المصرف المركزي سلطته كهيئة رقابة عليا وقرر وقف تعاملات التورق رغم أنه ليس لديه هيئة رقابة شرعية عليا أو مركزية تخوله اتخاذ هكذا قرار. ولما كان من المتعارف عليه أن في اختلاف العلماء والفقهاء رحمة للأمة، فقد كان من المنطقي ترك كل بنك يعمل وفق ما تراه هيئة الرقابة الشرعية لديه. وكما أشرت في المقال السابق إن ما يهم المصرف المركزي هو الحد من المخاطر في العمليات المصرفية بما يضمن سلامة الجهاز المصرفي،،، وعمليات التورق ليس فيها مخاطرة على البنوك إلا إذا تحولت إلى النوع الآخر الذي يمنعه المصرف المركزي عن كل البنوك -إسلامية وغير إسلامية- وهو تمويل الإتجار بالأسهم. ولكي لا يحدث التحول إلى المحظور، وحتى لا تحدث مشاكل وشكاوى من العملاء بسبب سوء التطبيق،كما كان يحدث سابقاً، فإنه كان من الضروري التحوط ببعض الضوابط التي تحول دون ذلك. ومن هذه الضوابط المقترحة أن يحدد البنك الإسلامي للعميل فترة محددة لبيع الأسهم بعد شرائها لا تزيد عن دقائق معدودة مثلاً، أو أن يتولى البنك نيابة عن العميل-وبوكالة منه- تنفيذ عمليات البيع والشراء لصالحه وبإطلاعه.
الجدير بالذكر أن بعض عمليات التورق تتم الآن باستخدام السلع وخاصة الذهب، ويحدث ذلك في الأسواق العالمية، وهو ما يترتب عليه حصول جهات خارجية للعمولات بدلاً من البورصة القطرية.
وعليه، فقد يكون الأمر بحاجة إلى بحث واستقصاء من جديد طالماً أنه يشكل أحد المداخل المهمة التي تعيد لبورصة قطر حيويتها، وزخم تداولاتها. وقد يكون من الضروري أن يبحث المركزي فيما إذا كانت البنوك الإسلامية الأخرى في الدول العربية والإسلامية-وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي- تجيز التورق باستخدام الأسهم أم لا.
ويظل ما كتبت رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ،،، والله جل جلاله أجل وأعلم،،،
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع